Apr 04, 2024 10:56 AM
مقالات

"الوضع مش منيح"

لعناية القراء الأعزاء: نعتذر عن ورود تعابير غير لائقة نشرت على مسؤولية من قالها.

الصراع بين إسرئيل وإيران أدخل لبنان المبتلى بالفساد في ثلاث حروب على أرضه، ليس له رأي فيها ولا مصلحة في أيٍّ منها:

– حرب مقاهي المراهنات وتبييض الأموال

تلقّت الدولة اللبنانية تحذيراً عربيا بخصوص الإنتشار الكثيف لمقاهي المراهنات وتبييض الأموال في المدن الكبرى ما يتطلب كبحه بسرعة قبل أن تشنّ إسرائيل حربها عليه بتكليف دولي وعدم اعتراض عربي.

شبكة مقاهي المراهنات وتبييض الأموال وتعاطي المخدرات انتعشت مجدداً في المدن الكبرى وليس في الأرياف بعدما سبتت قرابة عام إثر انتهاء حقبة إزدهارها خلال مباريات مونديال قطر في العام 2022.

نشرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية مؤخراً تقريراً ذكرت فيه أنّ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، وقّع الأسبوع الماضي أمر مصادرة إدارية ضدّ 42 محفظة عملات رقميّة تُستخدم لتمويل “حزب الله” في لبنان.

وتلقت إدارة أمنية لبنانية تقريراً من جهاز أمني عربي فاعل يلفت إلى “عمليات تمويل وغسل أموال لصالح قوى إرهابية أصولية تتم عبر مقاهي مراهنات غير شرعية مرتبطة بشبكة خوادم وعناوين إلكترونية يديرها حصراً لبنانيون لإبعاد الشبهات عنها وتتولى حمايتها قوى فاعلة مرتبطة بمنظومة الفساد المستفيدة من الإقتصاد النقدي”.

شبكة المراهنات غير الشرعية هذه أعيد تفعيلها في المدن الكبرى بقوة وبحداثة تقنية تعمل على إخفائها وعرقلة تعقب إتصالاتها وفق قاعدة فصل الحواسيب عن مواقع المقاهي تفادياً لمداهمات القوى الأمنية، فتوضع شبكة الحواسيب التابعة للمقهى في منطقة بعيدة عن موقع المقهى وتتم عمليات المراهنات عبر الإتصال الخلوي بين المشغّل المتواجد في المقهى ومدخّل المعلومات على الحواسيب في ما يعرف بصالة المراهنات، مع فارق أنّ شاشاتها ليست تحت نظر المراهنين.

خطورة الموضوع تكمن في انتشار مقاهي المراهنات الإلكترونية كالفطر في المدن ما يضرب، مع تفشي وباء ترويج المخدرات، منظومة الأخلاق والتربية لدى شريحة الشباب إضافة إلى أنّ أخطر ما في طبيعة إنتشار هذه المقاهي، وفقاً لمصدر رفيع في الجهاز الأمني العربي، هو أنها “تتلحّف بالعمارات السكنية خصوصاً في المناطق الشعبية المكتظة، ما ينذر بوقوع إصابات وخسائر فادحة في حال تعرضت هذه المقاهي إلى غارات بعد تزايد احتمالات انتشار الحرب بين إسرائيل وأذرع إيران في لبنان”.

وتساءل المصدر: “كم يمكن أن تكون مثلاً حصيلة الضحايا والأضرار إذا، لا قدّر الله، قُصف مقهى بمدينة كبرى متلحفاً بعمارة سكنية من 12 طابقاً مثلاً؟”

وخلص إلى القول إنّ “الدعاء يساعد على ردّ البلاء، لكنه لا يردّ الأذية الناجمة عن استخدام العباد دروعاً بشرية لتغطية الفساد وتمويل الإرهاب”.

– ثاني الحروب هي “حرب الوكيل نيابة عن الأصيل”

هذه الحرب يرجّح أن يخوضها حزب الاحتلال الفارسي نيابة عن والده الإيراني المعروف باسم “فيلق القدس”، ثأراً للصفعة التي تلقتها جمهورية الولي الفقيه عندما أغارت إسرائيل على ما تقول طهران إنه مبنى قنصليتها في دمشق موقعة 13 قتيلاً ليس بينهم مدني واحد، ما يطرح السؤال:

أيّ قنصلية في العالم لا يوجد فيها موظف مدني؟

نقل التلفزيون الإيراني عن المسؤول في السفارة السورية بدمشق قوله إنّ قتلى الملحق المخصص للقنصلية هم 7 من المستشارين العسكريين الإيرانيين، و 3 “أمنيين” سوريين، وأمنيان فلسطينيان إثنان ولبناني واحد، لا داعي للبحث في صفته ومرجعيته.

وعلى الرغم من قول السفير الإيراني لدى سوريا حسين أكبري إنّ “مبنى القنصلية تعرض لهجوم بطائرتين مقاتلتين من طراز إف-35″، وتهديده بأنّ “هذا الهجوم سيكون له ردنا العنيف”، من المرجّح أن لا تتورط إيران مباشرة في الرد على إسرائيل لتفادي أي هجوم محتمل على البر الإيراني.

إنّ تولّي حزب الإحتلال الفارسي بقيادة حسن نصر الله مهمة الردّ من لبنان ومهام إدارة الرد من دول الهلال على الصفعة الإسرائيلية سيوسّع رقعة حرب جنوب لبنان لتغطي بيروت ومختلف المناطق اللبنانية التي توجد فيها منشآت أو مؤسسات للحزب أو تقيم فيها شخصيات إيرانية أو تابعة لأذرع إيران، ما يجعلها عرضة للنيران الإسرائيلية القادرة على تحويل الأرض إلى نسخة عن غزة الحالية ولن يوقف خطة الاغتيالات الإسرائيلية ما يؤدي إلى تفريغ هذه الأذرع من كوادرها كما يحدث مع حماس وغيرها.

وكما في غزة، لا يوجد لدى لبنان ومنظومته الحاكمة خطة شاملة لاستيعاب ارتدادات التصعيد الإسرائيلي على المستويات كافة الإنسانية، العقارية، الصحية والتموينية، ما يرجّح أن يؤدي النقص المتوقع إلى تفشي السرقات والإعتداءات كما إلى إعادة إنتشار الأمن الذاتي في الأحياء والمدن مع ما يمكن أن يتسبب به من صراعات بين هذه القوى.

– الحرب الثالثة هي الصراع الفلسطيني- الفلسطيني في لبنان

تتفاقم أسباب وظروف هذا الصراع في المخيمات الـ 12 للّاجئين الفلسطينيين التي تديرها وكالة الأونروا في لبنان بين القوى الـ 12 المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، من جهة، وما يعرف بـ “القوى الظلامية” الثلاث التي تضم حماس، الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة الملحقة بنظام الأسد في سوريا، وأتباعها، من جهة أخرى.

في هذا الصدد ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أنّ حركة فتح، كبرى الفصائل الفلسطينية، “أكدت رفضها للتدخلات الخارجية، وتحديداً الإيرانية، في الشأن الداخلي الفلسطيني، معتبرة في بيان، أنّ هذه التدخلات لا هدف لها سوى إحداث الفوضى والفلتان والعبث بالساحة الداخلية الفلسطينية، الأمر الذي لن يستفيد منه إلّا الاحتلال الإسرائيلي وأعداء شعبنا الفلسطيني”.

وشددت فتح على أنها ستكون “بالمرصاد لهؤلاء العابثين، وستقطع اليد التي تمتد للعبث بساحتنا أو المساس بأجهزتنا الأمنية أو أي من مؤسساتنا الوطنية التي شيدناها بدماء شهدائنا الأبطال ومعاناة أسرانا البواسل وجرحانا”.

غروبات الإسلامويين المتحدرين من التشققات التي تسبب بها تصدّع هيكل حركة الإخوان المسلمين وزعت بياناً في لبنان تهاجم فيه “كلاب فتح (التي) بدأت تعوي” ويحمل البيان صورة كارتونية مسيئة للرئيس محمود عباس مع عبارة “حل عنّا”، ما يعكس حنق وحماقة وقصر نظر من نشرها وتناقض أدبياته، إن وجدت، مع أخلاق المسلمين، ويسلط الضوء على الحقد الأعمى الذي يختزنه الظلاميون، ما يهدد بتفجير صراع يهجّر ما يقارب 250 ألف فلسطيني من مخيمات اللجوء التي يعرّضها، مجرد تواجد قوات لحماس فيها، إلى غارات إسرائيلية كانت خارج نيرانها في حرب العام 2006 عندما حمتها مظلة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية.

مصدر قيادي في حركة فتح بلبنان شدد على “أننا أبناء منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتنا الوطنية نلتزم بما تلتزم به السلطة الوطنية الفسطينية مع الدولة اللبنانية ونشدد على أننا لن نسمح للظلاميين بالتسبب بقتل وتدمير وتهجير شعبنا من مخيمات اللجوء”.

في جلسة إحاطة مع أحد المسؤولين الأمنيين اللبنانيين، ولدى سؤاله هل يتجه وضع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين إلى الإستقرار أم الإضطراب، أجاب بثلاث كلمات: “الوضع مش منيح”.

فعلاً “الوضع مش منيح”، ليس فقط لتلاعب الإسلامويين بإستقرار مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، بل في كل لبنان “الوضع مش منيح” لأنّ من يحكمه ليس دولته غير الموجودة واقعياً بل تحالف إيران وأذرعها مع منظومة الفساد المحلي والأسدي.

محمد سلام - هنا لبنان

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o