التصعيد السياسي تعمية على التقدم الحكومي..."اشتدي ازمة تنفرجي"
سخونة على جبهــات المواقف وخلوة رئاسية لبنانية- فرنسيــة
قضية خاشقجي: وفد سعودي في انقرة وترقب دولي لنتائج التحقيقات
المركزية- مع ان أبواب الوساطات والجهود المكوكية المبذولة لتجاوز عقد التأليف ما زالت مفتوحة على رغم المناخات السلبية التي اطاحت التفاؤل الذي عممه الرئيس المكلف سعد الحريري، تكشفت وقائع الساعات الاخيرة عن ازمة ثقة كبيرة ناشئة بين مختلف القوى السياسية المعنية بالتشكيل تتفاعل على نار المخاض الحكومي، وتتمدد بأفقها الابعد الى الاستحقاق الرئاسي على ما يبدو. حتى ان بعض ابعاد هذا المخاض أثار تساؤلات واسعة عما يمكن ان يفضي اليه اخفاق محتمل لمشروع تشكيل حكومة "الوحدة الجامعة" التي يريدها الرئيس الحريري، اذا لم تتوصل الوساطات الى تذليل العقد، وأي مسلك سيعتمده رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف انذاك.
فالظلال القاتمة أرخت بثقلها خلال الساعات الماضية على محاولات تأليف الحكومة، بعدما تبين ان ما تردد عن حلول وشيكة غير دقيق، بفعل المواقف التي اطلقها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل امس مضيفا الى قائمة العقبات مطالبته بوزارة الاشغال الى جانب الطاقة، في حين عادت الحماوة بين "الاشتراكي" و"الديمقراطي" حول الوزير الدرزي الثالث، كما نغمة توزير سنّة المعارضة، في حين اشتعلت جبهة التيار- القوات بأسلحة المواقف من العيار الثقيل.
انفراج قريب؟ غير ان اوساطا معنية بالتشكيل قالت لـ"المركزية" ان المواقف التصعيدية ليست سوى الوجه الاخر لتقدم الجهود الحكومية معربة عن اعتقادها بأن موعد الولادة لم يعد بعيدا وتدوير الزوايا مستمر، وعلى قاعدة "اشتدي ازمة تنفرجي" سيشهد اللبنانيون في وقت قريب على انتهاء زمن الفراغ الحكومي حيث ستضع كل القوى السياسية الماء في نبيذها ليزّف الرئيس المكلف النبأ المنتظر منذ اكثر من خمسة اشهر.
عون – ماكرون: كل ذلك، فيما رئيس الجمهورية يجتمع مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على هامش مشاركته في اعمال القمة الفرنكوفونية في يريفان والوزير باسيل ثالثهما، والانظار المحلية شاخصة الى ما سيفضي اليه الاجتماع لمعرفة ما اذا كانت مداولاته يمكن ان تساعد في وقف التخبط الحكومي. وفي حين يفترض انتظار عودة الرئيس عون والوزير باسيل (الذي انضم الى الاجتماع الثنائي) الى بيروت المتوقعة اليوم، لتبيان ما اذا كانت المحادثات اللبنانية – الفرنسية ستفعل فعلها حكوميا، اوضح عون في دردشة مع الصحافيين بعد اللقاء ان التفاهم كان تاماً مع الرئيس الفرنسي حول كل المواضيع، "ونحن نتعاون دائما مع بعضنا كأصدقاء". ورداً على سؤال حول تشكيل الحكومة اكد الرئيس عون ان الاجتماع مع الرئيس ماكرون ليس بهدف تشكيل الحكومة، لأن هذا شأن لبناني بحت، "لكنه يرغب طبعاً في تشكيلها وخصوصا بعد اجراء الانتخابات النيابية". وعما اذا كان سيلتقي الرئيس الحريري بعد عودته الى بيروت، اكد رئيس الجمهورية ان الرئيس الحريري مرحب به ساعة يشاء. واذا كان الرئيس الفرنسي قد ابلغه ان مؤتمر سيدر في خطر قال: "عندما يصرح الرئيس ماكرون بذلك سوف تعلمون بالأمر".
جولة أفق: وقالت مصادر الوفد اللبناني ان الرئيسين عون وماكرون اجريا جولة افق تناولت الاوضاع في لبنان ودول المنطقة، وتطرق البحث خصوصا الى موضوع التهديدات الاسرائيلية حيث كان الرأي متفقا على ضرورة العمل لإبقاء الوضع مستقراً في الجنوب، كما شمل البحث موضوع النازحين السوريين وضرورة عودتهم الى الاماكن الآمنة والمستقرة في بلادهم، وان تقدم الامم المتحدة مساعدات لهم في مناطقهم داخل سوريا.وفي الشأن الحكومي اكد عون ان الاتصالات جارية لتشكيل الحكومة التي اعتبر الرئيس ماكرون انه لا بد من تشكيلها بعد الانتخابات النيابية.
عودة التصعيد: اما على ضفة التصعيد في المواقف، وغداة تمسك باسيل بتوزير ممثل عن كتلة "ضمانة الجبل"، شددت الكتلة اليوم على "ضرورة ألا تكون هذه التنازلات لصالح فريق على حساب الآخر، وعلى أن يتم الالتزام بمعيار موحد للجميع"، مؤكدة "أحقية تمثيلها بما يراعي خصوصية الجبل ونتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة فيه، إذ أفرزت النتائج كتلتين نيابيتين للجبل". في الموازاة، يبدو ان تمثيل سنّة 8 آذار او سنّة المعارضة، في الحكومة العتيدة، والذي كانت تلاشت المطالبة به في الايام الماضية، سيعود الى الواجهة قريبا، وسيُدخل عصا جديدا في عجلات الحريري الرافض اعطاءهم قطعة من القالب الوزاري نظرا الى عدم وجود كتلة او حزب واحد جامع لهم.
جعجع وحقد باسيل: وكان كلام باسيل عن القوات أمس، ولا سيما لناحية اشارته الى ضلوعها في "مجزرة اهدن"، أشعل الجبهة بينه وبين القوات. وفي السياق، اسفت عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائبة ستريدا جعجع "ان في وقت يتمنى ومن دون مبالغة كل الشعب اللبناني، وتحديدا اهالي الشمال المصالحة بين "القوات اللبنانية" و"تيار المردة" والتي وفقّنا الله جميعا باكتمال عناصرها ونحن على وشك تتويجها بلقاء على اعلى المستويات بين قيادتي الحزبين، ينبري وزير الخارجية والمغتربين في هذه اللحظة التاريخية بالذات بالحديث عن الموضوع بأسوأ واخبث طريقة ممكنة ملؤها الحقد والشر والنيّات السلبية حيال الطرفين. فان يكون الوزير باسيل ضد "القوات" او ضد" المردة" او ضد تلاقيهما او ضد تلاقي اي طرفين لبنانيين، فهذا حقه في السياسة، لكن ان يتسلل الى قضية وجدانية وان يدخل الى جرح عميق عانى منه اللبنانيون كل اللبنانيين وتألموا كثيراً على مدى اربعين عاما ليُعيد فتحه وغرز السكين فيه لهو امر لم يتصوره احد حتى عند مواطن عادي فكيف بالحري عند رئيس حزب من الأحزاب الكبرى والذي كان يفترض فيه ان يكون من اكثر الحريصين على خطوة من هذا النوع". واعتبرت في بيان "ان الانكى من كل ذلك انه عند نكء هذا الجرح ووضع السكين فيه استخدم معطيات مغلوطة تماما، والذين اصبحوا في دنيا الحق يعرفون تماما من قرر ومن نفذ."
اطلالة نصرالله: في الاثناء، تترقب الساحة الداخلية مواقف حزب الله التي سيطلقها الأمين العام السيد حسن نصر الله مساء في الاحتفال التأبيني للحاجة آمنة سلامة، والدة القائد الجهادي الراحل عماد مغنية، حيث سيتناول في جانب منها التطورات السياسية وبينها الشأن الحكومي.
خاشقجي: خارجيا، وصل وفد من المملكة العربية السعودية إلى أنقرة في إطار التحقيق في اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين تركيين. وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين كشف أمس عن أن أنقرة قبلت اقتراحا سعوديا بتشكيل مجموعة عمل مشتركة للتحقيق في قضية خاشقجي المختفي منذ الأسبوع الماضي. وليس بعيدا، قالت "وول ستريت جورنال" ان "أنقرة وواشنطن تتباحثان بشأن كيفية نشر تسجيلات مقتل خاشقجي".
ردود: وسط هذه الاجواء، اعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفين مونشين انه ما زال ينوي حضور مؤتمر استثمار سعودي على الرغم من اختفاء خاشقجي الا انه لفت الى ان القرار قد يعاد النظر فيه إذا ظهرت معلومات جديدة بشأنه. لكن "رويترز" نقلت عن مسؤول في البنك الدولي قوله "إن رئيس البنك لن يحضر مؤتمر الاستثمار في المملكة". بدورها، قالت السلطات الفرنسية ان اختفاء خاشقجي يثير تساؤلات خطرة، مشيرة الى "اننا أوضحنا للسلطات السعودية أن الاتهامات الموجهة للمملكة تتطلب شفافية وإجابات شاملة ومفصلة". اما الحكومة الألمانية فطالبت السعودية بـ"المشاركة الكاملة" في توضيح التقارير التي تفيد بمقتل خاشقجي.