معالجات طائفية للإشكالات مع النازحين ونداءات للمسؤولين في الحزب... أخلوا المباني الآمنة!
جوانا فرحات
المركزية – "خطران أساسيان يجب التنبه منهما. الأول الخشية الكبيرة من حدوث مشاكل داخلية مسرحها أماكن النزوح، خصوصا في المناطق المسيحية والدرزية. والأمر الثاني حصول عمليات خطف قد تستهدف أجانب من ديبلوماسيين أو أشخاص بارزين". هذا الكلام المنشور اليوم على لسان مصدر سياسي رفيع لأحد المواقع الإلكترونية ليس مستغرباً، أقله بالنسبة إلى اللبنانيين المقيمين في البلدات التي تحولت إلى مراكز إيواء سواء في بيوتها ومدارسها وجامعاتها وحتى على أرصفة الشوارع.
إلا أن الخطير في كلام المصدر هو ما حذر منه لجهة تصاعد وتيرة الإشكالات في منطقة الجبل بحيث دعا إلى "إبقاء العين على الجبل". فالجو في المناطق، وتحديدا الشوف وعاليه وحاصبيا، ليس كما يحاول الإيحاء به الزعيم وليد جنبلاط. وهناك توجه درزي كبير مناهض لتوجيهات جنبلاط، وكان ذلك واضحا في لقاء بعذران عند شيخ العقل الدكتور سامي أبي المنى حيث سجلت أصوات معارضة كثيرة".
تداعيات الأصوات ترجمت بعد ساعات من اللقاء، حيث وقع إشكالان بين النازحين والأهالي المقيمين في إحدى بلدات الجبل. لكن الأفظع كان في قصف القوات الإسرائيلية إحدى الشقق ليل الأربعاء الماضي حيث كان يتواجد أحد مسؤولي حزب الله الماليين مما أدى إلى انهيار المبنى ومقتل ما لا يقل عن ثلاثين شخصا إضافة إلى المسؤول في الحزب. إثر ذلك ارتفعت أصوات المقيمين مطالبة ب" طرد المشتبه بانتمائهم أو بتعاونهم مع حزب الله إلى خارج البلدة بالقوة إذا لم تتعاون شرطة البلدية، وان تقوم البلدات والمدن المشابهة بالخطوات نفسها. بكفي...خلصنا".
مشهد وحدة الطائفة الدرزية ورؤيتها المستقبلية الذي جسّده اللقاء الجامع في خلوات القطالب في بلدة بعذران- قضاء الشوف، وحضره النائب السابق وليد جنبلاط، ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان والنائب السابق فيصل الداوود، وممثّل عن النائب السابق وئام وهاب كان لا بد منه للتأكيد على ضرورة التلاحم في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. إلا أن المجزرة التي وقعت ليلا في برجا والإشكالات المتنقلة في الجبل بين النازحين والمقيمين أسقطت كل الإعتبارات وقد ترجم ذلك في "النداء لأهل المعروف وحماة الثغور" تحت عنوان"سنحمي أرضنا كما حماها أجدادنا". ومما جاء فيه:" إن مشاع أي بلدة هو ملك لأهلها فقط. واية خيمة توضع على مشاع اي بلدة في الجبل من دون موافقة اهل المنطقة والبلدية ستزال بعد ٢٤ ساعة من الإنذار. وفي مسألة شراء أي عقار في هذا الظرف يعتبر ملغى وغير قانوني خصوصا إذا ثبُتَ أن الهدف كان من اجل بناء مجمع سكني او أية نية سيئة وسيتم فسخ عقد البيع مهما كلف الأمر. وهذا الامر ينسحب على الشقق السكنية والمحلات التجارية وغيرها. وشدد النداء على "حماية أهل الجبل لأراضيهم من أي قرار دولي أو محلي".
ويختم"حق النازحين العودة الى ديارهم وأرضهم... وحقنا في ان نحيا بكرامة وعز وامان .. فنحن معهم في هذه المحنة ، انما لا تجعلوها محنة علينا وعليهم".
مصادر معارضة في الجبل، تؤكد عبر "المركزية" أن ما يحصل في الجبل من إشكالات بين النازحين والمقيمين هو نتيجة الإحتقان ولا تعدو كونها "حساسيات" وحتى الآن هناك نوع من الرقابة المضبوطة من قبل المسؤولين والعقلاء".
وتلفت المصادر إلى أهمية اللقاء الدرزي في بعذران الذي يؤكد على أجواء اللحمة والتهدئة والسعي الدائم من قبل الزعامات الدرزية على درء الفتنة التي قد تنشأ نتيجة التوترات السياسية والأمنية. ويدرك الزعماء أن الظروف الحالية تتطلب تضافر الجهود لحماية الجبل من أي تهديدات خارجية أو داخلية، مما يعكس الوعي الجماعي لخطورة الوضع الراهن. فالفتنة لا تُولد إلا من الانقسام، لذا كانت الدعوات للعمل معًا بمثابة جرس إنذار لكل من يسعى لزرع الفتنة أو زعزعة الأمن تختم المصادر.
بدوره، يثني العميد المتقاعد جورج نادر على الوعي لدى القيادات المسيحية لا سيما لدى حزبي القوات والكتائب اللبنانية وكذلك الأمر في الشارع الدرزي حيث الموقف "سليمٌ جدا". لكن المشكلة في الشارع السني حيث غياب المرجعيات السياسية والحزبية ويخشى أن تتفلت الأمور في لحظة ما".
وإذ يشدد نادر على ضرورة الفصل بين الموقفين السياسي والوطني والإنساني مما يحتم على اللبنانيين أجمعين اتخاذ المبادرة لإيواء النازحين "إلا أنه مطلوب من المسؤولين الأمنيين في حزب الله تجنّب التواجد في الأبنية التي يتواجد فيها نازحون لدرء الخطر عنهم وتفادي زرع أجواء من الخوف وانعدام الثقة مع المحيط الذي يستقبل النازحين".
رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط لا يحبذ أن تتولى الطوائف معالجة الإشكالات المستجدة بين النازحين والمقيمين ويقول لـ"المركزية": "أنا لست مع مصطلح مناطق سنية أو مسيحية أو درزية أو شيعية. أنا مع منطق المناطق اللبنانية في الشمال أو البقاع أو بيروت. ومن الضرورة بمكان أن لا تعالج الطوائف كلٌ على حدىً، مسألة سلبيات النزوح، إنما على الدولة اللبنانية أن تلعب الدور الأساسي في معالجة أي خلل سواء في بيروت أو طرابلس أو عكار أو جبل لبنان أو سواها من المناطق التي لجأ إليها النازحون.
يضيف"المفروض ألا تكون هناك مرجعية طائفية .فهذا النمط من المرجعيات لا يفي بمصلحة لبنان، وعلى الجميع أن يحسموا خيارهم وأن تكون الدولة ومؤسساتها هي المرجعية، تحرص على حماية الأملاك الخاصة والعامة وتوحّد الوسائل لاحتواء النازحين وتأمين أماكن لهم".
ويلفت القاضي عريمط الى أن "أسلوب أو نغمة أن كل طائفة تعالج هذا الخلل أو ما يحصل من هذه المجموعة أو تلك، مؤشر سلبي على الساحة اللبنانية وخطوة أولى نحو مزيد من الأخطاء والخطايا. وعلى الأجهزة الأمنية أن تضبط وجود النازحين وتمنع السلاح في يد أي فريق،اكان من النازحين أم سواهم، وبسط أمن الدولة وسلطتها على كافة مناطق الإيواء" يختم القاضي عريمط.