حبس انفاس "دولي" عشية العقوبات: هل تسرّع التأليــــف أم تعقّده؟
اتصالات لايجاد مخرج للعقدة السنية وحـــزب الله يتشدد ازاء تمثيلهم
سجال "صحّي" بين باسيل وحاصباني.. ولبنان يغرق في "العتمة" تدريجيا!
المركزية- فيما يحبس العالم أنفاسه مترقبا ارتدادات العقوبات الاميركية الجديدة على ايران وأذرعها في المنطقة، والتي تدخل حيز التنفيذ في 4 تشرين الثاني الجاري، يتجاذب لبنان- الذي ستطال اجراءات واشنطن أحدَ أبرز اللاعبين السياسيين على ساحته "حزب الله"- احتمالان: الاول ان تساهم الرياح الآتية من الغرب في دفع الجميع، وأوّلهم "الضاحية" الى خفض سقوفها واستعجال التأليف لحماية رأسها وعنقها. والثاني، أن تزيد هذه الموجة، من تصلّبها وتمسّكها بتوزير "الحلفاء"، للإتيان بحكومة "طيّعة" قدر الامكان، يكون "الحزب" قادرا بسهولة على التحكم بقرارها وخياراتها، لمواجهة استهدافه من الخارج...
بين بعبدا والضاحية: حتى الساعة، يبدو من الصعوبة بمكان تحديد اي مسار ستسلكه عملية التأليف المتعثرة، خاصة في ظل غياب اي حراك "علني" على خط تذليل العقدة المستجدة المتمثلة بتمثيل سنّة 8 آذار في الحكومة، ووجود الرئيس المكلف سعد الحريري خارج البلاد. غير ان مصادر سياسية مطّلعة تقول لـ"المركزية" إن اتصالات تدور خلف الكواليس لمعالجة هذه العقبة، لا سيما بين بعبدا والضاحية، عبر وسطاء، وقد باتت المباحثات محصورة بينهما بعد ان أعلن الرئيس الحريري وبحزم، انه غير معني بهذه العقدة و"نقطة عالسطر" مثبّتا موقفه هذا بمغادرته بيروت في الساعات الماضية.
حلحلة قريبة وإلا: وتقول المصادر ان المشاورات الجارية يفترض ان تثمر جديدا "ما" قريبا، وسط استعجال "رئاسي" لابصار الحكومة النور، بحيث يكون المخرج بات شبه جاهز مع عودة الحريري الى بيروت، المتوقّعة غدا. أما ان لم يحصل ذلك، فالخشية كبيرة من ان يكون التشكيل دخل في نفق مظلم طويل وتحوّل "ورقة اقليمية" للضغط والمقايضة والتفاوض، على طاولة الكباش الاميركي – الايراني.
مخرج؟: وليس بعيدا، اشار عضو تكتل لبنان القوي النائب أسعد درغام عبر "المركزية" الى أن "هناك مسعى تقوده جهات معينة لإيجاد مخرج يرضي الجميع، وفي حال كتب له النجاح نكون تخطينا العقدة السنية"، مؤكدا أنه "لن يكون على حساب المقعد السني من حصة الرئيس عون"، ومضيفا "لا نريد الدخول في مواجهة مع أي طرف ونحن على أبواب استحقاقات داهمة، مرتبطة بالوضع الاقتصادي الداخلي، والعقوبات الأميركية". واستبعد أن "يكون الحزب ينفذ أجندة إقليمية معينة"، مشيرا الى أن "موقفه من العقدة السنية هو من باب الوفاء لحلفائه".
"الحزب" يتشدد: وفي انتظار الاضاءة أكثر على موقف "حزب الله" في خطاب يدلي به امينه العام السيد حسن نصرالله نهاية الاسبوع المقبل، أكد مقرّبون من الضاحية ان "لا بد من توزير السنة المستقلين". وقد عكست تصريحات قيادييه اليوم، توجّهه المتشدد هذا. فقد اعلن نائب امينه العام نعيم قاسم ان "حزب الله يؤكد أنه مع تشكيل الحكومة بأسرع وقت، ولكن الحل بيد رئيس الحكومة، هذا أمر يمكن معالجته مع قليل من التفهم والتواضع والمعالجة الصحيحة، هؤلاء (اي السنّة المستقلون)، يمثّلون شريحة واسعة من الناس، وعلى القواعد التي تم اعتمادها في تمثيل من نجح في الانتخابات النيابية يحق لهم أن يمثلوا بواحد، نحن مع إنجاز حكومة وحدة وطنية، وهذه الحكومة لا تكتمل إلا إذا تم تمثيل السنّة المستقلين"... من جهته، أكد رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين "أننا لا نريد اليوم أن نتحدث بلغة من يريد أن يقول إن بيدنا الأغلبية أو نحن وحلفاؤنا نمتلك الأغلبية.. وإذا كان البعض ما زال يعتقد أن طريق تشكيل الحكومة مبني على التوافق والتفاهم، فعليه أن يبذل المزيد من الحوار والنقاش والاستماع إلى الآخرين من أجل الوصول إلى نتيجة طيبة، لا سيما وأننا نريد تشكيل حكومة اليوم قبل الغد، لكن وفق هذه الرؤية التوافقية". وتابع "النتائج الانتخابية النيابية فرضت وقائع جديدة، من بينها أن هناك نوابا مستقلين يمثلون شريحة من حقهم أن يتمثلوا إذا كانت الحكومة القادمة هي حكومة توافق ووحدة وطنية، وهذا مطلب محق". واضاف "ما يطالب به النواب المستقلون، هو حقهم الطبيعي ونحن نقف معهم وندعمهم، لأن مطلبهم محق".
..و"التشاوري" ايضا: أما سنّة "اللقاء التشاوري" فرابضوا أيضا على موقفهم. حيث سأل النائب الوليد سكرية "الى متى سيبقى تيار المستقبل يحكم السنّة؟ ولماذا يريد الغاءهم؟ نحن على موقفنا ومن لديه الحل فليحل العقدة". واضاف "نحن الآن موجودون ونطالب بتمثيلنا بالحكومة، فهذا حقنا، وان تشكلت الحكومة من دوننا فسنحجب عنها الثقة وسنعارض". واشار الى ان موقف رئيس الجمهورية فاجأ سنة 8 آذار، و"لكن لم يطلبوا من فخامته اي موعد، باعتبار ان حقهم شرعي، والانتخابات انتجت هذا الواقع".
سجال "صحي": على صعيد آخر، اغتنم رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل مناسبة افتتاح مؤتمر "الطاقة اللبنانية للصحة"، لتوجيه السهام الى القوات. فاعتبر انّ "القطاع الصحي في لبنان مريض"، مشيرا إلى انّ "هناك تفاوتا كبيرا بين مستشفى ومستشفى ومنطقة ومنطقة في الانفاق الصحي وقد رفعنا الصوت عاليا داخل الجدران الاربعة لتصحيح هذا الخلل الفاضح وأملنا تصحيحه مع الوزارة الاخيرة، لكن الخنوع السياسي واختراع الاتهامات في موضوع الكهرباء حالا دون ذلك"... ولم يتأخر رد وزير الحصة غسان حاصباني الذي قال "الى وزير الخارجية والطاقة المعتلة، بعد ١٠ سنوات في الوزارة التي حوّلتموها الى اللاطاقة ولا مياه، النتيجة: مياه ملوثة، صرف صحي في الأنهار والآبار والبحور، انبعاثات سامة من معامل الكهرباء والسرطان يتكاثر جراء كل ذلك. ولكم الجرأة ان تقولوا كلاما مضللا عن الصحة. لم تدعموا لا بين الجدران المغلقة ولا فوق السطوح المعادلة العلمية التي انصفت المستشفيات المغبونة والتي تعرفونها جيدا. واذا اردتم ذلك فالفرصة ما زالت متاحة أمامكم والارقام رفعت لوزارة المال".
أزمة الكهرباء: ووسط المماحكات والسجالات، كانت جونية ترفع الصوت اليوم ضد التلوث الذي يجتاحها، فيما بدأ لبنان يغرق تدريجيا في "العتمة" التي كثر التحذير منها في الايام الماضية. فقد أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان اليوم "انها اضطرت إلى توقيف مجموعتي انتاج في كل من معملي الذوق والجية إضافة الى تخفيض حمولة مجموعتين أخريين في معمل الجية، وبالتالي تخفيض إنتاجها حوالي 320 ميغاوات بسبب النقص في مادة الفيول أويل"، موضحة ان "السبب يعود إلى مشكلة تتعلق بكيفية التزوّد بالمحروقات بعد نفاذ المساهمة المخفّضة المعطاة الى المؤسسة بفعل ارتفاع أسعار النفط منذ بداية العام 2018، وهو أمر نبّهت المؤسسة اليه مرارا وتكرارا منذ مطلع العام الحالي". واضافت "حيث تعمل المؤسسة مع وزارة الطاقة والمياه ووزارة المالية على حل هذا الموضوع، فإنها ستضطر خلال الأيام المقبلة إلى إطفاء مجموعات الإنتاج تباعا في كافة المعامل بما فيها الباخرتان التركيتان، وبالتالي تخفيض الإنتاج تدريجيا، في انتظار إيجاد حل لمسألة التزوّد بالمحروقات".
خامنئي: اقليميا، وعشية اقرار العقوبات الاميركية الجديدة على ايران في 4 تشرين الجاري، اكد المرشد الاعلى للثورة الايرانية علي خامنئي ان "واشنطن هُزمت في تحديها مع إيران طيلة 40 عاما وفشلت في تحقيق هدف الهيمنة عليها"، معتبرا ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب "ألحق العار بالولايات المتحدة". بدورها، اعلنت الخارجية الإيرانية ان "طهران لن تسمح للرئيس الاميركي أن يصل إلى أهدافه غير القانونية". من جهتها، اعتبرت وزارة الخارجية الروسية ان "العقوبات الأميركية تضرب مرة أخرى اتفاق الحد من انتشار الأسلحة النووية"... وكان ترامب خيّر ايران ما بين تغيير نهجها أو مواجهة تدهور اقتصادها. وقال في بيان مساء امس إن "الهدف هو إرغام النظام على القيام بخيار واضح: إما أن يتخلى عن سلوكه المدمر، أو يواصل على طريق الكارثة الاقتصادية".