Aug 19, 2018 3:31 PM
اقليميات

علي فيصل: الدفاع عن الاونروا مسؤولية الجميع ولاتبرير لحجم تقليص خدماتها

في ضوء ما تعانيه وكالة الاونروا من أزمات ومشاكل واتهامات، يخشى اللاجئون الفلسطينييون من أن يكون كل ذلك تمهيداً لتقليص الوكالة، رويداً، رويداً، سعياً لإنهاءها، وضرب الحق الانساني والوطني للشعب الفلسطيني، كانت هناك حملة #معاضدتقليص_الاونروا للحفاظ على الوكالة ومنع تقليصها وانتهاءها، من خلال الصدق والحقيقة والموضوعية.
ومن منطلق أن مراكز القرار لها دور مهم في التصدي لهذه العوامل، حفاظاً على الوكالة كحق انساني ووطني للشعب الفلسطيني، حاورت (حملة معاً ضد تقليص الاونروا) عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين علي فيصل، حول مستقبل وكالة الاونروا وكيفية المحافظة عليها.

استهداف غير مسبوق
في البداية اعتبر فيصل أن هذه ليست المرة الاولى التي تتعرض فيها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا)، لاستهداف مباشر، غير ان الاستهداف هذه المرة اكثر خطورة على المستوى السياسي واشد على مستوى تخفيض الخدمات، فاذا كانت الازمات السابقة لوكالة الغوث، يطغى فيها الجانب المالي، فان الازمة الراهنة يبدو الجانب السياسي اكثر طغياناً ووضوحاً، خاصة امام التصريحات الاسرائيلية والامريكية التي اعلنت صراحة ان قطع المساهمة الامريكية عن الوكالة هدفه الغاء هذه الوكالة وشطب قضية اللاجئين.

علاقة أزمة الاونروا مع كيان الاحتلال الاسرائيلي والادارة الامريكية
كما ربط علي فيصل الازمة المالية التي تعيشها وكالة الغوث مع المشروع الامريكي الاسرائيلي الذي يستهدف الحقوق الفلسطينية خاصة قضية اللاجئين ووكالة الغوث، في اطار ما سمي بصفقة القرن، واعتبر فيصل، أنه اي حديث عن انهاء خدمات الوكالة قبل عودة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم، انما هو استهداف مباشر لهذا الحق، ووجب على اللاجئين مواجهته بكل السبل لأنه يعتبر عدوان صريح على حقوقهم الوطنية وعلى حقهم بالرعاية الصحية والتعليم والاغاثة وغير ذلك.
امًا عن الادارة الامريكية فقال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الرفيق علي فيصل، أنها تتعاطى مع وكالة الغوث باعتبارها شركة خاصة من يمتلك مالها يمتلك حق ادارتها، والتحكم بقراراتها، واضاف أن هذه الادارة الأمريكية لا تعير اهتماما لنتائج سياستها على المستوى الانساني، ما يعني ان الشعب الفلسطيني وقياداته، سواء على مستوى السلطة ومنظمة التحرير، او على مستوى الفصائل واللجان الشعبية، فهم معنيون بالدفاع عن وكالة الغوث وخدماتها باعتبارها حقوق مكتسبة وليس منًة من الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقدم مساهماتها المالية لقاء الجريمة التي لا زالت ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، والمتمثلة بدعم كيان الاحتلال الاسرائيلي، وتشجيعه على رفض حل قضية اللاجئين وفقا للقرارات الدولية.

المجتمع الدولي مطالب
واكد فيصل، ان المجتمع الدولي مطالب بتكثيف جهوده لمحاصرة تداعيات العدوان الامريكي على وكالة الغوث، وبما يعكس التزام هذا المجتمع بشكل فعلي بقضية اللاجئين وبالوكالة التي تعتبر احدى عناوين هذا الالتزام، وهذا ما يتطلب اعادة الاعتبار لتقرير الامين العام للامم المتحدة بشأن التمويل المستدام لموازنة الوكالة، كما أن الدول العربية خاصة المضيفة للاجئين الفلسطينيين معنية برفع صوتها دفاعا عن وكالة الغوث، لأن اي مساس بهذه المنظمة الدولية، من شأنه الاضرار بمصالح هذه الدول.
ومن الناحية النظرية، اعتبر فيصل، ان وكالة الغوث ورغم المشكلة المالية الكبيرة التي تعيشها، الا انها لا زالت تعكس التوازن الدولي داخل الجمعية العامة للامم المتحدة، التي لا زالت تعتبر ان هناك ضرورة على ابقاء عمل وكالة الغوث وتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، كما يعكس (أيضاً نظرياً) إلتزام المجتمع الدولي السياسي والاخلاقي والقانوني بقضية اللاجئين الفلسطينيين، وبضرورة حلها وفقا للقرار (194)، فهذا ما عكسه مؤتمر روما الذي الذي وان لم يستحب بشكل كامل لمطالب اللاجئين الفلسطينيين، الا انه اكد التزام الاسرة الدولية (٧٥ دولة ومنظمة)، على ضرورة حماية وكالة الغوث وخدماتها، وعلى التداعيات السلبية لسياسة الولايات المتحدة تجاه موازنة الاونروا، خاصة وان الغالبية من اللاجئين يعتمدون في حياتهم ومعيشتهم بشكل مباشر على الاونروا وخدماتها، ما يعني ان اية تخفيضات على الخدمات ستترك نتائج كارثية تتعدى الجوانب الاجتماعية والمعيشية، مما يترتب على الدول المانحة الاسراع في سد الثغرة التي حدثت نتيجة تخلف الولايات المتحدة الامريكية، عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه موازنة الاونروا بعد وقف هذه المساهمة، في اطار العدوان الذي تشنه الادارة الامريكية على الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.

العجز المالي يتكرر وقد يتكرر، وأحد الحلول في الأمم المتحدة
وعن رأيه في العجز المالي بميزانية وكالة الاونروا فقال فيصل، أنه ليس مطلوبا اليوم مناقشة هذا العجز فقط، والذي كان سمةً ملازمة لوكالة الغوث منذ تأسيسها، وهو امر قد يتكرر عام بعد عام، بل ان المطلوب هو حلول جذرية تضع حداً للمشكلة المالية المزمنة التي تؤثر على الخدمات ومدخل ذلك اعادة الاعتبار لتقرير الامين العام للأمم المتحدة، الذي أوقف بنتيجة تدخل المندوب الاسرائيلي ومندوبة الولايات المتحدة في الامم المتحدة في 4/8/2017  الذين حالا دون ادراج البند المتعلق بزيادة ميزانية "الأونروا" الثابتة، على جدول أعمال الجمعية العامة وهو ما شكل استجابة واضحة لموقف رئيس وزراء العدو الاسرائيلي الذي دعا صراحة وبشكل علني الى الغاء وكالة الغوث وتصفية خدماتها.

لاتبرير لحجم تقليص خدمات وكالة الاونروا
أما عن تقليص خدمات وكالة الأونروا فقال علي فيصل:  نحن نعتبر أن الازمة المالية لوكالة الغوث والتي نشأت بفعل سياسة الابتزاز المالي من قبل الادارة الامريكية، لا تبرر حجم التخفيضات التي اقدمت عليها ادارة الاونروا في اكثر من منطقة بذريعة هذا العجز، الذي ورغم خطورته ونتائجه، لكنه لم يصل بعد الى الدرجة التي تستدعي احداث تخفيضات تمس الكثير من القطاعات، وما يجب الاشارة اليه ان العجز الكبير هو في ميزانيتي "الطوارىء والمشاريع"، غير ان ما تقوم به وكالة الغوث انها تسعى لسد العجز في هذين الصندوقين عبر مد اليد على موازنة الصندوق العام المخصصة للبرامج العادية، مما يؤدي حكما الى أبقاء العجز على حاله لأسباب باتت معروفة للجميع وسنقوم بالكشف عنها في اوقات لاحقة، وبالتالي يصبح الخيار الاوحد امام الادارة هو الاقدام على تخفيضات جديدة تطال البرامج الصحية والتعليمية والاغاثية والتوظيف وقضايا اخرى، وهذا ما كان يحدث على كل حال خلال السنوات الخمس الاولى من اتفاق اوسلو عندما كان يستخدم فائض الاموال المحقق في موازنة الصندوق العام لسد العجز الحاصل في موازنة ما سمي حينها "برنامج تطبيق السلام PIP".

الشفافية في وكالة الاونروا
وعن الاتهامات لادارة وكالة الاونروا بعدم شفافيتها فقال فيصل: يجب أن تكون ادارة الاونروا اكثر شفافية في التعاطي مع قضايا الازمة المالية، وان تطلع الشعب الفلسطيني على كل ما له علاقة بالاجراءات المأخوذة لحل مشكلة هذا العجز، كما حذّر من تداعيات أيّة اجراءات تؤدي الى تخفيض الخدمات والتي ستطال بانعكاساتها السلبية كافة القطاعات التربوية والصحية والاغاثية، اضافة الى عدد من الملفات كاعمار غزه ونهر البارد وتداعيات الازمة السورية وغيرها، بل كل مجالات الحياة داخل المخيمات وخارجها، وان مصلحة جميع الاطراف تتطلب معالجة الازمة المالية للاونروا بشكل سريع وخارج اطار سياسة تخفيض الخدمات.

المحاسبة
كما دعا فيصل الى عزل ومحاسبة جميع المسؤولين الذين يستعجلون قرارات واجراءات التخفيض تلبية لضغوط امريكية واسرائيلية بذريعة الازمة المالية، وان بعض هذه الدوائر ترى في التخفيض، الطريق الاسهل للوصول الى "وكالة غوث بلا مضمون سياسي وخدماتي" وهو ما تسعى له من اجل بعض الدوائر الامريكية داخل وكالة الغوث، وحذّر فيصل، من الاستسهال في اتخاذ اجراءات من شأنها المس بحقوق اللاجئين او اختيار الطرق الاسهل في  معالجة الازمة المالية التي لا نقلل من شأنها، ونؤكد على ضرورة تحلي مسؤولي الاونروا بالشجاعة في معالجتهم للازمة المالية ورفض سياسات الاملاء التي تسعى الادارة الامريكية الى فرضها على وكالة الغوث كأمر واقع.

الحل من خلال أربعة خطوط متوازية
أمَا عن كيفية معالجة أزمة الأونروا للإبقاء عليها، فقال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: ان المطلوب اليوم معالجات جدية وجذرية لهذه المشكلة عبر اربعة خطوط متوازية:
أولاً: التأكيد على اعادة الولايات المتحدة الأمريكية لمساهماتها المالية كونها حقوق للشعب الفلسطيني وليس منّة منها، انطلاقاً من الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في دعم العدو الاسرائيلي، وفي تكريس قضية اللاجئين الفلسطينيين واطالة امدها، دون ان تتمكن من اجبار العدو الاسرائيلي، على احترام وتطبيق ولو قرار واحد من القرارات الدولية التي اصدرتها الامم المتحدة.
ثانيا: حث المجتمع الدولي، والدول المانحة خاصّةً. الى زيادة مساهماتها المالية بما يسد ثغرة تقليص الولايات المتحدة الأمريكية لمساهماتها، ودعوة الدول العربية والاسلامية الى زيادة مساهماتها المالية في صندوقي المشاريع ونداءات الطوارئ المختلفة،
ثالثا: اعادة بحث مسألة التمويل المستدام لموازنة الاونروا بتخصيص موازنة ثابتة من موازنة الامم المتحدة.
رابعاً: بالنسبة لإدارة وكالة الاونروا فعليها ترشيد النفقات وصرف الاموال في المكان الصحيح في اطار سياسة واضحة شفافة ومعلنة لمحاربة الفساد والمفسدين، بما يوفر ملايين الدولارات التي يمكن ان تستخدم في صالح اللاجئين الفلسطينيين.

الدفاع عن وكالة الاونروا مسؤولية الجميع
واعتبر فيصل بأن المستهدف هو كل القطاعات، لذلك دعا الجميع الى الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في حياتهم وصحتهم وتعليمهم ومعيشتهم، فاللاجئين فهم سيكونون خط الدفاع الاول عن حقوقهم الاجتماعية، وعن حقهم بالعودة، وافشال المشروع الامريكي الاسرائيلي، الذي سيلاقي نفس مصير المشاريع السابقة الذي سقطت تحت اقدام اطفال اللاجئين الذي يدركون اليوم طبيعة المخطط الاستعماري لأعداء الشعب الفلسطيني واستهدافه لجميع عناوين مشروعهم الوطني.
مؤكداً على فشل مشروع انهاء الوكالة، كما فشل غيره خاصة وان الادارة الامريكية واسرائيل تقفان معزولتان لجهة الاصرار الدولي والعربي والفلسطيني، على التمسك بوكالة الغوث وعلى ديمومة عملها حتى انهاء السبب الذي انشأت من اجله وهو عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وممتلكاتهم وفقا للقرار رقم (194).

دعوة للتوحيد والمؤازرة
وفي الختام، دعا علي فيصل، جميع مكونات الحالة الفلسطينية، سواء على مستوى قيادة منظمة التحرير، او السلطة الفلسطينية، او على مستوى الفصائل، والاتحادات، ومختلف الهيئات، والحراكات الشعبية، الى توحيد هذه التحركات، وتنويع اشكالها بما يوصل صوت اللاجئين الى العالم، ويبعث برسالة موحدة من الشعب الفلسطيني بالتمسك بوكالة الغوث وخدماتها وبالتمسك بمطلب زيادة الخدمات وايضا التمسك بحق العودة.
كما دعا فيصل الدول العربية، خاصة المضيفة، الى مؤازرة اللاجئين الفلسطينيين في تحركاتهم المطلبية واثارة المشكلة على المستويين العربي والدولي، محذراً من أن التداعيات السلبية للاجراءات الامريكية تجاه وكالة الاونروا، هي ليست فقط  على اللاجئين الفلسطينيين، ولكن على الدول العربية أيضاً، وخاصّة المضيفة، كما أنها ستمس العديد من دول العالم، فأي تهاون مع هذه الاجراءات سيشجع امريكا واسرائيل على مواصلة مشروعهم المعادي للقانون الدولي ولابسط قواعد حقوق الانسان.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o