Jun 17, 2024 6:19 PM
أخبار محلية

بمناسبة زيارة بارولين الى لبنان.. مؤتمر المسيحيين العرب الاول يذكّر ببيانه الختامي في 2019

صدر عن مؤتمر المسيحيين العرب  البيان التالي:

"بمناسبة زيارة الكاردينال بيترو بارولين أمين سرّ حاضرة الفاتيكان إلى لبنان ونظراً لأهميّة الحدث في ظروفنا الحالية خاصة في خضمّ الضياع الذي يصيب اللبنانيين ومن ضمنهم المسيحيين، ننشر مجدداً نتائج أعمال " مؤتمر المسيحيين العرب المُنعقد في باريس بتاريخ 23 تشرين الثاني 2019 ".

1. رأى المجتمعون أنّ التحدّي الحقيقي الماثِلَ اليوم أمام المسيحيين في المنطقة العربية إنما يتلخّص في الإجابة عن السؤال التالي: "كيف نواصل العيش مع شركائنا في الحياة والمصير، متساوين ومختلفين: متساوين في كرامتنا الانسانية كما في حقوقنا والواجبات، ومختلفين - أي متنوّعين ومتغايرين - في انتماءاتنا الدينية والعرقية والثقافية، ومتضامنين في السعي نحو مستقبل أفضل لجميعنا؟".

2. هذه المعادلة لا تطرح علينا احتمالاً من بين احتمالات، وإنما هي معادلةُ الضرورة والاختيار في آنٍ معاً، بما يُتيح لنا الشهادةَ لإيماننا المسيحي في مجتمعاتٍ تعدديةٍ منفتحة - وهي أفضلُ الشهادات بحسب عقيدتنا، فيما لم يعد ثمة مكانٌ في هذا العالم المعولَم لمجتمعاتٍ صافية مغلقة - وبما يُتيح في الوقت نفسه تحقيق مصلحتنا في نطاق المصلحة الكلّية الجامعة لنا ولشركائنا في الوطن والمنطقة العربية.

3. إنها معادلةُ "مواصلة العيش معاً"، وليست سؤالَ البحثِ عن عيشٍ آخر، سعياً وراءَ أفكارٍ ومشاريعَ سياسية، من مثل "تحالفِ أقليّاتٍ بوجه أكثرية" بدلاً من تحالفِ القيم الإنسانية الجامعة، أو التماسِ "حماياتٍ خارجية" بدلاً من حمايةِ بيئتنا الانسانية ومناعتنا الذاتية، أو إشهار هويّةٍ "مشرقية" بوجه الهوية العربية... وهي في الواقع والمتوقّع أفكارٌ ومشاريع ليس من شأنها إلا مفاقمة ما يشكو منه المسيحيون واستعجالُ ما يخافونه ويتوجّسون منه.

4. إنها معادلةُ توكيدِ الهويّة والانتماء والحضور، في منطقةٍ "نحن نمثّلُ أعتقَ ما فيها وأحدثَ ما في العالم من حولنا، ولسنا بحاجةٍ إلى من يشرِّقُنا أو يغرِّبنا أو يعرِّبنا..."، كما جاء على لسان بعض رهباننا، كما أننا من "روّادِ نهضتها أيامُ النهضة، والمكابدين لنكباتها أيامَ النكبات"، على ما جاء في إرشاداتنا الرسولية، وبالتالي "فنحن في هذه المنطقة، مسيحيين ومسلمين، مسؤولون عن بعضنا بعضاً أمام الله والتاريخ"، بحسب الرسالة الأولى لبطاركة الشرق الكاثوليك 1992، كما أننا مواطنون في "أوطانٍ نهائية لجميع أبنائها، عربيةِ الهوية والانتماء"، كما جاء في بعض دساتير بلداننا، وهو ما نرجو أن نراه ماثلاً في سائر الدساتير.

5. إنّ العروبة أو "العربية" التي نؤمن بها وندعو إليها رابطةٌ ثقافية حضارية، أساسُها اللغة العربية ونظامُ المصلحة المشتركة في نطاق جامعة الدول العربية وميثاقها، بعيداً عن أي تعريفٍ دينيّ أو عرقي أو سياسي امبراطوري، صريحٍ أو موارب؛ وهو ما عبّر عنه بدرجة عالية من الوضوح والنضج، وبما يتجاوز التعريفات القوموية السابقة، "اعلان الرياض" الصادر عن القمة العربية في آذار/ مارس 2007. بالتالي فإنّ العروبة التي ندعو إليها هي عروبةُ التلاقي الحرّ التي تتّسع لجميع أبنائها، عرباً وغيرِ عرب، مؤمنين بديانةٍ سماوية أو غيرَ مؤمنين، دونما تمييزٍ أو مفاضلةٍ أو حُكمِ قيمةٍ مسبَق.

6. وعليه فإنّ مداميك العروبة هي الوطنيات في البلدان العربية، بوصف هذه البلدان أوطاناً نهائيةً لجميع أبنائها، متحققةً في دولٍ وطنية. بَيدَ أنّ الدولة الوطنية، كيما تعبِّرَ عن متَّحَدِها المجتمعي تعبيراً صادقاً ومُنصفاً، ينبغي أن تكون "دولةً مدنية"، توفّر الحقوق الأساسية للمواطنين الأفراد، والضمانات للجماعات، بما يُتيح لهذه الجماعات التعبير بحريةٍ وأمان عن خصوصياتها الثقافية، بما في ذلك العقيدة الدينية منظوراً إليها ببُعدها الثقافي. ومن نافل القول أنّ أداء الدولة الوطنية- المدنية لمهماتها الأساسية متوقّفٌ على تمتّعها بالسيادة على أرضها والمقيمين، كما بيّنت تجارب الوصايات الخارجية، ومغامرات العقائد العابرة لحدود الأوطان والدول، فضلاً عن وجود بلداننا على دربِ الفيَلة والمشاريع الامبراطورية المستلّة من دفاترِ حِقَبٍ غابرة.

7. تلك المفاهيم والخيارات التي يُعلنها مؤتمرنا، والتي نعتقد بقوة أنها تعبر عن رأي ومصلحة الغالبية العظمى من المسيحيين في بلادنا، فضلاً عما فيها من مصلحة أكيدة لسائر أبناء المنطقة، إنما جاءت من تداولٍ حرّ ومسؤول مع شركائنا المسلمين في المؤتمر، مسترشدين جميعاً بإعلانات سامية صدرت في الفترة الأخيرة، نخصّ منها بالذكر إعلان الأزهر- 2017، وثيقة الأخوّة الانسانية - 2019، إعلان مراكش -2019 وإعلان مكة - 2019. بَيدَ أن تلك المبادئ والمفاهيم والخيارات قد جاءت في الأصل من حوار الحياة عبر مئات السنين بين من قيّض اللهُ لهم العيش معاً على هذه الارض العربية. وعليه فإنّ تنوّعنا الفذّ هذا هو مصدر ثراءٍ وشاهدُ نعمة، نتمسّك به جميعاً تمسّكنا بوحدتنا. فالمشكلة ليست في التنوّع والتعدّد، كما روّجت ايديولوجياتٌ ومشاريع توتاليتارية، وإنما في سوء إدارتها.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o