جمود ثقيل يلفّ ضفّة التأليف.. إنعاش المبادرة الرئاسية لا يزال ممكنا؟
الخرق بتنازلات متبادلة وبأخذ تركيبة الحريري كما هي..وحزب الله:لم نعد الى الصفر
بكركي تذكّر الدولة بحقوقها "السيادية"..الولايات المتحدة تخرج من سوريا وتركيا تدخلها؟

المركزية- صحيح ان الشعب اللبناني اعتاد خيبات الامل والمفاجآت غير السارة، وهو ما عاد اصلا يصدّق الوعود بالفرج والقيامة التي يسمعها من هذا المسؤول او ذاك، الا ان آخر "اللّكمات" التي تلقاها والتي تمثلت بانتكاس المبادرة الرئاسية لتأليف الحكومة، لم يتمكّن المواطن بعد من الاستفاقة من صدمتها، اولا لكونها أظهرت أحجاما غير مسبوقة من "الانانيات السياسية" فيما البلاد على شفير الهاوية اقتصاديا وامنيا، وثانيا لعدم قدرته على استيعاب ما حصل، وفق ما تقول مصادر مراقبة لـ"المركزية": فهل يعقل الا يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نسق مبادرته الانقاذية مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حتى يطرح الاخير في اللحظات الاخيرة، سلّة مطالب وزارية جديدة في وقت كان يفترض ان تكون العقدة السنية آخر العقد؟ وهل يعقل ايضا ان يكون صراع على الثلث المعطل، بين من يفترض ان يكونا حليفين اي حزب الله والتيار الوطني  الحر، خلف التعثر؟ الاجابة قد لا تكون مهمة الآن، فـ"الجريمة"، على حد توصيف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وقعت. والتعويل اليوم، في عيد الميلاد، على "طفل المغارة" علّه يمسّ بتواضعه وتعفّفه، العقول المتشددة فيحقق "معجزة" وطنية لا حكومية فقط، تبدو بعيدة المنال...

انعاش الوساطة ممكن: عمّ جمود ثقيل الساحة السياسية اليوم، سببه توقف المبادرة الحكومية، وعزّزه دخول البلاد مدار عطلة عيد الميلاد. فلم تشهد خطوط التأليف اي حركة. وفي وقت ذهب بعض المتشائمين الى حد نعي الوساطة الرئاسية، وقد اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ان "غلطة الشاطر بألف غلطة مضيفا"اغفر لهم يا ابتاه"، قال مراقبون ان إنعاش الاتصالات من "الكوما" التي دخلت فيها، قد يكون ممكنا شرط عودة اللاعبين السياسيين كلّهم الى خانة تقديم التنازلات: فيتنازل الرئيس عون عن وزير سني لصالح اللقاء التشاوري، ويقبل التشاوري بشخصية وسطية تمثّله، ويسلّم الاطراف المحليون كلّهم بالتوزيعة الحكومية التي وضعها الرئيس المكلف سعد الحريري، كما هي، كمّا ونوعا...

الراعي والجريمة: في الاثناء، حضرالواقع المحلي القاتم في الرسالة التي وجهها البطريرك الراعي في مناسبه الميلاد، فتطرق اليه بكلمات من العيار الثقيل ومن دون قفازات، فقال "لا يحقّ للمسؤولين في السّلطة العامّة التّلكّؤ عن أداء ما يتوجّب على الدّولة تجاه هذه المؤسّسات من مستحقّات ماليّة في وقتها، حمايةً لنشاطاتها في خدمة المواطنين، فيما هم يحمون الفساد والمفسدين، وتبديد المال العامّ، ويدّعون بأنّ الخزينة فارغة، وأنّهم إذا دفعوا المستحقّات، فهم يسجّلون ديونًا إضافيّةً على الدّولة، ومع ذلك ما زال أصحاب الشّأن يماطلون في تأليف الحكومة منذ سبعة أشهر، ويتفنّنون في خلق العقد في كلّ مرّةٍ تصل الحلول إلى خواتيمها. وهم غير آبهين بالخسائر الماليّة الباهظة التي تتكبّدها الدّولة والشّعب اللّبناني، أليس هذا جريمة؟ هذا ما أثار غضب الشّعب أمس، فقاموا بتظاهراتٍ محقّة، لا أحد يعرف عواقبها الوخيمة، إذا استمرّ السّياسيّون المعنيّون في مناوراتهم؟ وسأل "أين هم من تطبيق اتّفاق الطّائف نصًّا وروحًا، وقد مضى عليه ثلاثون سنة، وأرادوه مدخلاً لإعادة بناء الدّولة عبر توسيع المشاركة في الحكم والإدارة، وتعميمها ونشر اللاّمركزيّة الإداريّة الموسَّعة والإنماء الشّامل"؟

احادية السلاح: اما قرع طبول الحرب على الحدود الجنوبية من قِبل تل ابيب، فعلّق عليه الراعي سائلا "ما القول عن الخوف من حرب جديدة مع إسرائيل، والدولة لا تمتلك أحادية السلطة والسلاح، لكي تخرج لبنان من ساحة الصراع في المنطقة"؟ مذكّراً "بان الدولة لا تستطيع ميثاقيا ودستوريا ودوليا التخلي عن دورها في تنفيذ القرارات والسياسات الدولية، بخاصة النأي بالنفس وتطبيق القرار 1701. ولا يحق لها التنازل لأي طرف عن حقها وواجبها بالقرار الأوحد في قضية الأمن القومي اللبناني وفي السياسة الخارجية والعلاقات الدولية".

لهجة حاسمة: واذ استوقفت هذه النبرة الواضحة والحاسمة في خطاب بكركي مصادرَ سياسية، ربطتها عبر "المركزية" بالتموضع التاريخي للكنسية المارونية من جهة، وبما يمكن ان يكون الراعي سمعه في زيارته الاخيرة للفاتيكان من نصائح وتحذيرات، من جهة ثانية، اشارت المصادر الى ان الجدير ذكره ان هذه المواقف تأتي عشية لقاء سيجمع البطريرك الى رئيس الجمهورية غدا في الصرح الذي يزوره الرئيس عون للمشاركة في قداس الميلاد.

لم نعد الى الصفر: وفي انتظار ما يمكن ان تحمله اتصالات "المعايدة" على الصعيد الحكومي- وقد اتصل اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري برئيس الجمهورية مهنّئا- بدا حزب الله، وهو عراب اللقاء التشاوري، مستعدا للتعاون مجددا مع  المبادرة الرئاسية من حيث توقفت، اذ اشار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الى  "اننا لا نقول اننا عدنا الى نقطة الصفر، لكن لا تزال هناك عراقيل في تأليف الحكومة"، داعيا الجميع الى "الحوار الذي هو مخرج لحل هذه الازمة". اما التيار الوطني الحر فبقي على رفضه اتهامه بالتعطيل وقد اشار احد قيادييه النائب السابق امل ابو زيد الى ان "يحق للرئيس عون والتيار 3 وزراء موارنة وليس اثنين".

القرار وقّع: اقليميا، أعلن متحدث عسكري أميركي عن توقيع أمر انسحاب الجنود الاميركيين من سوريا. واكد المتحدث لفرانس برس ان الأمر التنفيذي المتعلق بسوريا قد تم توقيعه، من دون أن يعطي أي تفاصيل اضافية. وليس بعيدا، أفادت وسائل إعلام تركية أنّ أنقرة أرسلت تعزيزات عسكرية إضافية إلى حدودها مع سوريا استعداداً لهجوم يحتمل أن تشنّه داخل الأراضي الشمالية لجارتها الجنوبية بعد الانسحاب المرتقب للجنود الأميركيين من هذه المنطقة.وبحسب وكالة أنباء الأناضول فإنّ قافلة عسكرية تركية تضمّ مدافع هاوتزر وبطاريات مدفعية بالإضافة إلى وحدات مختلفة من القوات المسلحة تمّ نشرها في منطقة إلبيلي الحدودية في محافظة كيليس.

انتخابات مبكرة: على صعيد آخر، اعلن متحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تويتر إن إسرائيل ستجري انتخابات عامة في نيسان المقبل. وقال المتحدث بعد اجتماع لأعضاء الائتلاف الحاكم : "قرر زعماء الائتلاف بالإجماع حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة مطلع نيسان ".