Jul 11, 2024 4:58 PM
خاص

بين دمشق وأنقرة أكثر من تقارب وأقل من تطبيع...الكل مستفيد ماذا عن موقف إيران؟

جوانا فرحات

المركزية – لم يمر قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المفاجئ الذي دعا فيه نظيره السوري بشار الأسد لإجراء محادثات، جذافاً على السوريين في تركيا. فالخشية من إعادتهم إلى بلادهم بعد موجة العنف التي استهدفت المهاجرين أصابتهم بحالة من الذعر، وما رفع من منسوب الخشية كلام أردوغان في الأسبوعين الماضيين الذي شدد فيه على ضرورة المصالحة مع سوريا وقرار دعوة الأسد "في أي وقت" للعمل على العودة إلى العلاقات السابقة مع سوريا التي انقطعت عام 2011 بعد بدء الحرب الأهلية في سوريا، وإرسال قوات تركية لدعم فصائل المعارضة السورية في شمال البلاد.

هذه الخطوات تمهد ربما لإبرام أردوغان صفقة مع الأسد وبالتالي إعادة اللاجئين السوريين البالغ عددهم حوالى 4 ملايين شخص إلى المناطق التي يسيطرعليها النظام وتجريدهم ربما من جنسيتهم التركية. فهل ينقذ أردوغان نفسه من براثن المعارضين لحكمه وقد تجلى ذلك في الانتخابات البلدية الأخيرة؟

مصدر متخصص في الشؤون التركية يشير لـ"المركزية" الى أن المحادثات بين أنقرة ودمشق جاءت بدفع روسي بهدف تطبيع العلاقات وستكون على مستوى وزراء الخارجية كمرحلة ثانية".

وتضيف "إلا أن مثل هذا التقارب دونه عقبات كثيرة وملفات مثقلة بمشكلات معقدة وكبيرة في كلي البلدين، ولكن في حال بدأت من نقطة ما لحلحلة وفك المشكلات بينهما، فقد يجدان نفسيهما أمام حل لمشكلة اللاجئين السوريين في تركيا، وحل لمشكلة المسلحين في إدلب، وكذلك مشكلة الاحتلال التركي في شمال غربي سوريا والتغيير الديموغرافي الذي تعمل عليه تركيا في الشمال السوري". وترجح المصادر "أن تنتهي هذه العملية بالانسحاب الكامل للقوات التركية والمسلحين من سوريا، وبالعودة المتدرجة للاجئين السوريين إلى ديارهم، وبسط الجيش السوري سيطرته على جميع هذه المناطق".

ولا تخفي المصادر وجود عقبات عديدة لتحقيق هذا التفاهم "فالأمر يحتاج إلى تفاهمات ثنائية تركية - سورية، وتفاهمات إقليمية، وتفاهمات داخلية في سوريا، وكذلك تفاهمات دولية، نظراً لوجود الولايات المتحدة في شرق الفرات وروسيا في غربه. لكن بالتوازي، ثمة دوافع لدى تركيا للتقارب مع سوريا تبدأ بحصول تعاون بين الجيشين التركي والسوري ضد قوات سوريا الديموقراطية- "قسد"، إلا أن هذا الهدف قد يواجه بعقبات كبيرة، منها الوجود العسكري الأميركي في شرقي الفرات وحماية القوات الأميركية لقوات"قسد". والأكيد أن تركيا لا ترغب مطلقاً في الاصطدام مع الولايات المتحدة الاميركية.

تغيير موقف أنقرة من دمشق وإظهار النوايا الإيجابية لتحسين العلاقات مع سوريا  لم يعد مستحيلا. لكن أهم من الموقف هو التوقيت. وفي السياق، تشير المصادر إلى أن أبرز الأسباب التي دفعت أنقرة إلى إعادة فتح قنواتها مع دمشق هي أولا تبدل سياسات أردوغان وتغيير مواقفه المفاجئة من دون تحفظات وهذا ما تجلى في انتقال العلاقات التركية مع إسرائيل من العداء إلى تأسيس علاقات كاملة بينهما .

 النقطة الثانية تتمثل بقضية اللاجئين السوريين الذين يقارب عددهم الـ4 ملايين مما يزيد من حدة الضغوط على أردوغان من قبل المعارضة التركية التي تعتبر أن هذه القضية باتت تشكل عبئا على الوضع الإقتصادي المأزوم. ويقابل هذه المعارضة فشل أردوغان في مواجهة هذه الأزمة بحسب المعارضة التركية وموقفه غير السليم في الصراع السوري الذي سمح باستضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين. وبالتالي يسعى أردوغان إلى إيجاد حل لهؤلاء النازحين وعودتهم.

النقطة الثالثة بحسب المصادر رغبة الرئيس التركي في استرضاء روسيا.ومعلوم أن إردوغان يحاول الاستفادة من الحرب الأوكرانية والظروف التي تواجه موسكو، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، سواء على مستوى الطاقة والمسائل الاقتصادية الأخرى أو حتى على المستوى السياسي والعسكري. وروسيا تُدرك ذلك وتطلب في المقابل أن تحقق مكسباً يتعلق بدعم الحكومة السورية، ومواجهة الإرهاب، ووقف التقدم العسكري التركي في الشمال السوري".

قد لا تكون مساعي التطبيع بين تركيا وسوريا جديدة أو مفاجئة، فقبل الانتخابات النيابية والرئاسية الأخيرة عام 2023 حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تطبيع هذه العلاقات إنفاذا لضغوط روسية مورست على الرئيس السوري من أجل إتمام هذه المصالحة. وبعد ضغوط كثيرة تم التوافق على عقد لقاء على مستوى وزراء الخارجية فقط .

على أن إشارات التطبيع لا تنعكس بالإيجاب حصرا على تركيا. وتقول المصادر أن لدمشق مصالح معينة جراء تقاربها مع تركيا التي لطالما شكلت متنفسها السياسي والاقتصادي، وسيساهم هذا التطبيع إلى إضفاء مزيد من الشرعية على الحكومة السورية نتيجة تقاربها مع تركيا كأول دولة أطلسية تقيم معها علاقات بعد الحصار الاقتصادي والعزلة السياسية الطويلة أيضا والأهم فإن تركيا قادرة على تنشيط سوريا سياسياً واقتصادياً من خلال علاقتها مع الغرب بمعنى الالتفاف على العقوبات والحد من تأثيرها، إضافة إلى إمكان القيام بوساطة مستقبلا بين دمشق وبعض الدول الغربية" .

يبقى الموقف الإيراني الذي تؤكد المصادر أنه "يرحب بالتقارب بين تركيا وسوريا ولو عبر بيانات، لكن ثمة خشية من أن تتمدد وتتطور هذه العلاقات على حساب نفوذ إيران داخل سوريا...إلى حينه سيكون لكل موقف الرد المناسب"تختم المصادر.  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o