Jun 10, 2024 6:52 PM
متفرقات

المحامي شكري حداد: احترام القوانين البيئية واجب تجاه هويتنا والأجيال القادمة

اطلقت نقابة المحامين في بيروت سلسلة طاولات حوار وورش عمل تنظمها لجنة البيئة في النقابة تحت عنوان "العدالة البيئية والقانون"، بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، في بيت المحامي، وكانت كلمة للمحامي شكري حداد رئيس لجنة البيئة في نقابة  المحامين في بيروت جاء فيها:

"اليومَ وبمناسبة اليوم العالمي للبيئة وللمرةِ الأولى بتاريخ نقابة المحامين نفتتِحُ مؤتمراً حول العدالة البيئية والقانون، ونفتتح معه نضالَنا من أجل الحفاظِ على البيئة، خصوصاً أن في كلِ نضالٍ يبقى القانونُ الأداة الأفضلَ والحليفَ الأول والأخير لحمايةِ حقوق المجتمع من التعدياتِ كافة، ويبقى القضاةُ والمحامون حراسَ هذه الأداة.
نجتمعوا اليومَ لإطلاقِ سلسلةَ طاولاتٍ حواريةٍ تهدفُ الى تحديدِ سبُلِ حمايةِ الحقوقِ البيئية التي تشكِلُ جزءاً لا يتجزأَ من حقوقِ الإنسان ومن حمايةٍ لحياتنا المستقبلية.
ومن هنا لا يمكنني أن أتطرقَ الى حقوقِ الإنسانِ دونَ العودةِ الى كبيرٍ من لبنان، الى شارل مالك الذي إعتبر في كتابهِ المعنّون "به كان كلّ شيء" أن التجديفَ بالطبيعةِ هو كل التجديفِ بالروح القدس للدلالةِ على ضرورة الإهتمام بالبيئة وجسامة التجديفِ بها.
من هنا ولأنَ طبيعةَ لبنان تشكلُ جزءاً لا يتجزء من تاريخهِ وهويتهِ، فلا بدى لنا في هذا العصرِ الذي يشهدُ تحدياتٍ بيئيةً عديدة من التحركِ للحفاظِ على حضارةَ لبنان الأخضر الذي طالما تميزَ بتنوعٍ بيولوجيٍ يُعدُ من الأغنى في الشرق.
يواجهوا بلدنا اليومَ غياباً شبهِ مطلقٍ للحوكمةِ الفعالة وإنتهاكاتٍ صارخةٍ ومتعددة للقوانينِ البيئيةِ وذلك على الرغمِ من حداثتها .
فإن تلوثَ الهواءِ الناتجَ عن انبعاثاتِ المولدات والمعامل الكبرى كما تلوثَ المياهِ الناتجَ عن التعدياتِ البحريةِ والنهريةِ  وشبكِ المجاريرَ عليها كما الغياب الشبه المطلق لقطاع معالجة المياه المبتذلة، إضافةً إلى تلوثِ الأرض الناتج عن رمي النفايات وتكدسها في المناطق الخضراء وغياب إستراتيجية فعالة لمعالجتها، ناهيكم عن القطع العشوائي للأشجار وعن غياب الرقابة على قطاع الكسارات والمرامل التي تفتِكُ بجبالنا منذ أكثر من تسعينَ عامٍ.
أمامَ كل هذه المشاكل البيئية والإنتهاكات المستمرة للقوانين نلتزمُ نحنُ كحقوقيينَ  بدورنا في تعزيز العدالة البيئية وتطبيق القانون لحماية الأجيال القادمة والتصدي لصفقات الفساد المعلبة بإطار مشاريع كان من المفترض أن تعالج مسائل بيئية ملحة، والعمل على مكافحة شتّ أشكال هدر الموارد العامة في مشاريع تفتقر إلى التخطيط السليم والرؤية البيئية والتي لا ينتج عنها سوى تدمير للطبيعة وزيادة للعبء المالي على الدولة والمواطنين.
فلنأخذ التغييرَ باليدِ قبل أن يتمُ القضاء على ما تبقى من طبيعةٍ ومن حياةٍ صحيّةٍ في لبنان التي هي حق لكل اللبنانيين، إذ نصت المواثيق الدولية على حق كل إنسان بمحيط سليم يحميه من المخاطر التي تضر بصحته وتهدد حياته.
والدرع الوحيد الذي سيحميَ لبنانَ من إساءةِ إستخدامِ السلطة ومن الإستغلالِ غير المسؤول للموارِدَ هو احترام القوانين البيئية التي تشكلُ واجباً تجاه هويتنا وتجاه الأجيال القادمة.
ولأن حماية البيئة ليست فقط مجرد مسألة تنظيمية مرتبطة بإقرار قوانين ونصوص، بل هي أيضاً واجب وطني وأخلاقي يتطلب تعاون جميع فئات المجتمع، ولأنّ لنقابة المحامين في بيروت دورٌ أساسي في حماية الحقوق والتصدي للانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان ولأنّ الدفاع عن البيئة هو جزء لا يتجزأ من الدفاع عن حقوق الإنسان، ولأنَ النقابة عضواً دائمُ في المجلس الوطني للبيئة وتشاركُ من خلاله بوضع السياسةِ البيئيةِ العامة في لبنان،
فإنّنا كحقوقيينَ من قضاةٍ ومحامين، نتحمل مسؤوليةً كبيرةً في هذا المجال خصوصاً وأن حماية البيئة لا تقتصرُ فقط على مراجعاتٍ القضائية ترمي الى وقف التعديات البيئية، بل أن هذه الحمايةِ البيئية تفترضوا نشرَ وعيٍ  لترسيخ دورِ الأفرادِ كافة بتحملِ المسؤوليةِ عبرَ جعل التربية البيئية جزءًا أساسيًا من مناهجِ التعليم في جميع المراحل.
إنّ قوة القانون تكمن في قدرته على تحويل المُثُلِ البيئيةِ إلى إجراءاتٍ ملموسةٍ، ومن هنا تتبلور أهمية إشراك نقابة المحامين في النقاشات التي تحصل في لجنة البيئة في مجلس النواب كما، اللجان المشتركة التي تناقش قوانينَ ذات الصلة.
ولأنَ التشريعَ يبقى غير فعالٍ بغياب نظامٍ يضمنُ إحترامهِ ويعاقبوا مخالفيه، فلا بدَ هنا من التأكيدِ على أهمية تفعيلِ دورَ النياباتِ العامة البيئية والأجهزة التي من شأنها مراقبة التعديات والتي لم تنشأ لغاية اللحظة.
في هذا السياق، يسرُنا كلجنة بيئة في نقابة المحامين، التي أحيي جهودَها ،(بالدارج شكر) أن نعلنَ عن إطلاقِ سلسلةِ طاولاتٍ حواريةٍ تهدِفُ إلى جمع المتخصصينَ والمسؤولينَ في السلطات الثلاث إضافةً الى أهل البيت للبحثِ عن الحلولِ الممكنة والسياسات البيئية الواجب إعتمادها تكونوا متمحورةً حول سبل حماية الأرض والهواء والماء.
ولأنّ التنمية المستدامة تتطلبُ من الجميع، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسساتٍ، أن يكونوا جزءًا من الحل لا جزءًا من المشكلة عبر إعتماد ثقافة بيئية تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة، فالعمل الجماعي وتضافر الجهود هو السبيل الوحيد لحماية الحياة ومستقبل الأجيال، فدعونا نواكب التطور العالمي والنعود الى حضنِ السياسة العالمية البيئية ،أستذكر هنا ما قاله العالم والكاتب  Lester Brown :
"نحن لسنا فقط حراس البيئة للأجيال القادمة، بل أيضًا حراس العدالة بين الأجيال الحالية."
أخيراً أشكر سعادة النقيب الأستاذ فادي مصري على هذه الفرصة لوضع الهمّ البيئي في لبنان في صلب أولويات النقابة، كما أشكر المتحدثون في هذا المؤتمر (ممثل وزير العدل القاضي ايلي الحلو، رئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي الياس، رئيس لجنة البيئة النيابية النائب الاستاذ غياث يزبك، رئيس جامعة الحكمة البروفيسور جورج نعمه والنائبة الدكتورة نجاة عون صليبا) وأشكركم جميعاً على حضوركم ومشاركتكم، وأتطلع إلى حوارات مثمرة وتوصياتٍ فعالة تساهم في حماية بيئتِنا وتحقيق العدالة البيئية في لبنان.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o