"دراما الردَّين" بين لهيب النار ومخاوف الانفجار
تزايد الرهان على مفاوضات وقف النار، وترجيح تقدم مسار صفقة «تبادل الأسرى» على الرغم من تزايد الهجمات، وتوسُّع دائرة الاغتيالات في عموم المنطقة، اضافة الى المجازر الفائقة البشاعة، وغير المسبوقة في تاريخ الحروب القديمة والحديثة.
فبدءًا من هذا الاسبوع، تتكثف الاتصالات، لا سيما تلك التي يجريها الرئيس نجيب ميقاتي مع الخارج والداخل لترجيح حماية ممكنة للبلد من استهدافاته من قِبل اسرائيل، اذا ما حدث على صعيد رد حزب الله وايران،ما لم يكن بالحسبان.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الورقة المعدة من قبل الحكومة بشأن تثبيت الاستقرار في الجنوب والتهدئة لا تزال تخضع لتقييم من قبل الفرقاء السياسيين في الواقع الذي لا تزال المعارضة تقرُّ بأن الحكومة مغلوب على أمرها وأن حزب الله هو الآمر والناهي في الملف برمته.
وأوضحت المصادر نفسها أن ما صدر في هذا الصدد يعكس بوضوح العمل على التزام القرارات الدولية والسعي وراء التهدئة قبل أي أمر، معربة عن اعتقادها أن الانتظار سيد الموقف في ما خص المفاوضات بشأن التهدئة المنشودة.
وعليه، يعيش البلد أياماً يمكن وصفها، في نظر مراقبين، «بدراما الردّين» اللبناني والايراني (حزب الله والحرس الثوري)، على وقع تصاعد لهيب النار عبر الضربات الانقضاضية، او الاغتيالات المتفاقمة، فيما الدوائر الرسمية والديبلوماسية الاقليمية والدولية والمحلية، تتخوف من الانفجار الواسع.
وعلى طريقة من المرجَّح، هدّد وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت ايران وحزب الله امام جنود جدد التحقوا بالخدمة قائلاً: من يلحق بنا الاذى بطريقة لم يفعلها في الماضي، فمن المرجح ان يتلقّى ضربة بطريقة لم نتصرف فيها في الماضي.
ومع اكتفاء لبنان الرسمي بورقة الحكومة التي عممتها على البعثات الدبلوماسية في انحاء العالم، وتتضمن رؤية لبنان لوقف اطلاق النار وتحقيق السلام والتعهد بنشر مزيد من عديد الجيش في الجنوب لضمان تنفيذ القرار 1701 ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لوقف عدوانها، بقيت اسئلة كثيرة تحوم حول موعد رد «محور المقاومة» على اغتيال اسرائيل لرئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية في طهران والقائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، بغضّ النظر عن طبيعته وحجمه واستهدافاته، ذلك ان الرد تأخّر اكثر من عشرة ايام، شهدت خلالها المنطقة ولبنان بشكل خاص تطورات متسارعة، منها استهداف مسؤول في حركة «حماس» في مدينة صيدا، وهي المرة الاولى التي يستهدف فيه العدو الاسرائيلي بإغتيالاته عاصمة الجنوب وبوابته، عدا عن تنفيذ اكثر من عملية اغتيال اخرى لكوادر في المقاومة في قرى الجنوب الحدودية مؤخراً.
ومع ان المقاومة ردت على استهداف صيدا واغتيال احد كوادر حماس فيها بهجوم مساء السبت بأسراب مسيَّرات على قاعدة «محفاه آلون» غربي طبريا في العمق الفلسطيني وهي تُستهدف للمرة الاولى، فإنه كان رداً من ضمن المواجهات اليومية في جبهة الجنوب، ما يعني ان الرد على إغتيال شكر لم يحن اوانه بعد ولم تُعرف طبيعته. لكن البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة اعلنت بعد الاعلان عن المبادرة الثلاثية الجديدة، «أن إيران ستسعى للرد على اغتيال العدو الاسرائيلي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، بشكل لا يضر بوقف إطلاق النار المحتمل في غزة».
وأفادت البعثة في بيان لها، يوم الجمعة وتم نشره السبت (بسبب فارق التوقيت بين بيروت ونيويورك): أن أولويتها إحلال نظام ثابت لوقف إطلاق النار في غزة، وإن أي اتفاق تقبله حماس، سنعترف به نحن أيضاً.
قد يكون طرح هذه المبادرة في هذا التوقيت اربك الى حدٍّ ما المخططين في غرفة عمليات محور المقاومة المشتركة لتوقيت الرد وبغض النظرعن حجمه وطبيعته واهدافه، وقد يؤخر الرد قليلاً لتبيان نوايا العدو من المبادرة، وهل سيلتزم بها ويطبقها ام يُفشلها بمجازر جديدة وشروط غير قابلة للتنفيذ؟ إذ قد يختلف الرد في حال نجحت المبادرة فيبقى محصوراً ومدروساً بدقة باختيار أهداف منتقاة بعناية، ولو انه سيكون «قوياً وموجعاً ومؤثراً» كما قال السيد حسن نصر الله. اما اذا أفشل العدو المبادرة فثمة سيناريوهات اخرى سيجري بحثها للرد على كل الاعتداءات التي ارتكبها من طهران الى الضاحية الى مدرسة «التابعين». وقد يتزامن أو لا يتزامن رد ايران مع رد حزب الله في لبنان او الحوثيين في اليمن او فصائل المقاومة في العراق، تبعاً لما تقتضيه طبيعة الرد وحجمه وظروف كل فصيل، وكم سيربك جيش الاحتلال والجيش الاميركي الداعم له في البحر والجو وربما في البر ايضاً.
مجلس الوزراء
حكومياً، يعقد مجلس الوزراء قبل ظهر بعد غد الاربعاء جلسة في السرايا الكبير للبحث بالملفات الطارئة، وبجدول اعمال متنوع.
وحسب المعلومات المتوافرة، سيعرض الرئيس ميقاتي لنتائج الاتصالات التي اجراها، وما توافر لديه من معطيات، ثم تتطرف الجلسة الى جدول اعمال مالي، اداري، فضلا عن خطة الطوارئ التي أعدها منسق الخطة الوزير ناصر ياسين.
وكشف مصدر وزاري ان توفير التمويل بند رئيسي على جدول المناقشات في الجلسة.
الراعي: البلاد بلا رئيس تتفكك
رئاسياً، تطرق البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى الشغور الرئاسي المستمر، وقال في عظة الاحد من الديمان: ها نحن على بُعد سنتين الا ثلاثة اشهر من الفراغ في سدة الرئاسة، والبلاد تتفكك اوصالها.
على الأرض، اعلن المتحدث باسم «اليونيفيل» اندريا تيننتي ان «اليونيفيل ملتزمة بالعمل مع القوات المسلحة اللبنانية، بهدف تهدئة المواقف، والحد من التوترات على الارض، وكشف ان الانشطة المشتركة لم تتوقف، وان التنسيق مع السلطات اللبنانية قائم بتنفيذ العمليات.
الوضع الميداني
ميدانياً، نفذت المقاومة بين صباح ومساء أمس ما لم يقل عن 9 عمليات، إحداها بضربة انقضاضية طالت قاعدة عسكرية قرب طبريا، رداً على توسيع اسرائيل دائرة استهدافاتها للمدنيين والمقاومين من الجنوب الى صيدا وخارجها.
كما استهدفت المقاومة الاسلامية بعيد السابعة من مساء امس، تجمعاً لجنود العدو في نقطة الجروح.
وكانت صواريخ حزب الله تجاه الجليل الاعلى، ادت الى اندلاع حريق جنوب مستعمرة كريات شمونة.
واستمر الاحتلال الاسرائيلي باستهدافاته، فشن غارة على الطيبة، مستهدفاً دراجة نارية، كما استهدف بقذيفة مدفعية حي الطرش في ميس الجبل، وأخرى في بلدة محيبب.
وليلاً، استهدف العدو بغارات بلدتي بستات ومعروب، فأدت الغارة على دردغيا الى اصابة 8 اشخاص بجروح، بينهم 6 اشخاص من التابعية السورية.
المصدر - اللواء