Aug 17, 2024 10:11 AM
مقالات

الخيط بين الدولة والدويلة

كتب (البروفيسور ايلي الزير)

هناك خيط فاصل عندما افتقدناه فقدنا الوطن. هو الخيط الذي كان يفصل ما بين الدولة والدويلة، حيث كانت الدولة تقوم بعملها بأقل الممكن وبما تملك من قدرات. كان الاقتصاد تخطط له الدولة بمؤسسات، وكانت الوزارات تعمل وفقاً لبياناتها. كان هناك تجنّب للصدام بين الدولة والدويلة عبر وجود هذا الخيط الرفيع الذي سقط عام 2010، عندما شُكلت حكومة القمصان السود حينها لم يعد هناك تمايز ما بين الدولة والدويلة. رويداً رويداً أصاب الاهتراء كل مرافق الدولة فكانت الدويلة تنمو وتكبر يوماً بعد يوم حتى باتت الدويلة أكبر من الدولة. فحصل الانهيار الاقتصادي، ومن بعده الانهيار الأمني، ثم الانهيار القضائي. واليوم نحن ننتظر مصير الوطن هل تقع الحرب أم لا تقع؟

ما وصلنا إليه نتحمل جميعاً مسؤوليته دولة ودويلة. فالحكومات التي تشكلت منذ ذلك الوقت لم تسأل عن هذا الخيط الفاصل؛ تناسته وكأنه كان هباء منثوراً، والدويلة منذ ذاك الوقت أمعنت في إلغاء هذا الخيط الفاصل الذي كان يؤمّن الحماية للجميع دون استثناء. لا سبيل لعودة الوطن إلا بعودة الدولة، ولا سبيل لعودة الدولة إلا بأن تقتنع الدويلة أنه حان الوقت للعودة إلى القانون والدستور والحياة السياسية الطبيعية، التي تؤمّن العدالة للجميع تحت سقف الوطن.

ستنتهي هذه التهديدات الإسرائيلية لوطننا بأيّ شكل من الأشكال قد يكبر الثمن أكثر مما هو عليه الآن، أو قد لا يكبر. لكن اليوم التالي إن أردنا وطناً علينا أن نعود جميعاً إلى كنف الدولة ومؤسساتها الشرعية. علينا أن يكون اقتصادنا مبنيّاً على رؤية علمية، وأن يكون أمننا بعهدة القوى الشرعية، وأن تكون حكوماتنا من أجل الوطن، وليس على حساب الوطن.

هو اليوم التالي الذي علينا أن نعمل عليه جميعاً أحزاباً وتيارات ومجتمعاً مدنياً. لقد اكتفينا من تجرّع الآلام والمآسي، وحان الوقت أن نعيش بأمن وأمان بوطن قابل للأحلام، وبيئته قابلة أن نحقق فيها هذه الأحلام.

البروفيسور ايلي الزير - "ايوب نيوز"

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o