Mar 14, 2019 10:48 AM
اقتصاد

مثّل البستاني في مؤتمر "واقع المياه في لبنان إدارةً ومشاريع"
زخور: ليس مقبولاً بعد اليوم التردّد في تخزين مياهنا السطحية
ومعالجة الصرف الصحي ونفاياتنا الصلبة فالحاجة كبيرة للتضامن

المركزية- أعلنت وزير الطاقة والمياه ندى البستاني أن "ليس مقبولاً بعد اليوم، أن نتردّد أو نختلف في ما خصّ تخزين مياهنا السطحية، كما في  معالجة مياه الصرف الصحي، أو معالجة نفاياتنا الصلبة التي باتت تلوّث مياهنا وهواءنا، وتحرمنا من حقنا في أدنى مقوّمات العيش بكرامة"، وشددت على "إننا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى بحاجة الى التضامن والتفاعل لمواجهة التحديات التي تفرضها الظروف الراهنة، والتي ترخي بثقلها على قطاع المياه وغيره من القطاعات، وخصوصاً مع تفاقم الوضع المتأتي من مشكلة النزوح، وما يفرضه من متطلبات وأعباء اقتصادية واجتماعية ومالية".

كلام الوزيرة البستاني جاء خلال رعايتها مؤتمر "واقع المياه في لبنان، إدارةً ومشاريع" في نقابة المهندسين في بيروت، ممثلة بمستشارها لشؤون المياه والسدود زياد زخور، والذي افتتح أعماله مساء أمس بمشاركة رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت، ورئيس لجنة الموارد المائية في اتحاد المهندسين اللبنانيين غانم سليم، في حضور الوزير السابق عادل قرطاس، شخصيات وفاعليات معنيّة، وأعضاء من النقابة ومهندسين، بتنظيم اتحاد المهندسين اللبنانيين – لجنة الموارد المائية.

زخور: وألقى زخور الكلمة الآتية: "يسرّني اليوم أن نلتقي في هذا الصرح الكريم - بيت المهندس الذي يجمعنا في مؤتمر تحت عنوان "واقع المياه في لبنان، إدارةً ومشاريع"، برعاية وزير الطاقة والمياه ندى البستاني، التي يشرفني تمثيلها.

"إن الله جعل من الماء كل شيء حيّ"، فلا حياة من دون مياه، ولا مياه من دون رؤية وأمل بغد أفضل، ولا أمل بغد أفضل من دون تخطيط ومثابرة وعمل مشترك، ولا تخطيط من دون تحديد أهداف، ولا أهداف من دون مبادرات وخطوات عملية، من شأنها تأمين الاستدامة لقطاع المياه، وبالتالي توفير المياه، لكل مواطن، بالكمية والنوعية المطلوبة، في الحاضر والمستقبل.

لذلك أعدّت وزارة الطاقة والمياه بين عامي 2010 و2011 مع تولي معالي الوزير المهندس جبران باسيل حقيبة وزارة الطاقة والمياه، ما سُمّي بـ "الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه"، انطلاقاً من الخطة العشرية الموضوعة من قبل وزارة الطاقة والمياه والتي كانت قد صدرت بموجب قانون برنامج عام 2005، إضافة الى الخطط والبرامج المتفرّقة، التي كانت معدّة من قبل مؤسسات المياه، والمجالس العاملة في هذا القطاع.

إن الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه، التي وافق عليها مجلس الوزراء عام 2012، أتت لتضع حداً لحالة الإهمال والفوضى العارمة، التي كان يعاني منها قطاع المياه، والتي تجلّت في غياب التشريع وعدم تطوير وتطبيق القوانين، وانعدام التنسيق بين الجهات المعنية، ممّا أدّى إلى ارتفاع العجز، والفشل في توفير المياه للمستهلك، وما تبع ذلك من تعدّد الفواتير وارتفاع الأعباء الملقاة على كاهل المواطن.

إن وضع استراتيجيات وطنية موحّدة للقطاعات كافة في لبنان، بمشاركة جميع الجهات المعنية بها، كتلك التي أُعدّت من قبل وزارة الطاقة والمياه، غايتها: توحيد الرؤية، وتحديد الأهداف، واعتماد خارطة لاستراتيجية موحّدة تسلكها الدولة، بجميع مكوّناتها وإداراتها المعنيّة، للنهوض بقطاع المياه، وتأمين الاستدامة له، عبر معالجة الإخفاق في النواحي كافة، القانونية والإدارية والتنظيمية والمالية، وتلك المتعلقة بالبنى التحتية.

إن تعاطي مجتمعنا مع ثرواتنا الطبيعية، ولا سيما المائية منها، هو خير مؤشر إلى المستوى الاجتماعي والفكري، الذي سبق وهَيمن علينا لعقود من دون أن ينل من إرادتنا. فهو للأسف لم يكن يوماً ليعبّر عن حقيقة قناعاتنا وثقافتنا، أو ليتلاءم مع تطلعاتنا وإيماننا بالمستقبل الذي نتوق إليه كلبنانيين.

إن الثروة المائية في لبنان هي عطيّة سماوية، خصّ بها الله اللبنانيين، وحتى اليوم لم ندرك مدى أهمية هذه العطيّة. فإذا كان سعر الليتر الواحد من المياه المُعَد للشرب، يتخطّى في معظم البلدان سعر النفط الذي نفتقده حتى اليوم، ماذا فعلنا للحفاظ على هذه المياه لغد أفضل؟ نعم لقد تباهينا بمياهنا، وتحدثنا عنها كثيراً، واقتصرت أفعالنا على الكثير من الكلام، إلى جانب الكثير من الهدر والتلويث لهذه المياه.

للأسف أهملنا مياهنا، وتركناها عرضة لشتى أنواع الهدر والتلوّث، واعتدنا أن نروي عطشنا في فصول الغزارة، وبعدها ندوس على ما فاض لدينا من مياه،  لنعود في فصول الجفاف فنشتهي شرب ما داسته أقدامنا. للأسف هذا كله لا يليق لا بنا ولا بثقافتنا ولا بتاريخنا.

ليس مقبولاً بعد اليوم، أن نتردّد أو نختلف في ما خص تخزين مياهنا السطحية، كما في  معالجة مياه الصرف الصحي، أو معالجة نفاياتنا الصلبة التي باتت تلوّث مياهنا وهواءنا، وتحرمنا من حقنا في أدنى مقوّمات العيش بكرامة.

إذا كانت صحة بيئتنا من صحة مياهنا وهوائنا، فإن مسؤوليتنا اليوم كمهندسين، العمل على تطوير القوانين التي ترعى مهنتنا، تماشياً مع تجدّد وتطوّر رؤيتنا وأفكارنا، للحفاظ على ثروتنا المائية وحمايتها. فالاختلاف في وجهات النظر العلمية، هو دليل غنى، والنقاش العلمي بعيداً من الضجيج، والتشويش، والمصالح الخاصة والآنية، يغني الطرحات، ويدعّم الحلول، ويشجع المبادرات، بما فيه مصلحة الوطن والمواطن.

حضرة الزملاء الكرام، أملنا في أن تشكّل نقابة المهندسين المرجع الصالح، لدعم الدولة اللبنانية، على المستويين التنفيذي والتشريعي، ومن خلال اللجان الاستشارية، التي يفترض أن تضمّ النخب من المرجعيات الهندسية، على تنوّع اختصاصاتها.

إن نقابة المهندسين، تعتبر المكان الملائم للنقاش العلمي والهندسي، بعيداً من التجاذبات من أي نوع كانت. إننا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى بحاجة الى التضامن والتفاعل، لمواجهة التحديات التي تفرضها الظروف الراهنة، والتي ترخي بثقلها على قطاع المياه وغيره من القطاعات، وخصوصاً مع تفاقم الوضع المتأتي من مشكلة النزوح، وما يفرضه من متطلبات وأعباء اقتصادية واجتماعية ومالية.

الحضور الكريم، زملائي المهندسات والمهندسين، دعوتنا اليوم للراغبين في التباري والمنازلة، أن يكون ذلك في صنع الصالحات، وفي سبيل البناء وليس في سبيل الهدم والتعطيل. وليتحَدَّ كل طرف نفسه، في تقديم الأفضل، بدلاً من مصارعة الآخر. وليبنِ كل فريق خصمه في الرؤية، من خلال مساندته في طروحاته البنّاءة وليس من خلال العرقلة والتصدّي. فلو اعتمدنا هذا النهج البنّاء، منذ عشر سنوات، لكنا اليوم ننعم بكميات أكبر من مياه السدود والبحيرات التي أخّرتها العراقيل. فما هو فساد البيئة بمياهها وهوائها اليوم، إلا نتيجةً لفساد الفكر الذي يتجلى بأشكال عديدة على المستوى الأخلاقي.

لم نَخَفْ يوماً ممّن يقتل الجسد، وبعدها لا يستطيع أن يفعل أكثر. إنما خوفنا اليوم على ما يملّحُنا في هذا الشرق، وهو ثقافتنا وإيماننا، الذي إذا فَسُدَ، له سلطان أن يُهلكُنا جميعاً، وأن يُحَوّلَ جَنّتنا لبنان إلى جَهَنّمْ. من ثمارهم تعرفونَهُم، فالشجرة الصالحة تعطي الثمار الصالحة، والشجرة الرديئة تعطي الثمار الرديئة...

فإذا لم نتجدّد على مستوى الرؤية والفكر، فلا يمكن أن ننتج تغييراً، ولن تكون لقطاع المياه ثماراً جديدة. آن الأوان للعمل معاً، حفاظاً على ما تبقى من مياهنا السطحية والجوفية، كي نوفر لنا ولأبنائنا حياة كريمة وبيئة سليمة.

ختاماً، نشكر المنظمين ونقابة المهندسين في بيروت على استضافتها لهذا المؤتمر، ونتمنى أن تحقق الحلقات والنقاشات المنتظرة، الغاية المَرجوّة، وأن تُستَتْبَعْ مُستقبلاً، دعماً لتنفيذ الاستراتيجيّات الوطنية كافة، ولمناقشة الأمور العلمية المتعلقة بها، وكي تقترن الأقوال بالأفعال حفاظاً على السلامة العامة، وسلامة الوطن والمواطن. شكراً لكم، وإلى اللقاء في حلقات وندوات مثمرة لاحقاً، إن شاء الله".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o