Aug 24, 2018 4:39 PM
تحليل سياسي

التطبيع مع سـوريا والاتصال بالاسد يقتحمان حلبة الصراع "التشكيلــي"
عون: لا نأي بالنفس عن المصلحة اللبنانية.. و"الاستراتيجية" بعد الحكومة
محادثات حول اللجنة الدستورية السورية في جنيف في 11 و12 ايلـول

المركزية- اسبوع تلو الاسبوع وشهر تلو الشهر، عيد تلو العيد ووعد تلو الوعد. عدّاد الوقت يمر والاستحقاقات الداهمة تحاصر الجميع ولا حكومة. الاتصالات معطلة والعقد على حالها والاتهامات المتبادلة هي اياها وابواب المخارج والحلول موصدة. اما البلاد واحوالها ففي نفق مظلم لا يعرف اللبنانيون سبيلا للخروج منه في انتظار تطور غير معروف ما اذا كان سيطل من الداخل ام من خارج الحدود حيث الظروف ليست في حال افضل والصورة لا تقل قتامة عما يدور في لبنان. وفي الوقت الضائع حملات سياسية بين القوى المعنية بالتشكيل، يعمد مطلقوها الى رفع السقوف ويسهمون في اضافة تعطيل الى التأليف المعطّل اصلاً.

حرب الاتهامات: وعلى رغم الرهانات على ان عودة المسؤولين من اجازاتهم العائلية في اوروبا لا سيما الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، ستحرّك المياه الراكدة في مستنقع التشكيل، الا ان ارتفاع منسوب السخونة السياسية الى حده الاقصى في اليومين الماضيين لا يحمل في طياته اشارات في هذا الاتجاه، لا سيما بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في اعقاب المقابلة التلفزيونية لرئيس القوات سمير جعجع والاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس ميشال عون بنظيره السوري بشار الاسد، حيث اتهم التيار جعجع ورئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط بـ"تنفيذ اعتقال خارجي للحكومة" وبـ"ضرب صلاحيات رئيس الجمهورية، وبأن هؤلاء يخترعون اليوم الموضوع السوري في السياق نفسه لتأخير تأليف الحكومة".

جدوى الاتصال: الا ان اوساط معراب ردت على هذه الاتهامات بالقول ان الجهة التي تعرقل هي نفسها التي تصر على التواصل مع رئيس نظام يفتقد إلى الشرعية الوطنية والعربية والدولية ويمطر شعبه ببراميل النار والبارود، سائلة عن جدوى الاتصال برئيس اثبتت كل التجارب ان الرهان على تغيير ذهنيته ازاء طريقة التعاطي مع لبنان فاشل، اذ يقتنص الفرص لاعادة وضع اليد على السلطة بأي وسيلة وما متفجرات سماحة وتفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس الا الدليل الى هذه العقلية غير القابلة للتبديل، فالنظام السوري لم يتغير، سياساته ثابتة وأطماعه واضحة، واستراتيجيته معلنة، ومن تغير هو من بدل نظرته حيال هذا النظام العدو للبنان وسيادته واستقلاله.

لا نأي عن مصالحنا: وفي حين نقل زوار عن رئيس الجمهورية قوله "أن النأي بالنفس ليس عن مصلحة اللبنانيين أو مصلحة بلدهم. النأي بالنفس هو عن الحرب، أما من يريد النأي بالنفس عن المصلحة اللبنانية، ففي ذلك خطأ جسيم، والنأي بالنفس عن خراب بيوت المزارعين والصناعيين هو جريمة بحق هؤلاء"، اكد عون خلال استقباله اليوم وفداً من المنتشرين اللبنانيين في دول الخليج العربي اتوا الى لبنان لتمضية عطلة الصيف مع عائلاتهم،"ان لبنان الذي يعتمد سياسة النأي بالنفس لا يمكنه ان ينحاز في اي صراع لأي دولة شقيقة ضد مصلحة دولة شقيقة اخرى، إلا ان النأي بالنفس لا يعني ان ننأى بأنفسنا عن ارضنا ومصالحنا التي لا تضر بأيّ من الدول العربية"، وتساءل "هل من متضرر اذا عاد النازحون الى سوريا؟ وهل هناك من يتأذى اذا مرّت منتجاتنا اللبنانية عبر معبر نصيب"؟  مؤكداً "اننا نحافظ على مصالحنا ونعمل على تحقيقها من دون ان يتأذى بذلك احد". وشدد الرئيس عون على "ان لبنان اجتاز ازمات عالمية واقليمية وعربية تأثر بها العالم سلباً، الا اننا نشكر الله لأن الوضع الامني مستتب والحركة السياحية ناشطة ولسنا دولة مفلسة".

الاستراتيجية بعد الحكومة: وكان الرئيس عون جدد خلال لقائه أمس مساعد وزير الدفاع الاميركي لشؤون الأمن الدولي روبرت ستوري كاريم في حضور السفيرة الاميركية في لبنان اليزابت ريتشارد،التأكيد على "ما سبق ان اعلنه عن عزمه على الدعوة الى حوار وطني حول الاستراتيجية الدفاعية بعدما يتم انجاز تشكيل الحكومة الجديدة"، مشددا على "مكافحة لبنان لأي نشاط يعود الى تمويل الارهاب او تبييض الاموال"، ومشيرا الى ان "القوانين المعتمدة في لبنان في هذا الشأن تطبق بحزم ودقة، وتشهد على ذلك المؤسسات المالية الدولية".

...والتقيد بالعقوبات: وفيما جال الوفد امس على رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ووزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال غطاس خوري، ممثلا الرئيس سعد الحريري، انتقل اليوم الى وزارة الدفاع واجتمع مع الوزير يعقوب الصراف. وقالت اوساط سياسية مطلعة لـ"المركزية" ان مهمة الوفد الاساسية تتصل بالجانب المالي لا الامني وترتكز الى بحث قضية العقوبات على حزب الله التي تعدّ وزارة الخزانة الاميركية دفعة جديدة منها. وافادت ان الوفد طرح اسئلة عن الموقف الرسمي من العقوبات ومدى استعداد لبنان للتجاوب معها كما فعل حتى اليوم، وقدم نصائح بضرورة التقيد بها.

النواب السنّة: ووسط ارتفاع حمى السجالات حول اكثر من ملف، اطلّ النواب السنّة الستة: فيصل كرامي، عبد الرحيم مراد، جهاد الصمد، الوليد سكرية، قاسم هاشم وعدنان طرابلسي، ليؤكدوا بعد لقائهم التشاوري في دارة الرئيس عمر كرامي في بيروت، حقهم في التمثيل في الحكومة  واستغربوا "الأثواب التي يلبسها موضوع التشكيل، تارة عبر ما يسمى عقدة "القوات" ثم العقدة الدرزية وصولا إلى مضمون البيان الوزاري مع تغييب كامل للعقدة السنّية إذا جاز القول انها عقدة وهي في الحقيقة ليست إلا تأكيداً لحق في تمثيل فئة شعبية واسعة من الطائفة السنّية في كل لبنان التي اوصلت نوابا سنّة من خارج "تيار المستقبل" إلى البرلمان، وهذا الأمر ان دل الى شيء فالى ان حقوق الطائفة السنّية وموقعها في المعادلة الوطنية ليست من بين هموم الرئيس المكلف الذي لم يجادل او يناقش في اي من حقوق الطوائف اللبنانية، في حين هان عليه ان يعمل على إقصاء فئة من طائفته، مصراً على حصرية حزبية لا تنسجم مع الواقع التمثيلي البرلماني والشعبي، ولا تؤدي الغرض من حكومة الوحدة الوطنية وتسجل سابقة تسيء إلى الطائفة السنّية وموقعها الوطني".

"جنيف جديد": سورياً، دعا المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا إيران وروسيا وتركيا للمشاركة في المحادثات حول اللجنة الدستورية السورية، التي ستجري في جنيف يومي 11 و12 ايلول المقبل. ومن المتوقّع ان تجري المحادثات حول تشكيل اللجنة التي ستقوم بإعداد دستور سوري جديد، ستليها المحادثات الأممية الأخرى التي ستعقد بمشاركة مجموعة من الدول، بما فيها الولايات المتحدة، غير ان موعد هذه المحادثات لم يحدد بعد.وفي السياق، اكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحفي مع نظيره التركي مولود جاويش اوغلو في موسكو، "ان روسيا وتركيا ستبذلان جهوداً مشتركة لإنجاح التسوية السياسية في سوريا"، لافتاً الى "اننا نحاول إيجاد الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم". ولفت إلى "ان موعد اجتماع زعماء روسيا وإيران وتركيا، المُزمع عقده في طهران حول وضع سوريا، تم تحديده وسيتم الإعلان عنه قريبا جداً". من جهته، حذر اوغلو من "كارثة" في محافظة إدلب السورية في حال شنّت قوات النظام هجوما على آخر ابرز معاقل الفصائل المعارضة والجهاديين"، وقال "ان حلا عسكريا سيسبب كارثة ليس فقط لمنطقة إدلب وانما ايضا لمستقبل سوريا. والمعارك يمكن ان تستمر لفترة طويلة".

تعيين جيفري: وفي السياق، اشارت مصادر دبلوماسية لـ"المركزية" الى ان الولايات المتحدة تبدو قرّرت استعادة المبادرة السياسية الدولية، عبر إعلانها عن تعيين الدبلوماسي الأميركي جيمس جيفري ممثلاً خاصاً لسوريا، وتكليفه بإحياء عملية السلام التي تراوح مكانها برعاية الأمم المتحدة، فهو المعروف بمواقف هجومية ضد روسيا وإيران تحديداً، وقد انتقد مراراً الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب. واشارت الى اهمية تزامن تعيينه مع تعليق واشنطن، مشاريع التحالف الدولي لإحلال الاستقرار في مناطق سورية استعيدت من قبضة تنظيم "داعش"، بما يؤكّد أنّ إدارة ترامب قررت ترك هذا الأمر لحلفائها، وتركيز اهتمامها في المقابل على التطورات السياسية، وخصوصاً مواجهة إيران وإبعادها عن الأراضي السورية.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o