May 21, 2024 1:04 PM
خاص

التقدم الروسي في خاركيف.. بداية نهاية المعركة؟!

يولا هاشم

المركزية - أكثر من 10 آلاف شخص اضطروا للفرار من منازلهم في منطقة خاركيف في شمال شرق أوكرانيا مذ بدأت روسيا هجوماً برياً مباغتاً قبل أكثر من أسبوع، في حين أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس أن جيشها يواصل التقدم في شمال شرق أوكرانيا وأنه سيطر على 12 قرية في منطقة خاركيف خلال أسبوع. فما السيناريو المتوقع لهذه الحرب المستمرة منذ سنتين؟

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية ان "الوضع في اوكرانيا صعب جدا، وهناك قتال شرس من قبل الطرفين، حيث تسعى روسيا أولاً إلى تشتيت القوات الاوكرانية وتحديدا في المنطقة الشمالية الجنوبية لمدينة خاركيف، وبدأت بشن هجوم على اوكرانيا منذ آذار الماضي، إثر نجاح فلاديمير بوتين في الانتخابات الرئاسية واعتبار أنه يخوض معركته بتفويض شعبي، وثانياً إلى استغلال تقاعس الغرب والولايات المتحدة الأميركية في امداد السلاح لاوكرانيا وساهمت بأن يلتقط أنفاسه ويعيد ترتيب جيشه بعد ان كان قد بدأ يفقد زمام المبادرة. اليوم بدأ هذا الجيش يستعيد زمام المبادرة من خلال الهجمات التي يقوم بها واولها سقوط افديفكا وصولا الى القرى التسع الصغيرة  وهي ما بين 8 الى 10 كلم شمال اوكرانيا من ناحية شمال مدينة خاركيف".

ويشير العزي إلى ان "الجنوب يتعرض لنكسة نتيجة التقاعس الاوروبي والخذلان الاميركي، ما سمح لبوتين بتنفيذ ثلاث نقاط، الاولى باتجاه خاركيف، علماً أنه لا يستطيع السيطرة عليها لأنها تتطلب أكثر من خمسين الف عسكري  جهّزهم بوتين، لكنه يستطيع الضغط الميداني عليها، لما تعنيه هذه المدينة كونها ثاني اكبر مدن اوكرانيا. وخاركيف كانت عاصمة اوكرانيا وتم تغييرها في الحرب العالمية الثانية لأنها سقطت سريعا أمام الالمان. لذلك لن تكرر خاركيف التجربة، خاصة وان سكانها الذين كانوا موالين لروسيا، وقاموا عام 2014 بتظاهرات تأييداً لحسن الجوار مع روسيا وليس الحرب، إنما عام 2020 أكثر خسائر تلقاها الجيش الروسي كانت في اوكرانيا. والنقطة الثانية، إبعاد الهجمات التي تتعرض لها مدينتا بلغراد وبريانسك من قبل القوات الاوكرانية وتحديدا الكتيبة التي تعتبر كتيبة روسية تقاتل الى جانب الجيش الاوكراني. وفي هذا الاطار، بوتين يريد التوسع وانشاء خط فاصل اي منطقة عازلة يستطيع من خلالها استخدام المدفعية الفعلية في مواجهة خاركيف واستهدافها بالمدفعية وليس بالصواريخ. وهذا يوفر لروسيا قدرات عالية جدا في عملية المواجهة.

النقطة الثالثة والاهم انه يريد التشدد في الشمال الشرقي لاوكرانيا كي تنسحب القوات الاوكرانية من جزء من الجنوب الجنوبي تحديدا في منطقة دونيتسك لأن خطة بوتين التوجه الى دونيتسك ولوغانسك لأنه يريد ان يستغل ويشتت فرصة ميتة. رغم ذلك، استطاع الجيش الاوكراني تكبيد الروس خسائر كبيرة وتجميد الهجمات والمحافظة على خطوط الدفاع، والأهم أنه استهدف مناطق في جزيرة القرم بالطائرات المسيرة، خلف خطوط المنطقة".

ويرى العزي ان "اوكرانيا تنتظر وصول السلاح الاميركي ولذلك ستمتد هذه المعركة لمدة ثلاثة اسابيع وصولا الى ثلاثة اشهر، وستكون صعبة، لكن اوكرانيا ستصمد وتدافع وسيكون التراجع بطيئاً، والاهم ان السلاح سيصل. في المقابل، سيعمد بوتين على احتلال مناطق إضافية من اجل محاولة التفاوض. فقد حاول في الشتاء المنصرم انتزاع منطقة اوديسا لكنها صمدت، واليوم تتعرض مدينة خاركيف لهذه الاعمال لكنها ستصمد أيضاً"، معتبراً ان "بوتين يظن بأن سقوط اوديسا او خاركيف سيسمح له بالتفاوض مع الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة على نقطة مهمة جدا، وهي ان يبقى الوضع كما هو عليه في المحافظات الخمس التي أعلنها في الدستور أنها أجزاء من روسيا، وسيتم التفاوض على الانسحاب من هذه الخطوط الجديدة الذي يظن أنه يستطيع السيطرة عليها، لأنه لن يستطيع تأمين جيش كامل لاحتلال خاركيف، بل يسعى إلى إلهاء الاوكران في خاركيف لتحقيق نجاحات في مناطق الجنوب الجنوبي اي دانيتسك ولوغانسك اللتان ما زالتا جيوبا لم يستطع الوصول إليها، ويعزز نشاطه بتشكيلة جديدة في الاستراتيجية الروسية في التعامل مع الحرب التي تبلورت بإقالة وزير الدفاع سيرغي شويغو وتعيين أندريه بيلوسوف خلفا له، والذي يُعتبر من المشرفين على التصنيع الحربي، ما يعني ان بوتين عازم على إعادة التجهيز العسكري ظنا منه بأن الحرب التي سيقودها ستكون لوجيستية تكتيكية عبر صناعات جديدة ومتطورة للسلاح والطائرات. وعين شويغو سكرتير الامن القومي أي أنه أبقى على كاريزما في هيئة الاركان، كي لا يقال انه حقق مطالب يفغيني بريغوجين حتى في قبره. انما سكرتير الامن القومي رتبة اعلى من قيادة الجيش، وبالتالي يكون قد تخلى عن حليفه وصديقه نيكولاي باتروشيف الذي كان يشغل هذا المنصب، ويقال أن باتروشيف دفع ثمن الحرب في اوكرانيا نتيجة التقارير الخاطئة لأنه الوحيد الذي كان مخولا التقابل مع بوتين والمناقشة معه بطريقة ندية بعكس كل الوزراء".

ويعتبر العزي ان "خاركيف تبقى نقطة مشتعلة لكن الاقتراب الروسي من احتلالها اصبح مستحيلا، لأن الجيش الاوكراني جاهز للتصدي، ولم تكن زيارة الرئيس فولوديمير زيلينسكي منذ أيام إلى خاركيف التي تعرضت لأكثر من 153 هجوماً روسياً خلال الاسبوع الماضي، زيارة عادية وليس لرفع المعنويات، انما رسالة للغرب وللداخل بأن الرئيس الاوكراني سوف يبقى صامدا بغض النظر عن كل الهجمات ولن يتخلى عن خاركيف، وسيعيد بناء استراتيجية جديدة واضحة رغم الخسائر في الارواح والنقص في المعدات التي لا يزال الغرب غير جاهز لتأمينها بالرغم من الاتفاقات وأخل بوعده. ورسالة للغرب بأن لا معنى لأي تحالف او للناتو إذا سقطت اوكرانيا، وبالتالي ستكون المعارك اكثر حماوة وتصعيدا".

ويضيف: "المساعدات العسكرية التي أعلنت واشنطن بأنها ستصل تدريجياً، ستؤمن لاوكرانيا أولاً الضرب في العمق الروسي ما سينعكس سلباً على موسكو، وثانياً تأمين حماية لاوكرانيا من الهجمات العشوائية التي تشنها روسيا وتسمح لها بضرب أهداف بعيدة المدى، والتركيز على شبه جزيرة القرم، لأن المساعدات الغربية واللوجيستية البريطانية ستؤمن فعليا إخلاء الاسطول الحربي الروسي من شبه جزيرة القرم وبالتالي على الغرب ان يعي ان صمود اوكرانيا يعني استقلالية القرار الاوروبي المستقل عن روسيا والولايات المتحدة. ومن هنا لم يكن كلام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عاديا عندما أعلن ان فرنسا ستضطر إلى إرسال قوات إذا سقطت الخطوط الامامية الاوكرانية وسيحذو حذوهم البريطانيون وامس كان تصريح للاستونيين بأنهم سيذهبون للدفاع عن اوكرانيا، وهذا ما أخاف الطبقة الروسية العسكرية والسياسية المحيطة بقصر الكرملين وأطلقوا مواقف بمعنى أنهم سيستخدمون النووي من أجل الضغط على ماكرون لسحب كلامه. لكن ماكرون كان واضحا عندما قال اننا لن نخوض حربا ضد الشعب الروسي ولا ضد روسيا نفسها وإنما نريد ان ندافع عن اوكرانيا ولن نسمح لاوكرانيا بالسقوط والسيطرة الروسية كي لا تصبح ابوابنا مشرعة لبوتين".
 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o