مليار يورو ثمن صمت لبنان وقبوله بابقاء النازحين فيه؟
رئيسا قبرص والمفوضية الاوروبية جالا على بري وميقاتي
طعن قواتي بالتمديد للبلديات وعباءة سعودية لجعجع
المركزية- قبل ان تدخل البلاد مجددا في مدار عطلة عيد الفصح لدى الطوائف التي تتبع التقويم الشرقي وتفرض ايقاعها على الحركة السياسية، تصدر ملف النزوح السوري واجهة الاهتمام اليوم حتى انه استفرد بالنشاط الرسمي من خلال زيارة رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضية الاوروبية أورسولا فون دير لاين التي انتهت الى حزمة مساعدات مالية للبنان بقيمة مليار يورو للفترة الممتدة من السنة الجارية وحتى العام 2027 لدعم الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة للبنانيين ومواكبة الإصلاحات الاقتصادية والمالية والمصرفية الملحة، اضافة الى تقديم الدعم للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى على شكل معدات وتدريب لإدارة الحدود ومكافحة التهريب.
مليار يورو، رقم زهيد، لا بل زهيد جداً، ان كان الاوروبيون يحاولون شراء صمت لبنان ازاء ملف النازحين وابقائهم يسرحون على ارضه من دون التفكير بمجرد العودة الى سوريا او الى اي بلد ثالث، وقد فاقت كلفة النزوح الـ55 مليار دولار بحسب الاحصاءات، مليار لا يقدم ولا يؤخر ولا يُسقط حق لبنان في اتخاذ اجراء ، مهما كان، للتخلص من عبء لا بل من خطر وجودي على الكيان والمصير، فهل من يتحرك قبل ان الضربة القاضية؟
اما مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، فتبدو تحرز تقدماايجابيا مع اعلان رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية عن درس مقترح الهدنة بايجابية، وعودة وفد من الحركة إلى مصر لاستكمال محادثات وقف النار،في ظل اتصالات مصرية مكثفة مع جميع الأطراف، علما أن الورقة التي تصيغها السداسية العربية تتضمن خريطة طريق من 4 مراحل تهدف الى إقامة دولة فلسطينية. المرحلة الأولى تشمل إعادة حكم السلطة الفلسطينية في غزة ومنح الحكومة الفلسطينية إمكانية العمل وفرض القانون والنظام وإعادة إعمار القطاع. وتتضمن الثانية وضع خطة لإصلاح أجهزة السلطة الفلسطينية بما فيها إعادة هيكلة أجهزة الأمن ودمج مناطق "أ" التي تسيطر عليها السلطة مع مناطق "ب" التي تخضع للسلطة إداريا ولإسرائيل أمنيا.المرحلة الثالثة تشمل إطلاق مفاوضات بخصوص قضايا الوضع النهائي مثل القدس، والحدود واللاجئين والمياه، اما الرابعة فيتم فيها الإعلان عن استقلال فلسطين وبعدها التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.
وطن بديل: كان النزوح السوري عنوان الحركة المحلية بامتياز اليوم، فقد عرض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضية الاوروبية أورسولا فون ديرلاين، للملف مطولا. وقال بعد الاجتماع "عبرّنا أولا عن تقديرنا لتفهّم بعض دول الاتحاد الاوروبي في اجتماعه الأخير لطلب الحكومة اللبنانية،اعادة النظر في سياسات الاتحاد الاوروبي المتعلقة بادارة ازمة النازحين السوريين في لبنان. وهذا الموقف يترجم بزيارة فخامة الرئيس والسيدة رئيسة المفوضية الأوروبية”. وأعرب ميقاتي عن رفضه ان “يتحوّل وطننا الى وطن بديل وندعو اصدقاءنا في الاتحاد الأوروبي الى الحفاظ على قيمة لبنان والمضي في حل هذا الملف جذريا وباسرع وقت،انطلاقا من المعرفة المتبادلة بيننا وبين الاتحاد الاوروبي ودول العالم بأن مدخل الحل سياسي بامتياز”. ورأى ميقاتي أنه “انطلاقا من واقع سوريا حاليا ، ان المطلوب كمرحلة اولى الاقرار اوروبيا ودوليا بأن اغلب المناطق السورية بات آمنا ما يسهل عملية اعادة النازحين ، وفي مرحلة اولى الذي دخلوا لبنان بعد العام 2016 ومعظمهم نزح الى لبنان لاسباب اقتصادية بحتة ولا تنطبق عليهم صفة النزوح”. وفي هذه المناسبة، جدد ميقاتي “مطالبة الاتحاد الاوروبي، بما كررناه على الدوام، من ان المطلوب دعم النازحين في بلادهم لتشجيعهم على العودة الطوعية ما يضمن لهم عيشا كريما في وطنهم . واذا كنا نشدد على هذه المسألة فمن منطلق تحذيرنا من تحوّل لبنان بلد عبور من سوريا الى اوروبا، وما الاشكالات التي تحصل على الحدود القبرصية الا عينة مما قد يحصل اذا لم تعالج هذه المسالة بشكل جذري”.
اعادة توطين في اوروبا: من جانبها، أعلنت فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعم لبنان، لافتة إلى أنه سيعلن عن حزمة مساعدات بقيمة مليار يورو بدءا من هذا العام وحتى 2027. وأضافت خلال المؤتمر صحافي في السرايا: “نحن في لبنان لنقول إننا ندعم لبنان وشعبه بقوّة ونريد أن نعزّر سبل التعاون”. وتابعت: “نريد أن نساهم في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في لبنان من خلال تعزيز الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة”، مشيرة إلى أن “أمن لبنان وإسرائيل على المحك لذلك ندعو إلى تنفيذ القرار 1701”. وقالت: سندعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى والبرنامج سيركّز على توفير المعدّات والتدريب الضروري لإدارة الحدود. تابعت “نعوّل على حسن تعاون لبنان لمكافحة تهريب المهاجرين ونتفهّم التحديات التي يواجهها البلاد”. واشارت الى ان "لمساعدتكم في إدارة الهجرة، نحن ملتزمون إبقاء المسارات القانونية مفتوحة إلى أوروبا، وإعادة توطين اللاجئين من لبنان إلى الاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه، نعوِّل على حُسن تعاونكم لمنع الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب المهاجرين".
الوضع ليس مقبولا: من جهته، أعلن الرئيس القبرصي عن رزمة دعم شاملة للبنان وهي تشمل مساعدة لبرامج دعم متعددة ولدعم مكافحة التهريب وحماية الحدود. وقال “نقوم اليوم بخطوة مهمة من أجل شعب لبنان كي نعالج بشكل أفضل التحديات المشتركة”. وأشار خريستودوليدس إلى أن قبرص تتفهم بشكل عميق المشاكل والتحديات التي يواجهها لبنان والأزمة طويلة الأمد في سوريا قد ضخّمت العواقب السلبية على لبنان وشعبه. وقال الرئيس القبرصي: “الاتحاد الأوروبي يقول عبر هذه الزيارة إنه سيستمر في التواجد إلى جانب لبنان ونحن نقوم بخطوة مهمة لجعل لبنان أقوى”. وأضاف: “ندرك الضغوطات الكبيرة جراء النزوح السوري في لبنان والوضع الحالي ليس مقبولاً للبنان وقبرص والاتحاد الأوروبي”.
جدية: بعدها توجه الوفدان الزائران الى عين التينة حيث استقبلهم رئيس مجلس النواب نبيه بري وقال بعد اللقاء: “هذه أكثر مرّة نلمس فيها جدية في موضوع النازحين السوريين”.
بيان اوروبي: وفي ختام الجولة، وزعت بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان بيانا عن زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فونديرلاين لبيروت، جاء فيه: ناقشت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فونديرلاين خلال زيارتها لبيروت اليوم، برفقة رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس، التحديات المحلية والإقليمية الكبيرة التي يواجهها لبنان، وأفضل السبل التي يمكن للاتحاد الأوروبي أن يدعم بها البلاد وشعبه. وأعلنت أنَّ الاتحاد الأوروبي سيقدِّم حزمة مساعدات مالية للبنان بقيمة مليار يورو للفترة الممتدة من السنة الجارية وحتى عام 2027. وسيعزِّز هذا الدعم المستمر من الاتحاد الأوروبي الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة للشعب اللبناني. كما أنَّه سيواكب الإصلاحات الاقتصادية والمالية والمصرفية الملحة. علاوةً على ذلك، سيجري تقديم الدعم للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى على شكل معدات وتدريب لإدارة الحدود ومكافحة التهريب. وقالت الرئيسة فونديرلاين إنّ "زيارتي اليوم شهادة قوية على دعم الاتحاد الأوروبي المستمر للبنان وشعبه. وكانت هذه أيضاً الرسالة الواضحة للقادة الأوروبيين في قمتنا الأخيرة، وهم ملتزمون بتقديم دعم مالي كبير للبلاد في ضوء التحديات الكبيرة التي تواجهها". وأضافت أنَّ "مبلغ مليار يورو حتى عام 2027 سيوفر المساعدات التي يحتاجها الشعب اللبناني بشدة ويساهم في أمنه واستقراره".
هدوء الحدود: على صعيد آخر، وبينما حكي عن موافقة اسرائيلية على تسوية حدودية تقوم على تراجع حزب الله 10 كيلومتر عن الحدود الجنوبية وعن اقتراح باريس استضافة محادثات غير مباشرة بين حزب الله وتل ابيب، شهدت المنطقة الجنوبية اليوم هدوءا لافتا. ولم تسجل سوى غارة شنها الطيران الحربي الاسرائيلي استهدفت منزلا قيد الانشاء في بلدة مركبا قضاء مرجعيون.
طعن قواتي: على صعيد آخر، تقدّم تكتّل "الجمهورية القوية" باستدعاء أمام المجلس الدستوري طعناً بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية. وبعد تقديم الطعن، أكّد النائب جورج عقيص انه "كلما ستُمعن السلطة في ضرب المؤسسات والانتخابات سنكون لها بالمرصاد من خلال الطعون القانونية". وقال "الظرف في الجنوب غير مؤاتٍ لإجراء الانتخابات لكن كان بإمكان الحكومة إجراء الانتخابات في كل المناطق مع إرجائها مؤقتاً في تلك التي تواجه مشاكل أمنية". وتمنّى تنفيذ وقف هذا القانون سريعاً، معتبرًا اياه جريمة بحق الديمقراطية. وختم قائلًا "التمديد هو لهدف سياسي وتراجع شعبية البعض".
عباءة سعودية لجعجع: الى ذلك، التقى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في معراب، سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري، في حضور عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب ملحم الرياشي وعضو الهيئة التنفيذية في الحزب جوزيف جبيلي.
وتم البحث في الاجتماع الذي استمر أكثر من ساعة ونصف الساعة في التطوّرات السياسية على الصعيدين اللبناني والاقليمي، ولا سيما الملف الرئاسي واجتماعات اللجنة الخماسية، فضلا عن أهمية تطبيق القرار الدولي 1701 وضبط الحدود ناهيك عن المستجدات في الجنوب اللبناني. وقدم السفير البخاري لـ"رئيس القوات" عباءة سعودية مطرّزة.
مسؤولية لبنانية : من جهة ثانية، وبينما لا حراك رئاسيا، اكد نائب رئيس الحكومة الأسبق النائب غسان حاصباني ان "هناك من يضرب الدستور، و"الطائف" والسيادة ويهمش دور الجيش الشرعي اللبناني كمدافع حصري عن الأرض والشعب والمؤسسات، أي الدولة، وهي المشروع الذي اقمنا حوله شراكة مسيحية - إسلامية تحقق الاستقلال عن اي سلطة خارجية، دولة سيدة ونهائية وملتزمة بالوفاق الوطني وبالقرارات الدولية شعباً وأرضاً ومؤسسات، تبسط سلطتها على كافة أراضيها". وخلال زيارة وفد من "القوات اللبنانية" دار الفتوى أكد حاصباني ردا على سؤال "أولوية الملف الرئاسي ورحب بمساعي اللجنة الخماسية، مشددا على ان هذا الاستحقاق مسؤولية لبنانية. كما ذكر بموافقة القوات اللبنانية على مبادرة كتلة الاعتدال الرئاسية، مؤكداً عدم جواز القبول بأعراف تخرج عن الدستور".