Jun 27, 2024 9:03 AM
مقالات

هل يمكن لأي تسوية أن تحول دون “غزونة” لبنان؟

لا يبدو مستغرباً ما عمّمه حزب إيران عبر أحد إعلامييه عن سرب تجسس بريطاني يحلق مقابل سواحل لبنان ويزود إسرائيل بمعلومات تمكّنها من إغتيال قيادات محوره العسكرية.
وبالتالي، من المنطقي الإستنتاج بأن من يزود إسرائيل بمعلومات عن الإغتيالات يستطيع أن يزودها أيضاً بمعلومات عن مواقع مخازن وورش حزب إيران، ما يعرّي مصداقية شعار الحزب الذي يوحي بما معناه “لا يعرف العدو ما نملكه وأين نخبئه.”
فمن يزود العدو ببنك معلومات الإغتيال قادر على تزويده ببنك معلومات المخازن والمصانع والمدرجات وورش التجميع والرادارات ومحطات الإتصالات، علماً بأن جمع معلومات عن أهداف ثابته أسهل، علمياً وعملياً، من جمع معلومات عن أهداف متحركة.
أما الخبر الذي نشرته جريدة التلغراف البريطانية عن مخازن سلاح وذخيرة مزعومة لحزب إيران في مطار بيروت فليس أكثر من رد هزلي على تهديدات أمين عام حزب إيران لجزيرة قبرص بمعاملتها كعدو إذا سمحت لإسرائيل بإستخدام مطاراتها لمهاجمة محور إيران في لبنان، علماً بأن أسراب طائرات مقاتلة إنطلقت من قاعدة أكروتيري البريطانية في قبرص وليس من مطارات جمهورية قبرص وساهمت مع غيرها من أسلحة الجو بإفشال الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل قبل 3 أشهر.
وكانت إيران وأذرعها، رداً على تدمير إسرائيل قنصليتها بدمشق، أطلقت 185 مسيّرة، و 36 صاروخ كروز، و110 صواريخ أرض أرض، في شهر نيسان الماضي وصل منها إلى إسرائيل فقط 7 مقذوفات وتمكنت شبكات دفاع جوي وطائرات حربية وسفن حربية في المتوسط من إسقاط البقية خارج الأجواء والأراضي والمياه الإسرائيلية ما إعتبر إهانة لسلطات طهران وقدراتها وأئرعها ومحورها.
أما من يعتقد بأن حزب إيران يستخدم مطار بيروت مخزناً للسلاح والمتفجرات، فهو إما جاهل أو غبي بغض النظر عن جدوى وجديّة طروحات وزراء وإداريي المنظومة الحاكمة الذين إقتبسوا دور الدليل السياحي ورافقوا الدبلوماسيين والإعلاميين في رحلة إستكشافية إلى مطار بيروت لم يعثروا خلالها على مخازن مقتنيات حربية لحزب إيران.
الحزب يعلم جيداً أن المطار هو صلة نقله الوحيدة المتبقية مع إيران بعدما تولّت أميركا ودول التحالف وإسرائيل إقفال طرق النقل الإيرانية البرية والبحرية إلى لبنان عبر العراق وسوريا والبحر الأبيض المتوسط.
وبالتالي الحزب أذكى من أن يستخدم المطار مخزنا للسلاح والذخيرة لأنه إذا فجرته إسرائيل فسيفقد خط نقله الوحيد مع إيران والعالم الخارجي.
المطار، بهذه الحالة، قد يخدم فقط كممر لإيصال ما تشحنه إيران جواً إلى ضاحيتها ذات السيادة التي يقع المطار ضمن أراضيها ولا يفصلها عن حرمه سوى سياج على طول مدرجه الشرقي، علماً بأن إشاعات تزعم بأن المطار متصل بنفق يوصل إلى منطقة نفوذ حزب إيران.
ينقلنا الحديث عن أنفاق أذرع إيران إلى أنفاق أدوات نظام الأسد في لبنان وتحديدا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة التي كان قد أسسها أحمد جبريل المتوفي عن 83 عاما بدمشق في تموز العام 2021، ليخلفه في منصب أمين عام الجبهة نائبه طلال ناجيً.
تشرف القيادة العامة منذ عهد جبريل على قاعدة نفق حارة الناعمة جنوبي بيروت التي تطلّ على مطار بيروت ومسار الطائرات المقلعة منه والتي تدخل المسارات الدولية من سماء منطقة السعديات الساحلية جنوبي بيروت.
وكانت طائرة ركاب أثيوبية من طراز بوينغ-737 قد سقطت في البحر مقابل السعديات فجر 25 كانون الثاني العام 2010 وقال شهود عيان في منطقة الناعمة أنهم شاهدوا “كرة نار” في السماء فوق البحر غربي السعديات.
قتل الأشخاص ال 90 الذين كانوا على متن الطائرة، وهم 82 راكباً إضافة إلى طاقم من 8 أشخاص.
خلص الخبراء إلى أن سبب السقوط هو “حادثة من صنع الإنسان … أدت إلى فقدان السيطرة على الطائرة…”
لكن، الخطوط الجوية الإثيوبية بقيت مقتنعة بفرضية العمل الإرهابي بناء على شهادات أشخاص شاهدوا “كرة من النار في السماء”.
قبل نحو أسبوع سلّمت القيادة العامة عقارات لمالكيها كانت تسيطر عليها في منطقة الناعمة، لكنها لم تسلّم القاعدة النفق بإنتظار التسوية النهائية لأنفاقها في الساحل كما في قاعدتيها بقوسايا في سهل البقاع.
تسيطر القيادة العامة على قاعدتين في قوسايا، إحداهما جردية والثانية في الوادي، وترتبطان بمنطقتي الزبداني وسرغايا السوريتين بنفقين يتسع الواحد منهما لمرور آليات مدرعة.
وقد تعرضت القاعدة الجردية في شهر آب العام 2019 لثلاث غارات متتالية من مسيرتين إسرائيليتين في ما إعتبر محاولة لإغتيال خالد نجل أحمد حبريل الذي يتخذ من القاعدة مقراً له لإدارة العمليات الأمنية في لبنان وسوريا.
وجاءت الغارة الثلاثية في قوسايا بعد يوم من تفجير مسيّرتين إنقضاضيتين إسرائيليتين في حي معوض بضاحية بيروت الجنوبية قرب مقر إعلام حزب إيران.
مصدر فلسطيني مطلع قال إن جميع الفصائل الفلسطينية الموالية لنظام الأسد صدر لها قرار بتسليم قواعدها المسلحة في لبنان خارج المخيمات المعترف بها من قبل وكالة الأونروا.
وأضاف: “يبدو أن القرار له علاقة بالتنسيق بين النظام السوري ودول عربية وازنة حريصة على سلامة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وضرورة عدم توريط مخيماتهم في مغامرات تحوّلهم إلى غزة أخرى.”
ولفت المصدر إلى أنه في هذا الصدد وصل إلى لبنان فجأة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي بتكليف من الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط للبحث مع مسؤولين لبنانيين وقادة قوى سياسية في آفاق حلول لمعضلة حرب الحدود بين محور إيران وإسرائيل وكيفية إنهاء الشغور الرئاسي “من دون مخالفات دستورية، وبما يساعد على تنشيط علاقات لبنان الودية مع الدول الشقيقة والصديقة تحضيراَ لإطلاق خطة تعافي متفق عليها مع صندوق النقد الدولي وبضمانات تنفيذية من دول عربية مقتدرة، ما يحول دون غزونة لبنان.”
“اللبننة” كانت على مدى خمسة عقود عنوان المصائب التي تخاف الدول أن تبتلى بها. “الغزونة” هي المصيبة الحالية التي يتمنى عرب نافذون ولبنانيون كثر ألا يبتلى بها لبنان حفاظاً على بقائه.

محمد سلام - هنا لبنان

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o