بري على موقفه في انتظار هوكشتاين
لم يسقط مهتمون بالشأن السياسي اللبناني، أهمية استقبال ملك الأردن الملك عبدالله الثاني لقائد الجيش العماد جوزف عون، وترجمة الاستقبال في «اليوم التالي» لوقف إطلاق النار الذي يتم العمل عليه بقوة دوليا وعربيا، في منح العماد عون جرعة دعم للإشراف على تطبيق القرار 1701، سواء من موقعه القيادي العسكري، أو من انتقاله إلى موقع سياسي بزخم دولي لم يعد خافيا في اعتباره مرشحا توافقيا لرئاسة الجمهورية.
ويكرر مقربون من القائد حصر عمله حاليا في تأمين السيادة اللبنانية وحماية السلم الأهلي ودعم صمود الأهالي في مناطق لها رمزيتها في الجنوب، خصوصا انه ابن بلدة العيشية التي شهدت أحداثا دراماتيكية في الحرب الأهلية. وقد حصل القائد على دعم واسع من العاهل الأردني لجهة تلبية حاجات الجيش اللبناني.
ويبقى السؤال الأبرز: هل يقبل المفاوض السياسي الرسمي باسم الدولة اللبنانية و«حزب الله»، وهو الرئيس نبيه بري، باتفاق سياسي يجرد فريقه من ورقة قوة سياسية بعد تقليص دور هذا الفريق على الصعيد العسكري؟
وفي أي حال، للرئيس بري وفريق واسع كبير، مرشح توافقي آخر يحظى بدعم أوروبي ودولي وفاتيكاني والبطريركية المارونية، وهو ملم بالملف الأمني انطلاقا من خبرة ميدانية كبيرة راكمها في هذا المجال.
على خط آخر، يوحي تحرك الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، ان البلاد أمام مرحلة طويلة من المفاوضات الصعبة والشاقة، في ظل عدم تراجع أي من الطرفين (إسرائيل و«حزب الله») عن مواقفه وعدم حصول أي تفوق في الميدان البري على الحدود، مع استمرار الحرب الإسرائيلية مصحوبة بدمار عنيف.
وقال مصدر مطلع لـ«الأنباء»: «هناك من يراهن على ان النقاش والتفاوض سيبقيان في دائرة المراوحة حتى موعد الانتخابات الأميركية الأسبوع المقبل. فيما يرى آخرون ان هذه الانتخابات لن تكون مفصلية، لأن حكومة بنيامين نتنياهو ستبقى متسلحة بأسلوب المناورة حتى بدء ولاية الرئيس الجديد مطلع السنة المقبلة، والذي سيحاول ان يستهل عهده بموقف حازم».
وأضاف المصدر: «استهل الموفد الأميركي جولته الثانية على وقع تصعيد واضح بعد الضربة الإسرائيلية لإيران. وبغض النظر عما ينقل عن مصادر إسرائيلية انها عطلت قوة الدفاع الصاروخي في شكل نهائي، مقابل تشكيك إيراني بحجم الأضرار وترك الباب مفتوحا على التساؤلات حول طبيعة الرد. وكل ذلك سيبقى موضع أخد ورد في «أسبوع المناورات» في انتظار نتائج الانتخابات الأميركية».
وهذا التصعيد وفقا للمصادر، يصعب مهمة التفاوض مع عدم توافر الأرضية المهيئة لإنجاز أي اتفاق، الأمر الذي يدفع كل فريق إلى التشبث بمواقفه، في وقت أشارت مصادر مطلعة إلى ان إيران قد تلجأ للرد على إسرائيل من خلال الميدان الجنوبي في لبنان، مع احتمال فتح مخازن أسلحة أكثر تطورا لم تستخدم بعد، إضافة إلى توسعة دائرة المناطق التي تشملها عملية إطلاق الصواريخ واللجوء إلى أسلوب الكمائن دون حساب للخسائر.
في المقابل، رفعت حكومة نتنياهو سقف مطالبها بالتصعيد على الجانب اللبناني، والحديث عن ان الحرب لاتزال في ذروتها، مع إظهار بعض المرونة بإحياء مفاوضات غزة في الدوحة.
وتقول المصادر انه فيما يرفع نتنياهو من شروطه، فإن لبنان يتشدد بموقفه في التمسك بالقرار 1701، كخيار نهائي دون أي تعديل أو إضافات لحفظ الأمن والسيادة وتحقيق الاستقرار، مع الحفاظ على القوات الدولية التي حدد هذا القرار إطار عملها دون أي تغيير، ورفض إدخال قوات إضافية تحت عناوين اخرى. وأكدت هذه القوات استمرار تمركزها في مواقعها وممارسة دورها، من خلال إعداد التقارير بشكل دائم على رغم الصعوبات والتحديات التي تواجهها.
وفي موضوع الأمن على الحدود، تؤكد المصادر الرسمية اللبنانية ان الجيش قادر على تولي الأمن مع زيادة عدده وتجهيزه بالأسلحة الضرورية بالحد الأدنى من دون مبالغات، «لأنه ليس المطلوب تحقيق توازن في العتاد لجهة نوع السلاح وحجمه. فمثل هذا التوازن هو ضرب من الخيال ولا جدوى منه، لأن قوة الجيش اللبناني هي في قوة القرار السياسي، وإعطائه كامل الصلاحيات لتولي الأمن وليس بقوة السلاح».
ميدانيا، وبعد ليلة يصح وصفها بـ «الهادئة» نوعا ما في الضاحية الجنوبية لبيروت، شكا مواطنون من القرى والبلدات الحدودية المسيحية أمس، من قيام عناصر من «حزب الله» بالدخول إلى بعض المنازل الخالية من سكانها ومن دون استئذان، كما حصل في جديدة مرجعيون السبت حيث استهدف الجيش الإسرائيلي منزلين وسقط فيهما 7 قتلى.
وعرض المواطنون لمصاعب يواجهونها لجهة الصمود في أرضهم، بصعوبة التنقل إلى بيروت. وباتت وجهتم الآمنة تمر بالبقاع عن طريق حاصبيا كفرمشكي قرب السلطان يعقوب من طريق المصنع عند الحدود السورية – اللبنانية، فطريق شتورة ضهر البيدر. وتستغرق هذه الرحلة ثلاث ساعات. وقال أحد قاصدي بيروت، انه حضر من القليعة عن طريق جسر الخردلي (حيث يمر الليطاني) والنبطية سالكا الأوتوستراد الذي مولت تنفيذه دولة الكويت، نزولا إلى الزهراني ثم صيدا وبيروت: «أحسست بالخطر بعد مروري في أحياء تعرضت للدمار الشامل. وقررت العودة من طريق حاصبيا، حيث يخرج المزارعون إلى كرومهم ويقطفون الزيتون ويعصرون الزيت، الأمر غير المتاح عندنا في القطاع الشرقي».
واستغل مواطنون فترة الهدوء قبل ظهر أمس، وتوجهوا لتفقد منازلهم والأضرار من دمار كامل وخراب في الضاحية الجنوبية لبيروت، وخصوصا في أحياء السانت تيريز والجاموس وبرج البراجنة وعين السكة والليلكي والأميركان.
ناجي شربل وأحمد عز الدين - الأنباء الكويتية