غليان سياسي يعقب حرب الردود واتصالات لمنـــع الانفجـار
الحريري حريص على التسوية وبري يدعو للتنازل والحزب صامت
ايران: لبنان اختار نهج المقاومة...وقمة طهران تحدد مصير ادلب
المركزية- من اجتماع المجلس المركزي لتيار المستقبل ورسائله في الشكل والمضمون الى اجتماع رؤساء الحكومات السابقين الثلاثة نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، رفضا لبيان رئاسة الجمهورية المقتضب الذي صدر عقب تقديم الرئيس المكلف صيغته الحكومية، ورد مصادر قصر بعبدا عليه بالتأكيد على صوابية البيان الرئاسي والتذكير بصلاحيات رئيس الجمهورية والتلويح بفتح ملف الدستور والصلاحيات لإعادة تحديد المفاهيم، مرورا بوصف تكتل "لبنان القوي" تشكيلة الرئيس الحريري بتشكيلة "رفع عتب"، وصولا الى تسريب معلومات عبر وسائل اعلام التيار الوطني الحر عن اتجاه الرئيس ميشال عون الى توجيه رسالة الى مجلس النواب، استنفار سياسي عام ورفع متاريس تقطع الطريق على ولادة الحكومة وتحرف الازمة في اتجاه آخر، ليس الزمان زمانه، في لحظة داخلية واقليمية ودولية حساسة توجب التعاطي مع الاستحقاق الدستوري التشكيلي بأعلى درجات المسؤولية الوطنية.
ازاء هذا الواقع، حذرت مصادر سياسية مراقبة من خطورة الاستمرار في النهج الحالي الذي يدفع البلاد نحو مزيد من الانزلاق نحو الهاوية، خصوصا ان مسار الامور يوحي بأن لا احد من القوى السياسية يبدي استعدادا للتراجع خطوة الى الوراء وتقديم تنازلات من اجل الخير العام والمصلحة الوطنية بل ان الجميع يمضي في اتجاه التصعيد والسخونة ومحاولة جر البلاد عموما نحو ازمة صلاحيات مسيحية- سنية تعيد الصراع الى حقبة الماضي البغيض.
لقاء ثان؟: ووسط اشتعال سجال كلامي عنوانه "صلاحيات رئيس الجمهورية والرئيس المكلف"، دخل على خطّه عدد كبير من مسؤولي ونواب التيار البرتقالي حاملين على رفض احترام دور بعبدا في التشكيل، بدا الحريري من خلال المواقف التي اطلقها امس، رافضا قطع الحبل الرفيع الذي لا يزال يربط بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. أما تمسُّكه بعدم حرق الجسور بين الوسط وبعبدا، فينبع، وفق ما قالت مصادر سياسية مطّلعة لـ"المركزية" من ترقّبه للقاء جديد يفترض أن يجمع الجانبين في الساعات القليلة المقبلة، ينتظر الحريري ان يستمع خلاله "مباشرة" من رئيس الجمهورية الى ردّه على المسودة الحكومية التي أودعه اياها، فيبني في ضوئه على الشيء مقتضاه. فإن اعتبر أنها صالحة ودوّن بعض الملاحظات عليها، استمر التعاون بين الرجلين لانضاج الطبخة الحكومية، أما إن نسفها من أساسها، فعندها حديث آخر.
تخريب العلاقة؟ وليس بعيدا، اشارت مصادر متابعة لتشكيل الحكومة الى ان "هناك متخصصين يريدون تخريب العلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الذي لن يُستدرج لهذا الأمر لأن التفاهم والتشاور مع عون هو الأساس لإيجاد الحلول". ولفتت الى أنّ "الصيغة التي تقدم بها الرئيس الحريري من رئيس الجمهورية عادلة وتحمل تنازلات من قبل الجميع"، كما أنّ "الحريري بانتظار لقاء آخر مع عون للإستماع منه لملاحظاته واقتراحاته"، مضيفة "سمعنا ردود فعل من كتلة "لبنان القوي" وتسريبات من بعبدا أقل ما يقال عنها بأنها رسائل غير مقبولة لا في الشكل ولا في المضمون وان هناك اتجاها لتصعيد الموقف السياسي".
"حزب الله" يُعمم بالصمت: وفيما حرب المواقف والبيانات مستعرة على جبهتي "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر" نتيجة "الملاحظات الرئاسية" والصيغة "السرية"، لفت المراقبين الصمت المُطبق من جانب "حزب الله" الذي لم يُعلن حتى الان موقفاً رسمياً من تشكيلة الحريري. وعلمت "المركزية" في هذا المجال "ان الحزب عمّم على نوابه ووزارئه عدم التطرّق الى التطورات الحكومية الاخيرة حتى عن طريق المصادر ".
مطلوب التنازل: ووسط الاجوء المتشنجة، اكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان المطلوب لتشكيل الحكومة تنازل الجميع ونقل النواب عنه قوله في لقاء الاربعاء ان اي طرف لا يستطيع ان يصل الى ما يراه او يريده في تشكيل الحكومة وان على الجميع دون استثناء ان يقدموا التنازلات لمصلحة الوطن والخروج من هذه الازمة. فلبنان اليوم هو في غرفة العناية والوضع الإقتصادي خطير ولا يمكن تجاهل هذا الواقع. مع الإشارة الى ان لبنان هو غير تركيا وايران.
حقل كاريش: على صعيد آخر، تناول بري موضوعاً لا يقل اهمية على موضوع الحكومة وهو المعلومات المتوافرة عن ان اسرائيل تعمل على تكثيف نشاطاتها البترولية بالقرب من الحدود اللبنانية وتحديداً حقل "كاريش" وقد تعاقدت مع شركة يونانية "أنيرجيان" للبدء في التنقيب في اذار 2019. وقال "المطلوب من الدولة اللبنانية ان تتحرك بسرعة لمنع الإعتداء على الحق اللبناني، خصوصاً ان هناك احتمالات كبيرة لمكامن مشتركة، عدا عن الدراسات والخطط الموضوعة لتلافي او لإحتواء اي خلل يؤدي الى تسّرب النفط يطاول الساحل الجنوبي وصولاً الى صور خلال ثلاثة ايام". وشدد على ان "واجبنا التحرك في اقصى سرعة للدفاع عن ثروتنا النفطية وسيادتنا الوطنية وحدودنا البرية والبحرية".
استحضار الدستور: في الاثناء، حضر تعثر التأليف في البيان الشهري للمطارنة الموارنة الذين اجتمعوا في الديمان برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي. فقد استغربوا " التأخيرَ في التشكيل الحكومي أمام التحديات المطروحة على لبنان والمهل المعطاة له من قبل الجهات الدولية"، مضيفين "الأدهى أن تُفتح لدى كل استحقاق دستوري، قضايا في الدستور تكون طي الكتمان أو النسيان في أوقات الاستقرار الدستوري، وهو الوقت المناسب لطرحها ليتم التفكير فيها بهدوء بعيدًا عن التحدي والمنازلات السياسية. لذا يناشد الآباء جميع السياسيين أن يتحمّلوا مسؤوليّاتهم ويسهّلوا تأليف حكومة تقوم بواجباتها الملحّة تجاه الخير العام وخير المواطنين".
الحاج حسن في دمشق: الى ذلك، أعلن وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن بُعَيْد وصوله إلى دمشق لإجراء محادثات مع المسؤولين السوريين والمشاركة في افتتاح "معرض دمشق الدولي" تلبية لدعوة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، أن "من الضروري والمهم أن يكون لبنان حاضراً في هذه المناسبة التي تجمع شركات من دول العالم". وقال: سنفتتح أيضاً الجناح اللبناني في المعرض، وتسجل هذه السنة مشاركة لبنانية أوسع وتشمل قطاعات صناعية وإنتاجية وإعمارية متخصصة، وتعكس الرغبة والإرادة اللبنانية في المشاركة في عملية إعادة الإعمار في سوريا. ويجري الحاج حسن غداً، لقاءات مع رئيس الوزراء السوري عماد خميس، وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر خليل ووزير الصناعة محمد مازن يوسف.
لبنان اختار المقاومة: اقليميا، قال القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية في ايران اللواء محمد علي جعفري إن "سوريا ولبنان واليمن وفلسطين اختارت نهج المقاومة لتحديد مصائرها وسيكون النصر حليف شعوبها". واكد جعفري "ضرورة تعزيز قدرات البلاد في المجالات الدفاعية والأمنية ودفع التهديدات".
ادلب: سوريا، رأى نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ان الوضع العسكري في محافظة إدلب السورية التي تسيطر عليها المعارضة سيصبح أوضح بعد قمة مقررة في طهران يوم الجمعة. وقال خلال مؤتمر صحفي "أعتقد أن الوضع سيصبح أوضح من وجهة نظر عسكرية وغيرها بعدما يجري زعماء الدول الثلاث الضامنة (روسيا وإيران وتركيا) محادثات يوم الجمعة"، بحسب ما نقلت وكالة "إيتار تاس" للأنباء. واشار الى ان "لا يمكن اعادة الوضع الى طبيعته في سوريا من دون حل المشكلة في ادلب". من جهته، رأى الكرملين ان "الوضع في إدلب السورية ما زال مبعث قلق شديد". أما الخارجية الروسية فلفتت الى ان الوضع في ادلب سيكون مدار بحث خلال اللقاء بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والاميركي مايك بومبيو.