إنتخاب رئيس للجمهورية مستحيل قبل وقف النار
في الوقت الذي تقترب فيه المنطقة من فوهة البركان نتيجة الحرب الهمجية الإسرائيلية على لبنان وغزة، والخوف من توسّع الحرب في ضوء الرد الإسرائيلي الذي قد يحصل في أي لحظة على إيران، وما يمكن أن تقوم به طهران نتيجة لذلك، تجري محاولات دولية لتمرير الاستحقاق الرئاسي، وهو ما عكسه حركة وزيري خارجية فرنسا والأردن بحجة ان لبنان لا يمكن أن يبقى من دون رئيس في حال تم التوصل الى تسوية ما تنهي الحرب القائمة.
ويأتي هذا الحراك بعد حصول ما اعتبر تطور في الموقف نتيجة بيان «اللقاء الثلاثي» الذي انعقد في عين التينة، وما وازاه من موقف لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تنازل فيه عن شرط الحوار لانتخاب رئيس، غير ان كل ما حصل من وقت مجيء الوزير الفرنسي ما زال يدور في حلقة مفرغة، إذ انه وعلى رغم استعجال الخارج لانتخاب رئيس لتحصين لبنان أمام المخاطر المصيرية التي تواجهها المنطقة وفي مقدمها لبنان، فان الداخل ما زال يتصرف وكأن لبنان في كوكب آخر، وانه بعيد عن الحريق المندلع، ولم يغادر أهل الحل والربط فيه على الرغم من كل ما يجري سياسة الأبواب المغلقة بعد ما يقارب السنتين على الفراغ الرئاسي، وهو ما يبقي المنافذ للشروع بشكل جديّ لتهيئة الأرضية المناسبة لانتخاب رئيس مقفلة.
ومما لا شك في ان بعض الأطراف السياسية تلعب لعبة خبيثة من خلال تمترسها وراء مواقفها المعطّلة والرهان على إمكانية أن تفضي الحرب المندلعة الى انقلاب المشهد لصالحها، من دون إعطاء أي اعتبار لمصلحة البلاد والعباد.
ووسط هذه الضبابية التي ما تزال تغلّف الملف الرئاسي، فان عين التينة ما تزال ترى ان هناك إمكانية للاستفادة من مساعدة الخارج، وان الرئيس بري ما زال يعوّل على إمكانية مغادرة القوى السياسية متاريسها السليبة والتوجه الى التجاوب مع أي مبادرة إنقاذية على مستوى انتخاب رئيس وغير ذلك، لا الحريق إذا ما توسّع سيلتهم مراكب الجميع من دون إستثناء.
ووفق المعلومات فان مقر الرئاسة الثانية سيكون من الآن وصاعدا محطة أساسية للداخل والخارج لإعادة انطلاق القطار الرئاسي، وانه من المتوقع أن يزورها مع قابل الأيام موفدين دوليين، كما انها ستكون قبلة لمختلف الكتل النيابية في سبيل وضع حد للشغور الرئاسي المستوطن في قصر بعبدا منذ ما يقارب السنتين، وان الرئيس بري وفق المعلومات سيكون مرنا الى أبعد الحدود مع الحفاظ على الثوابت التي تجمع «الثنائي الشيعي» حول كل الاستحقاقات والملفات.
لكن وعلى رغم الجرعات التفاؤلية التي تبرز بين الفينة والفينة على المستوى الرئاسي، فان مصادر سياسية ترى وجوب عدم الافراط في التفاؤل، كون ان التحرك المستجد ما زال في بداياته، وانه من المستهجن أن يسارع البعض الى محاولة فرض خياراته، لا بل بدأ يتشدّد في مواقفه لاعتقاده بأن موازين القوى تغيّرت نتيجة ما قامت به إسرائيل في لبنان من اغتيالات وهمجية في التدمير وإلحاق الأذى بمناطق معينة، وانه من الممكن أن يستفيد مما يحصل لاستثماره في مسألة انتخاب رئيس.
وتؤكد المصادر ان كل ما يُحكى عن أسماء مرشحين أو إسقاط أسماء ليس صحيحا، وان البحث لم يصل الى مرحلة الأسماء بعد، مع ان كل شيء وارد الآن في إطار أن يكون أي رئيس مطمئن للجميع في داخل لبنان قبل خارجه وفي مقدمة هذه الضمانات عدم طعن المقاومة في الظهر.
وفي رأي المصادر ان هناك استحالة في الذهاب الى عقد جلسة نيابية وانتخاب رئيس في ظل العدوان الإسرائيلي على لبنان، أي بمعنى آخر لا انتخاب رئيس قبل وقف النار، وهذا أمر محسوم لدى أكثرية القوى السياسية، وانه مهما راهن البعض على ما يجري، فان الميدان هو من سيقرّر.
المصدر: جريدة اللواء