8:18 AM
مقالات

لبنان “ذبابة” على قرن ثور‎

سألت مسناً يعتني ببستان تفاح في إحدى القرى النائية عن توقعه لمسار الحرب التي تشغل اللبنانيين فقال لي: نحنا متل الذبابة التي جرفها هبوب ريح فاحتمت بقرن ثور، وعندما حرك الثور أذنه خافت أن يطردها، فسألته بتهذيب “هل أثقلت عليك يا سيدي؟” ولفتني إلى أن الذبابة خاطبت الثور “بصفة يا سيدي”.

عميقة فعلاً إجابة هذا المسن الحكيم القلق على إمكانية تسويق قطاف تفاحه، فلبنان هو مجرد جزئية في صراع بين ثلاث قوى عظمى هي أميركا وروسيا والصين لم يتحول هذا الصراع، حتى الآن، إلى حرب عالمية، ما يطرح سؤالاً مقلقاً: هل نعيش مقدمة إشتعال حرب كونية ثالثة؟

التدقيق في خارطة الصراع يكشف أن محركه “الحالي” ليس قوة عظمى – ما لا يهدد بإشعال حرب كونية – بل قوى متسلقة تطمح لأن تحقق تقدماً في مسار الوصول إلى العظمة الأممية هي إيران، كوريا الشمالية، وأوكرانيا.

كوريا الشمالية المدعومة من روسيا والصين تهدد شقيقتها الجنوبية المدعومة من أميركا، وأوكرانيا المدعومة من أميركا والغرب تهدد روسيا. ولكن من يحرك إيران وضد من؟

كوريا الشمالية، التي تصنع نسخأ تسليحيةً من كل ما تنتجه موسكو وبيكين هي المصدر الرئيسي الذي يزود إيران بالسلاح المتطور وبخرائط تصنيعه في المقر الرئيسي لورشة التصنيع بسوريا والمعرفة بإسم المركز السوري للأبحاث العلمية Syrian Scientific Research Center (SSRC) قرب دمشق.

كوريا الشمالية أدخلت إيران أيضاً شريكاً في المقر الرئيسي للمركز في منطقة جمرايا المحمية بجبل قاسيون المطل على دمشق ويعمل فيه حسب تقديرات غربية نحو 20 ألف موظف ومتّهم بإنتاج مواد لزوم الحروب الكيميائية والجرثومية إضافة إلى الصواريخ الدقيقة .

مقر المركز في ريف دمشق القريب من الحدود اللبنانية يساعد على نقل الإنتاج منه إلى مستودعات في سهل البقاع اللبناني تعرضت مؤخرا لغارات جوية إسرائيلية عنيفة كما سبق أن تعرض المركز نفسه في عام 2013 لغارة إسرائيلية ظلت نتائجها طى الكتمان الرسمي للنظام السوري.

وكان المركز قد إتهم رسمياً-أممياً بتزويد مروحيات النظام بغاز الكلور السام لشن ضربة قاتلة على مصيف دوما في 7 نيسان 2018 ما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا من المدنيين كما بتزويد مروحيات النظام بخليط من المواد المتفجرة نقل بعضها من مرفأ بيروت لشن سلسلة مجازر بما عرف بالبراميل المتفجرة التي إستهدفت البيئة المدنية للجيش السوري الحر لإنقاذ النظام المتهاوي.

صحيح أن الحرب بالوكالة WAR BY PROXY التي تمارسها إيران بتكليف من كوريا الشمالية لا تهدد بإشعال حرب كونية إذا بقيت طهران ملتزمة بتعليمات العاصمة بيونغ يانغ والرئيس الشيوعي المستبد كيم جونغ أون.

الدول العظمى الثلاث تدير الحرب بالواسطة وفق قواعد إشتباك دقيقة ومحددة، لكن حرب “المشاغلة” التي يديرها حزب إيران اللبناني يمكن أن تتفلّت، إما عمداً أو بالإنزلاق غير المتعمّد، من قيود قواعد الإشتباك ما قد يشعل أحد المحاور الثلاثة التي يتكون منها المشهد الأممي، ويمكن أن يجر البقية إلى ما لا تخطط له.

لذلك، يقول سفير دولة عظمى، يتم حشد قوى بحرية وجوية في المنطقة “لرد إرتدادات التفلت إذا حصلت.”

وإعتبر السفير أن “خطورة المشاغلة تكمن في أن بعض الميليشيات التابعة لإيران تعتمدها لتحقيق مكاسب ذاتية-محلية، يمكن أن تؤدي ردود الفعل عليها إلى تفلّت الوضع، وهنا تكمن الخطورة.”

وذكّر بأن حقبة الحرب الباردة التي تلت الحرب العالمية الثانية شهدت عدة حروب “لكن جميعها كانت مضبوطة ولم تتفلت أي منها بما يهدد بإطلاق حرب كونية جديدة، بل ساهمت في إنهيار الإتحاد السوفياتي.”

ولكن، تساءل الدبلوماسي العريق، “من يضمن إنضباط مدرسة كوريا الشمالية ودولة المرشد وأتباعهما؟”

في هذا الصدد بدا لافتاً تعهد الجنرال عزيز نصير زادة المرشح لتولي منصب وزير الدفاع الإيراني، بأن طهران ستواصل “دعم” جبهة المقاومة باعتبارها “جزءاً من القوات المسلحة الإيرانية”، وقال نصيرزاده لمجلس النواب الإيراني إن “المنطقة والعالم رفضا النظام أحادي القطبية بقيادة أميركا، ويسعيان الآن إلى نظام جديد بظهور قوى مثل الجمهورية الإسلامية.”

وأضاف: “جبهة المقاومة ليست مفصولة عنا، عندما نقول القوات المسلحة، فهذا يعني أن جبهة المقاومة هي جزء منها… سندعم هذه الجبهة سراً وعلناً”.

ولكن إسرائيل سبقت تحالف القوى التابعة لإيران بغارة جوية إستهدفت قيادياً فلسطينياً إسمه خليل المقدح في منطقة الفيلات بصيدا، وزعمت وسائل إعلام لبنانية أن كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة “فتح” قد نعته، علماً بأن أياً من وسائل الإعلام اللبنانية لم تنشر النص الرسمي المعتمد لنعي شهداء “فتح” الذي يصدر تحت شعار قوات العاصفة وإسم (فلسطيننا ، الموقع الرسمي لحركة “فتح” – لبنان) وتتصدره آية قرآنية، ويختتم بعبارة (المجد والخلود لشهدائنا الأبرار. إعلام حركة فتح-إقليم لبنان)، ما يطرح سؤالاً موضوعياً:

هل خليل المقدح هو عضو في حركة “فتح”، أم في تنظيم آخر متحالف مع إيران يستخدم إسم كبرى الفصائل الفدائية الفلسطينية التي تترفع عن التبرؤ منه كي لا تتهم زوراً بأنها تخون الشعب الفلسطيني وتتحالف مع العدو؟

ونعود إلى السؤال المحوري، هل ستنجح المفاوضات في تأمين صيغة شبه مستحيلة لمبادلة الرهائن الإسرائيليين “الأحياء” الذين تحتجزهم حركة حماس في غزة بالأسرى الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية؟

وهل ستوافق القاهرة على تمسك إسرائيل بمحور فيلادلفيا البالغ طوله 14 كيلومترا ويعتبر منطقة عازلة بموجب إتفاقية موقعة بين مصر وإسرائيل في العام 1979؟

وإذا تمت الموافقة على جميع الشروط شبه المستحيلة فهل ستنجح المفاوضات في وقف الحرب بلبنان مع أن مسؤولي حزب إيران نقل عنهم أن الثأر لإغتيال إسرائيل كبير قادتهم العسكريين فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية غير مرتبط بمصير الحرب في لبنان؟؟

محمد سلام - هنا لبنان

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o