Aug 09, 2018 6:22 AM
صحف

روايتان حول مسار التأليف

تتداول الاوساط السياسية روايتين حول مسار التأليف. الأولى، تلقي المسؤولية على الرئيس المكلف باعتباره لم يضع معياراً معيناً من بداية مراحل التأليف واشتغل على اساسها، فلكان بذلك قد وفّر الكثير من الوقت، وجَنّب التأليف حالة المد والجزر التي سادته.

وبحسب الرواية، فإن التباطؤ الذي شاب حركة الرئيس المكلف منذ اسابيع لم يكن مُستساغاً لدى شركائه في التأليف، خصوصاً لدى رئيس الجمهورية، اضافة الى تبنّيه وجهة نظر "القوات اللبنانية" والحزب "التقدمي الاشتراكي".

واللافت في هذه الرواية لحظها ان اللقاء الاخير بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس سعد الحريري لم يكن سلبياً بل على العكس، شهد تقدماً على خط التأليف، بعدما طرح الرئيس المكلف على رئيس الجمهورية صيغة جديدة لحكومته، يمكن القول انها حظيت بشبه توافق عليها، حتى على حجم كل طرف، وخَلت من ثلث معطّل لطرف بعينه في الحكومة، الا ان بعض النقاط بقيت عالقة وتتطلب معالجة، وان الحريري اخذ على عاتقه في هذا اللقاء معالجة عقدتي تمثيل "القوات" و"الاشتراكي"، الا ان هذه المعالجة لم تحصل.

وتشير هذه الرواية الى ان الامور ليست عالقة في نقطة الصفر خلافاً لِما يقال، بل ان ثمة تقدماً حصل، والخلاف لم يعد عميقا لا على الاحجام، ولا على مسألة الحقائب، خصوصا الخدماتية، الا ان النقطة العالقة ما زالت على موضوع إسناد حقيبة سيادية لـ"القوات"، وهو الامر الذي ينتظر ان تقتنع "القوات" باستحالة إسناد اي حقيبة سيادية لها، سواء اكانت الخارجية او الدفاع، فالتيار لن يتخلى عن الخارجية. ثم ان الدفاع، وكما هو غير مقبول لـ"حزب الله" الا تُسند اليه، فمن غير المقبول ايضاً ألا تسند لـ"القوات"، وهذا الامر ينسحب على الخارجية. ما يعني ان مشكلة إسناد حقيبة لـ"القوات" لا علاقة لها بالحصص، انما هي مشكلة سياسية، مرتبطة بموانع داخلية كثيرة.

الرواية الثانية: في المقابل تبرز رواية مناقضة للرواية الاولى، وفيها تأكيد ان الامور وصلت الى الحائط المسدود، ولا يمكن الحديث عن اي اختراق ممكن في ظل الوضع الحالي، وذلك بسبب شروط العهد، لناحية رفض إعطاء "القوات" حقيبة سيادية، واكثر من 3 وزراء، ورفض إعطاء الحزب "الاشتراكي" اكثر من وزيرين، وتمسّك فريق رئيس الجمهورية بالثلث المعطل.

وبحسب الرواية، فإنه امام هذه المطالب، لم تجد "القوات" و"الاشتراكي" الا رفض القبول بهذا التمثيل الناقص، الذي لن يدخلا الحكومة ابداً على اساسه، فضلاً عن الرئيس المكلف، لن يؤلف حكومة بمعزل عن "القوات" و"الاشتراكي"، حفظاً للتوازن، خصوصاً في ظل ما بدأ يَتمظهر في فريق العهد وبعض القوى السياسية عن توجّه لإعادة فتح العلاقة مع النظام السوري.

وتقول الرواية ان هذه الشروط هي التي عطّلت التأليف حتى الآن، والحل بسيط وهو العودة عن هذه الشروط، التي ان بقي العهد متمسّكاً بها، ستبقى الامور على ما هي عليه. فـ"القوات" لن تتراجع عن مطلبها ولا "الاشتراكي"، كذلك الرئيس الحريري الذي يبدو حاسماً في موقفه انه لا يؤلف حكومة في ظل هذه الشروط.

مرجع سياسي: هاتان الروايتان، إضافة الى الوقائع السياسية التي تحكم خط التأليف، عزّزت الخشية لدى مرجع سياسي كبير من تعليق لبنان على خط الازمة ولأمد طويل.

ونُقل عن المرجع قوله  "اسوأ ما نشهده هو الشراكة في التعطيل تحت السقوف العالية، ليس هناك عض اصابع، بل هناك عملية قضم اصابع وقطعها، ما يؤشّر الى ان الامور على خط التأليف لا تؤشر الى انها تتجه نحو الحسم السريع، بل الى الدخول في نفق طويل، خطورته انه يفاقم اولاً الازمات الداخلية على اختلافها، خصوصاً على المستوى الاقتصادي والمعيشي. وانه ثانياً، وعلى رغم عدم وجود تدخل خارجي ملموس، فإن هذا النفق قد يوصِل البلد الى لحظة تجده منضبطاً على الساعة الخارجية، والفراغ الحكومي قد يفتح الباب، لأن يكون لبنان جزءاً من حالة المنطقة والفوضى الموجودة فيها.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o