Mar 28, 2019 4:21 PM
اقتصاد

أزهــري في غداء "بنك لبنان والمهجر" على شرف الإعلام:
لبنان ليس مفلساً هناك سوء إدارة ويجب الإسراع في الإصلاحات

المركزية- طمأن رئيس مجلس إدارة مدير عام بنك لبنان والمهجر سعد أزهري إلى أن "لبنان ليس بلداً مفلساً ولا نرى انهياراً فيه، إنما هناك سوء إدارة، ونطالب كقطاع مصرفي بالإسراع في الإصلاحات، ولا نرى سبباً لعدم المباشرة باتخاذ الإجراءات اللازمة للخروج من الوضع القائم"، وإذ أكد أن "الوضع المصرفي سليم جداً"، شدد على "وجوب خفض نسبة العجز وبالتالي عودة الثقة كي تعود وتنخفض معدلات الفوائد".

كلام أزهري جاء في مأدبة غداء أقامها بنك لبنان والمهجر على شرف الصحافيين والإعلاميين في فندق "Four Seasons " "تكريماً لعطاءاتهم وتفانيهم في العمل الصحافي"، وحضرها نقيب الصحافة عوني الكعكي، نقيب المحررين جوزيف قصيفي، كبار الصحافيين والمحللين، وأبرز المسؤولين في المصرف.

أزهري: وألقى أزهري في المناسبة، الكلمة الآتية: "يسعدني باسمي وبإسم بنك لبنان والمهجر أن أرحّب بكم في هذا اللقاء التقليدي الذي يجمع بنك لبنان والمهجر مع أركان الصحافة والإعلام في لبنان. ونحن حريصون دائماً على أن نُبقي قنوات التواصل مع الإعلام والصحافة مفتوحة، وذلك من قناعتنا بأن الصحافة النزيهة والإعلام المستنير هما من المقوّمات الرئيسية  للحياة الديموقراطية في لبنان، كما أنهما يشكّلان أحد أهم مصادر التحليل والاستقصاء والمعلومات لمختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تصبّ في مصلحة البلد ومستقبله. فأهلاً وسهلاً بكم، وأملي أن تبقى رسالة الصحافة والإعلام في لبنان منارة تُضيء كل جوانب الحياة فيه، وأن يبقى القطاع المصرفي الحجر الأساس في عمل الاقتصاد اللبناني وتطوّره.

ما أحبّ أن أركّز عليه في كلمتي اليوم هو أبرز خصائص القطاع  المصرفي اللبناني من جهة، وأهمية الإصلاحات الاقتصادية والمالية من جهة أخرى. كلّنا نعلم الإنجازات المصرفية للقطاع، فهو المموّل الرئيسي للقطاعات الخاصة المنتجة حيث تبلغ قروضه في هذه المجالات ما يزيد عن 100% كنسبة من الناتج المحلي، كما بلغت القروض المدعومة منها ما يقارب الـ15 مليار دولار، ويوظّف القطاع أكثر من 26,000 موظف وموظفة تبلغ حصة الشباب ومن هم دون سن الأربعين منهم الـ60%، إضافة إلى الدور المحوري الذي يلعبه القطاع بالتعاون مع مصرف لبنان في تثبيت الاستقرار النقدي والمالي. لكن ما هو غير معلوم بقدرٍ كافٍ عن القطاع المصرفي، هو النشاطات الريادية التي يقوم بها في مجالات المسؤولية الاجتماعية، والناتجة عن قناعته الراسخة بأن قوّة القطاع وسلامته تنبع من قوّة وسلامة المجتمع، والتي أدّت بالتالي إلى تعزيز الحياة الإنسانية والتعليمية والاجتماعية في لبنان. ولعلّ من أهمّ المبادرات التي قام بها حديثاً – وفي الحقيقة الأسبوع الماضي– هو دعمه لحملة "فكّر بلبنان" التي تهدف إلى استنهاض الاقتصاد عن طريق تشجيع الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة المحلية في لبنان والعمل على توظيف الشباب اللبناني والحدّ من نزيف الهجرة. وهي حملة يمكن لقطاعكم الكريم المشاركة في نشرها ونجاحها والمساهمة وبالتالي في دعم وتشجيع الاقتصاد الوطني في هذه المرحلة الصعبة التي نمرّ بها.

بالطبع إن صعوبة هذه المرحلة قد تركت تداعياتها على ربحية ونموّ القطاع المصرفي، خصوصاً أنها اقترنت بضرائب جديدة ومرتفعة على إيرادات القطاع. لكن ما أودّ أن أركّز عليه في هذا النطاق هو أن صعوبة هذه المرحلة تقتضي القيام بإصلاحات شاملة ومطلوبة للاستفادة من مؤتمر "سيدر" ولإنعاش الاقتصاد وتحديثه. ومن ضمن هذه الإصلاحات هي الإصلاحات في المناخ الاستثماري بهدف تعزيز القدرة التنافسية وتشجيع الاستثمار، والإصلاحات في الحوكمة الرشيدة بهدف وقف الفساد وتحسين أداء المرافق العامة. لكن من أهمّ وألحّ هذه الإصلاحات هي الإصلاحات في المالية  العامة، حيث ارتفع عجز الميزانية كنسبة إلى الناتج إلى11% في عام 2018 نتيجة سلسلة الرتب والرواتب ويجب خفضه إلى 8% في العام 2019 للتقيّد بشروط مؤتمر "سيدر". ويُعتبر الإصلاح المالي المدخل الرئيسي للنمو الاقتصادي الشامل ولخلق فرص عمل، إذ أنه يرفع من التصنيف الائتماني ويخفّض أسعار الفائدة ويوفّر المزيد من التمويل إلى القطاع الخاص. ويتضمّن الإصلاح المالي في أهمّ بنوده وقف التهرّب الضريبي وتحسين الجباية التي في إمكانها زيادة الإيرادات تدريجاً إلى 4 مليارات دولار، وترشيد الإنفاق خصوصاً في ما يتعلّق بكهرباء لبنان، إضافة إلى إصلاح نظام التقاعد للحدّ من نفقاته ولتوفير المساواة بين المستفيدين. ولا أبالغ القول إن خلاص الاقتصاد يعتمد في الدرجة الأولى على خلاص المالية العامة.

ولا يخفى على أحد صعوبة وحساسية الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية التي تتطلّب معالجتها جهوداً متواصلة من مختلف الجهات المعنية. وهذا لا يشمل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية فقط، بل السلطة الرابعة أيضاً المتمثّلة في حضراتكم، إضافةً إلى القطاع الخاص الذي يمثّل القطاع المصرفي جزءاً لا يتجزأ منه  وإلى مختلف فاعليات المجتمع المدني. وكلّنا أمل في أن تؤدّي كلّ هذه الجهود في المستقبل القريب إلى أداءٍ أفضل للاقتصاد اللبناني يليق بتطلّعات أبنائه وبناته ويواكب التطوّرات الحديثة في الاقتصادات العالمية.

وفي الختام، لا يسعني إلا أن أشكركم جزيل الشكر على تلبية دعوتنا وحضوركم معنا اليوم، متمنّياً المزيد من التواصل المثمر بين القطاع المصرفي وأهل الصحافة والإعلام، ومتمنّياً بالطبع غداءً شهيّاً وألف صحّة لكم.

حوار: وفي معرض ردّه على أسئلة الصحافيين، أكد أزهري أن "لبنان ليس مفلساً ولا نرى انهياراً فيه، إنما هناك سوء إدارة، ونطالب كقطاع مصرفي بالإسراع في الإصلاحات، ولا نرى سبباً لعدم المباشرة باتخاذ الإجراءات اللازمة للخروج من الوضع القائم"، وشدد على أن "الوقت حان للقيام بالإصلاحات بوتيرة أسرع،

هناك إصلاحات قابلة للتطبيق في وقت قصير وأخرى تتطلّب وقتاً".

وأشار رداً على سؤال إلى أن "الارتفاع الكبير لمستوى الفوائد في لبنان إن بالليرة اللبنانية أو بالدولار، بسبب المشكلات السياسية"، واعتبر أن "الدعوة ملحّة إلى وجوب خفض نسبة العجز وبالتالي عودة الثقة كي تعود وتنخفض معدلات الفوائد".

وأكد أن "رئيسيّ الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري ومجلس الوزراء متفقون على ضرورة إجراء الإصلاحات"، وشدد على أن "الإصلاح الأهم الذي يجب المباشرة به أولاً هو إصلاح مالية الدولة"، متوقعاً أن "تبدأ الحكومة الإصلاحات المطلوبة في الأسابيع المقبلة".

بومبيو والعقوبات: وعن زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأخيرة إلى لبنان، وعما إذا كان يحمل أي رسالة حول العقوبات الأميركية وهل من إجراءات في هذا الشأن، قال أزهري: زيارة بومبيو سياسية بحتة، ولم يحمل أي رسالة للقطاع المصرفي، لكن كان سبقه وزير الخزانة الأميركية إلى لبنان عارضاً موضوع العقوبات. فالغرب يعلم جيداً أن الاقتصاد اللبناني يعتمد على أموال المغتربين وتحويلاتهم... والقطاع المصرفي يلتزم بكل المعايير والقوانين العالمية، وهو يتصرّف بما يصبّ في مصلحة لبنان والمصارف اللبنانية على السواء.

أضاف رداً على سؤال: اليوم هناك موضوع العقوبات على إيران وملف النظام السوري و"حزب الله"، نحن معنيون بها كلها، وبالتالي مُجبرون على الالتزام بالعقوبات لمصلحة اللبنانيين جميعاً، علماً أن هناك تطمينات أعقبت صدور العقوبات على بعض الأفراد والشخصيات، أكدت أن لا استهداف للمجتمع ككل.

القروض والتهرّب الضريبي: وعن القروض السكنيّة، أشار إلى أن "القروض العادية فوائدها عالية، في حين أن القروض المدعومة محدودة، كما أن حجم الدعم صغير، وهنا المشكلة على المواطنين".

وإذ طمأن إلى أن "الدولة اللبنانية لديها أملاك ولبنان بلد غني"، لفت أزهري إلى "وجود تهرّب ضريبي بقيمة ٤ مليارات دولار"، معتبراً أن "مراقبة الرسوم الجمركيّة وحدها تؤمّن مليار دولار للخزينة العامة، إلى جانب عجز الكهرباء بملياريّ دولار".

ولم يغفل أزهري الإشارة إلى "ضرورة إصلاح قطاع الكهرباء، مشدداً على وجوب رفع سعر التعرفة الكهربائية"، وقال: الوضع ليس سليماً يجب أن يتحلّى المسؤولون بالشجاعة الكافية لاتخاذ الإجراءات الإصلاحية في قطاع الكهرباء،  ثم الحدّ من ارتفاع معدلات العجز، ثم موضوع نظام التقاعد. وذلك يلزمه قرار حكومي شجاع.

الوضع المصرفي: وعن تقرير "موديز" قال "الوضع المصرفي سليم جداً، إنما تقرير "موديز" أشار إلى تأثر القطاع بالأوضاع العامة في البلد"، ولفت إلى أن "ربحيّة القطاع المصرفي اللبناني هي الأقل مقارنة بالقطاع الموجود في أي بلد آخر في الشرق الأوسط، في حين أن القطاع المساهم، وهو القطاع المصرفي، يجب أن يحصّل ربحية أكثر".

أضاف: القطاع المصرفي يعاني من الوضع غير السليم في البلد، حيث تسدّد المصارف ضرائب تصل إلى ٣٩ في المئة، وتدفع ٦٠ في المئة من مجموع ضرائب الشركات. القطاع المصرفي شفاف إلى أقصى حدّ وهو يقوم بواحباته كاملاً.

وعن أرباح المصارف، أشار إلى انخفاض أرباح القطاع المصرفي في لبنان بنسبة قاربت الـ3٪ ، وتحديداً تراجعت نسبة أرباح بنك لبنان والمهجر في لبنان في حين أن أرباحنا في مصر زادت ٦٠ في المئة، وكذلك في الدول الأخرى.

 وعما إذا كان القطاع المصرفي مستعداً لدعم الدولة بإقراضها 7 مليارات دولار بفائدة صفر%، كما تردّد أخيراً،  على غرار ما فعل في مؤتمر "باريس 2"، أجاب أزهري: القطاع المصرفي داعم دائماً للدولة اللبنانية، سبق واكتتبنا في سندات خزينة بفائدة صفر في المئة في باريس 2، أما اليوم فتصل فائدة السوق إلى ١٠ في المئة. لكننا نعوّل على أن في حال أُجريت الإصلاحات المطلوبة، عندها تعود الثقة وبالتالي تنخفض الفوائد عندئذٍ نبادر إلى الدعم.

حملة "فكَر بلبنان": ورداً على سؤال عن دور المصارف في حملة "فكّر بلبنان" التي يرعاها بنك لبنان والمهجر، قال أزهري: نحيّي المبادرة ونحن ندعم هذه الحملة، وهناك متابعة لها من القصر الجمهوري بعدما تبنّاها الرئيس عون. ونحن نشجع اللبنانيين من خلالها، على صرف الأموال في السوق اللبنانية، ونأمل من الجميع دعم هذه الحملة.                               

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o