ترقّبٌ قلقٌ للخميس بعد المجزرة والتصعيد جنوباً
بدا واضحاً بعد مرور نحو 48 ساعة على ارتكاب إسرائيل مجزرة مدرسة التابعين في غزة التي أودت بأكثر من مئة ضحية وعشرات الجرحى، أن مضاعفات وتداعيات هذه المجزرة لن تمرّ مروراً عابراً، خصوصاً أنها أثارت موجة إدانات عربية ودولية كثيفة وجاءت قبل أقل من أسبوع من موعد عقد المفاوضات التي دعا اليها البيان الثلاثي لكل من الولايات المتحدة ومصر وقطر الخميس المقبل في الخامس عشر من آب (أغسطس) الحالي في الدوحة.
ولذا راقبت الأوساط الديبلوماسية الخارجية والأوساط اللبنانية المنحى الميداني الذي اتجهت عبره التطورات يومي السبت والأحد الماضيين من زاوية الرصد والتدقيق عما إذا كانت تشكل طلائع ردّ “حزب الله” على اغتيال القائد العسكري في الحزب فؤاد شكر باعتبار أن الاحتقان الهائل الذي خلفته ترددات مجزرة حي الدرج في غزة عمّمت المخاوف من انفجار الاحتقانات وبدء دورة تصعيد غير محسوبة، على رغم أن “تأخر” ردّ الحزب وإيران على إسرائيل كشف حجم الضغوط الدولية المتنوعة التي تسابق شرارة أي ردّ لحصر الأمور ضمن خطوط حمراء تحول دون اشتعال حرب إقليمية.
وما ساهم في تصاعد المخاوف للوهلة الأولى، أن “حزب الله” بلغ في هجمات مسيّراته مساء السبت الماضي على شمال إسرائيل عمقاً غير مسبوق منذ بداية المواجهات، ولكن الأمور عادت إلى مسارها الميداني السابق بعد ذلك، الأمر الذي أعاد الواقع الميداني والديبلوماسي إلى دائرة الترقّب والانتظار القلق. ولكن البارز في هذا الواقع أن أوساطا لبنانية مطلعة ومواكبة للاتصالات الجارية على مختلف المستويات اللبنانية والإقليمية والدولية لم تخفِ أن حالة الترقّب تصاعدت بدءاً من الساعات الأخيرة وامتداداً حتى يوم الخميس المقبل انطلاقاً من معطيات ومؤشرات لا تستبعد أي شيء بما فيه احتمال حصول ردّ كل من “حزب الله” أو إيران أو كلاهما معاً على إسرائيل قبل موعد المفاوضات في الدوحة ولو نفى كل منهما وجود أي موعد محدد للرد، هذا إذا انعقدت المفاوضات باعتبار أن حركة “حماس” لم توافق بعد على المشاركة فيها.
وتلفت الأوساط في هذا السياق إلى أن كلاً من “حزب الله” وطهران فصلا موقفهما المتمسك بالرد على إسرائيل عن موضوع المفاوضات، الأمر الذي يستتبع بعد مجزرة حي الدرج إما سقوط المحاولة الثلاثية الأميركية- المصرية- القطرية لإحياء “الفرصة الأخيرة” التي يراد لها أن تبرّد احتمالات الحرب الواسعة في المنطقة، وإما حصول رد من دون إمكان الجزم مسبقاً بموعده وبحجمه وما يمكن أن يكون عليه الردّ والرد المضاد.
الجيش واليونيفيل
وسط هذه الأجواء، بدا لافتاً تعمّد “اليونيفيل” والجيش اللبناني التأكيد والتشديد على التنسيق بينهما بعد تجاوز حادث تشابك في الصلاحيات الميدانية بين الجيش ودورية فرنسية قبل أيام تجنباً لأي انطباعات سلبية في غير موقتها الآن وسط الرهانات المتعاظمة على دور محوري للجيش واليونيفيل في إعادة تطبيع الأوضاع على الحدود انطلاقاً من تنفيذ القرار 1701 كأساس لأي تسوية لدى وقف النار في الجنوب وغزة. وأكد المتحدث الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي، في تصريح، أن “اليونيفيل تواصل عملها وتنفيذ أنشطتها، بالتنسيق مع السلطات اللبنانية بما في ذلك الدوريات المشتركة مع القوات المسلحة اللبنانية. لم يتغير شيء في هذا الصدد”. وقال: “ملتزمون العمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية لتهدئة المواقف والحد من التوترات على الأرض”.
وبدورها أكدت مصادر عسكرية أن الجيش اللبناني يواصل المهمات المنوطة به جنوباً بالتنسيق التام مع قوات الطوارئ الدولية العاملة هناك، ويسَيّران معاً دوريات مشتركة لحفظ الأمن حيث تدعو الحاجة. وأشارت أوساط معنية إلى أن ما تردّد عن إيقاف الدوريات المشتركة، على خلفية حادثة في كفرحمام، لا يمت الى الحقيقة بصلة، موضحة أن تباينات تحصل من حين لآخر، وهو شأن طبيعي في مطلق عمل مشترك بين طرفين، إلا أن الأمور تعالج سريعاً وتعود الى طبيعتها.
وكانت هذه التطورات محور زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقاً وليد جنبلاط لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي مساء أمس في دارته.
أما في تطورات الموقف الإسرائيلي، فنقلت هيئة البث الإسرائيلية عن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قوله إن “الأعداء من إيران و”حزب الله” يهددون بإيذائنا بطرق لم يفعلوها في الماضي”. وقال غالانت: “لدينا قدرات كبيرة وعلى إيران و”حزب الله” أن يعيدا حساباتهما”. مضيفاً: “على إيران و”حزب الله” أن يتوقعا أن نرد كما لم نفعل في الماضي وآمل ألا توسّع إيران و”حزب الله” الحرب”.
التصعيد الميداني
وفي التطورات الميدانية سقط عنصران من “حزب الله” في غارة استهدفت درّاجة نارية في محيط المدرسة الرسمية في بلدة الطيبة.
وكانت رشقات نارية أطلقت على اطراف الوزاني، أدت إلى اصابة الراعي رفعت يوسف الأحمد بجروح. وفي السياق، صدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن أن الرشقات التي أطلقها الجيش الإسرائيلي على بلدة الوزاني أدت إلى إصابة مواطن بجروح استدعت علاجه في قسم الطوارئ في مستشفى راغب حرب في النبطية.
كما صدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة بيان أعلن عن وفاة مواطن في مستشفى جبل عامل متأثراً بجروح بليغة أصيب بها قبل أيام في غارة على بلدة بيت ليف.
وفي المقابل، أعلن “حزب الله” تنفيذ عمليات جديدة أمس إذ استهدف موقع المرج الإسرائيلي ونقطة تموضع للجنود الإسرائيليين في موقع الراهب وتجمعًا للجنود الإسرائيليين في محيط موقع بركة ريشا وتجمعًا آخر للجنود في محيط ثكنة ميتات والتجهيزات التجسسية في موقع المالكية بمحلقة انقضاضية. ومن ثم استهدف التجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا.
وفي السياق، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أنه تمّ إطلاق 4 صواريخ من لبنان باتجاه مستوطنة ميتات في الجليل الأعلى. وأشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إلى أنّ الصواريخ سقطت في مناطق مفتوحة، ولم يتمّ الإبلاغ عن وقوع إصابات. وفي وقت لاحق، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية عن اندلاع حريق جنوب مدينة كريات شمونة بسبب سقوط صاروخ أطلق من لبنان.
وكان “حزب الله” شن مساء السبت ما وصفه الإعلام الأسرائيلي باكبر هجوم بالمسيّرات على شمال إسرائيل منذ بدء المواجهات بين الحزب وإسرائيل، وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن عشرات المسيّرات أطلقها “حزب الله” نحو الجليل والجولان، كما لفتت إلى أن نطاق ضربات “حزب الله” إتّسع ووصل الى منطقة جبل الجرمق وبلدات قرب طبريا للمرة الأولى.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن سماع دوي انفجارات، واندلاع حرائق بعد هجوم واسع بالطائرات المسيّرة والصواريخ التي أطلقت من لبنان نحو عشرات المستوطنات. ولفتت الى دوي صفارات إنذار دوت في قاعدة عسكرية قرب بلدة “المغار” بالجليل الأسفل. وأعلن مركز الطوارئ في الشمال نشوب 5 حرائق في مناطق متفرقة من الجليل والجولان، بعد الهجوم بالمسيّرات والصواريخ من لبنان.
وأفيد عن انفجار عدد من الطائرات المسيّرة في مهبط “روش بينا” قرب صفد، واندلاع حرائق بينما تتعامل نجمة داوود الحمراء مع 5 اصابات خطيرة. وقال “حزب الله” إنه شن هذا الهجوم بالمسيّرات الانقضاضية رداً على الغارة الإسرائيلية على مدينة صيدا أول من أمس.
المصدر - النهار