Jul 25, 2024 8:40 AM
مقالات

فلسطين تترنّح بين الوفاق والنفاق والشقاق

فلسطين، منذ زرعت إيران ورمها الخبيث فيها قبل 18 عاماً، تترنح بين وفاق موعود ونفاق موجود وشقاق القشر مع العود.

وقبل أن يسارع ذباب مقابر الحقائق لكيل التهم والشتائم، أذكّرهم أن وزير خارجية حكومة حماس الأولى محمود الزهار هو الذي قال لقناة العالم الإيرانية إنه طلب من الرئيس محمود أحمدي نجاد مساعدة لتمكين حكومة إسماعيل هنية من حكم غزة، فأحاله إلى قاسم سليماني، الذي أعطاه دفعة أولى من 22 مليون دولار موزعة على 9 حقائب، زنة الواحدة 40 كلغ .

على الرغم من تاريخهم الحافل بالشقاق توصل 14 فصيلا فلسطينياً مشاركاً في مؤتمر بكين إلى إتفاق على تشكيل “حكومة وفاق وطني مؤقتة” بعد إنتهاء حرب غزة، ما إعتبر تجديداً لحلم قديم تعذّر تحقيقه في تسع محاولات سابقة جمعت الفلسطنيين في مكة، واليمن، ودكار، ودمشق، والقاهرة، والدوحة، وغزة والجزائر، وروسيا.

مصدر فلسطيني رفيع من خارج حركة فتح وإسلامويي إيران إعتبر أن الإتفاق على حكومة مؤقتة لتحكم بعد حرب غزة هو “مجرد حلم يقظة.”

وإعتبر المصدر أنه “لا يقرر من يحكم بعد إنتهاء حرب غزة إلا من ينتصر في هذه الحرب القذرة، فهل سيقبل المنتصر بحكومة وفاق وطني تشارك فيها فصائل إيران؟؟؟”

وخلص إلى التساؤل: “ماذا إذا إنتصرت فصائل إيران، هل ستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية أن تكون شريكتها بعدما كانت قد طردتها من غزة؟. هل ستكرر السلطة خطأ الثقة بالخط الفارسي؟”

وماذا عن إسرائيل؟ سألت المصدر الفلسطيني الرفيع.

قال: “الشرط الوحيد الذي يستفاد منه للضغط على إسرائيل للإنسحاب من القطاع بعد حسم موضوع الرهائن والأسرى هو عدم مشاركة أذرع إيران و حلفاء إيران، مثل نظام الأسد وحتى الجزائر، في أي سلطة أو قوة متعددة الجنسيات أو شركات مقاولات تعمل على إعادة إعمار غزة.”

وأوضح المصدر أن المحظورات من التواجد على أرض فلسطين عموماً وغزة خصوصاً بعد حسم الحرب “غير مقتصرات على إيران وأذرعها وحلفائها، بل تطال أيضا السلطة الوطنية الفلسطينية التي يُنتظر منها أن تنظٍف نفسها من بطانة الفساد التي تسيء إلى سمعتها، وهذا أمر مطلوب تحقيقه تحديداً من منظمة التحرير الفلسطينية التي تحظى بدعم عربي شبه جامع للقيام بهذه المهمة.”

سألته: هل يعني ذلك أن العرب عموماً لا يؤيدون حصول أذرع إيران على أي دور في غزة؟

أجاب: “الدول العربية عموما تتعاطف مع أهل غزة، وتؤيد أهل غزة، ولا تعلن أي دولة عربية عن تأييدها لأذرع إيران لا في غزة ولا في غيرها من أراضي العرب.”

هل ستساهم حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، إذا تشكلت ومارست مهامها، في إحتواء الصراع المتصاعد في لبنان بين إسرائيل، من جهة، وتحالف المحور الإيراني مع جماعات الأخوان المسلمين من جهة أخري؟

بعد الغارة الحوثية على تل أبيب، عاصمة إسرائيل الإقتصادية، والرد الإسرائيلي على ميناء الحديدة اليمني ومخازن الصواريخ العائدة لحزب إيران في عدلون بجنوب لبنان وما خلّفته من أضرار وإصابات في عدة بلدات لم يعد أحد قادراً لا في أميركا ولا أوروبا ولا الدول العربية على خفض العنف، الذي تتسع رقعته وتزداد حدته في لبنان.

حتى الدول الأوروبيية، التي كان يراهن على دور فعال يمكن أن تقوم به لإحتواء الحرب بين إسرائيل وأذرع إيران في لبنان، إنخفض إهتمامها لتحل مكانه دعواتها لمواطنيها لمغادرة لبنان طالما الرحلات الجوية متوفرة.

وتزامن هذا المنحى مع حظر الحكومة الألمانية المركز الإسلامي في هامبورغ والمنظمات التابعة له في كل ألمانيا، “لأنه منظمة إسلامية متطرفة لها أهداف مخالفة للدستور،” وفق بيان وزارة الداخلية الألمانية.

واتهم البيان المركز بأنه “ممثّل مباشر للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية.”

وداهم محققون من وزارة الداخلية الألمانية 53 موقعاً يعتقد بأنها تابعة للمركز في مناطق مختلفة من ألمانيا يتواجد فيها لبنانيون من أعضاء وأنصار حزب إيران، لكن لم تتوافر معلومات عن توقيف لبنانيين أو ألمان من أصول لبنانية.

عربياً، لم تصدر تعليقات على القرار الذي توصلت إليه الفصائل الفلسطينية برعاية صينية، فيما دعا مجلس الوزراء السعودي إلى “اتخاذ خطوات عملية للوصول إلى حلٍّ عادلٍ وشامل للقضية الفلسطينية، وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية،” من دون أي إشارة إلى حكومة الوفاق الوطني البكينية، نسبة إلى بكين.

صحيفة الشرق الأوسط السعودية نقلت عن مصدر فلسطيني مطلع قوله إن الاتفاق، يعبّر عن “حاجة السلطة الفلسطينية إلى ترسيخ شرعيتها، ورغبة (حماس) في البقاء بالصورة… لكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال انتهاء الانقسام”.

الإنقسام الفلسطيني باق يواكبه الرفض العربي لإسلاميي إيران، معطوفاً على عدم ممانعة عربية لإصلاح السلطة الفلسطينية، يكثّف الضباب الذي يغّلف مستقبل حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية “المؤقتة” ما يوحي بأن الأمور متروكة لظروف إنتهاء حرب غزة التي ستحدد مستقبل النزاعات الفلسطينية-الفلسطينية ومصير الحرب الآيلة إلى التوسع في لبنان.

إتفاق بكين لم يحصد أي ترحيب من المسؤولين الإسرائيليين الذين صبّوا عليه جام غضبهم وأبرزهم وزير الخارجية يسرائيل كاتس الذي قال في منشور على منصة إكس: “وقّعت حماس وفتح اتفاقاً في الصين للسيطرة المشتركة على غزة بعد الحرب. وبدلاً من نبذ الإرهاب، أبو مازن (محمود عباس) يحتضن قتله، ويكشف عن وجهه الحقيقي. عملياً هذا لن يحدث لأنه سيتم سحق حماس، وأبو مازن لن يرى غزة سوى من بعيد وسيظل أمن إسرائيل في أيديها وحدها.”

فمن سيحصد ماذا من الصلحة الفلسطينية بنكهة صينية؟؟؟

محمد سلام - هنا لبنان

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o