Mar 19, 2024 5:03 PM
خاص

عقيقي أخطأ في مقاربة التحقيق بعبارة "مقاومة" وكلام رباح يردده سياسيون...لماذا لا يحقق معهم؟

 

خاص- المركزية

المركزية - "ولو يا مكرم ألا تعرف أنّ حزب الله هو مقاومة لبنانية جرى تشريعها في البيان الوزاري؟".على هذه الخلفية التي أبلغها مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي إلى رتيب التحقيق في المديرية العامة للأمن العام جرى التعاطي مع المحاضر في التاريخ في الجامعة الأميركية والناشط السياسي مكرم رباح أثناء التحقيق معه وصولا إلى استجوابه كعميل صهيوني.

التدقيق في هاتفه الخليوي الذي سحب منه وتم تفريغه بشبهة مفبركة عن التعامل مع إسرائيل لم يظهر شيئا من ذلك. والتحقيقات تمحورت حول المقابلة التي أجراها مع إحدى مواقع الإخبارية بحيث اعتبر عقيقي أن إدلاء رباح بمعلومات تتعلّق بأماكن لحزب الله هي بمثابة إحداثيات للعدو إضافة إلى قوله"يا ريت إسرائيل تاخذ الليطاني" وبأن الحرب مقبلة لأن حزب الله بادر إلى فتح الجبهة في اليوم التالي على عملية طوفان الأقصى فكان الرد المشروع بحسب قوله.
إذا خمس ساعات أمضاها رباح أمام دائرة التحقيق في الأمن العام. وفي نهاية الجلسة قرر القاضي عقيقي تركه رهن التحقيق على أن يجري استكمال استجوابه الأسبوع المقبل. واللافت أن سقف تعليق رباح بعد الإفراج عنه لم يكن أقل مما كان عليه قبل التوقيف حيث قال "لو كنت تاجر كبتاغون كحزب الله لما تجرأ قاضي التحقيق على توقيفي".

وكما في كل مرة يتم فيها توقيف ناشط سياسي أو صحافي على خلفية إبداء رأي ضد حزب الله والمقاومة، تعود مشهدية الإستدعاءات التي كانت تحصل في عهد سلطة الوصاية يقول النائب بلال الحشيمي لـ"المركزية". ويؤكد أنه لا يجوز التحقيق مع أي فرد وتوقيفه بحجة ذكر عبارة "المقاومة" حتى لو كانت واردة في البيان "وسوف نرى بعد انتخاب رئيس جديد كيف سيتم ترتيب هذه العبارة في البيان الوزاري" .ويسأل "لماذا يتهم بالعمالة كل من يخالف أو يبدي رأيه سلبا بالمقاومة في حين يتم الترحيب بالموفد الأميركي الإسرائيلي المنشأ آموس هوكشتاين ويلتقي نواب الثنائي الشيعي وعلى رأسهم الرئيس نبيه بري؟". ويختم الحشيمي"هذا الموضوع مركّب على قياس أفراد وتتم معالجته وفق هوية وخلفية كل شخص".

ما قاله الناشط السياسي مكرم رباح يحمل الكثير من الجدل. وسواء وافقه البعض في الرأي واعترض عليه " ممانعون" إلا أن المسألة تحتاج إلى الكثير من الدقة في المعالجة بحسب مصدر قانوني.

فإذا انطلقنا من مبدأ حرية الرأي لا بد من الإعتراف بأنها حق مكرس في الدستور وعندما تكون الدولة عريقة وتتمتع بهامش كبير من الرقي والعدالة لا تعود تسأل عما قاله هذا الناشط أو هذا الصحافي أو ذاك السياسي....لكن السؤال الذي يطرح هل تلحق هذه الحرية الضرر بالآخر؟ وهل يجوز أن نبدي رأينا بصراحة حتى لو كانت هذه الصراحة مضرّة وغير مشروعة؟

ينطلق المصدر من ضرورة الفصل بين حرية الرأي والتفلت غير المشروع في استعمال عبارات قدح وذم  تحت ستارة حرية الرأي. وفي ما خص مسألة التحقيق مع رباح تؤكد على حقه في التعبير عن رأيه "لكن هناك أدبيات وطنية. فلا يجوز مثلا القول بأن إسرائيل تدافع عن نفسها عندما تقصف مناطق تتواجد فيها مواقع لحزب الله لأن الأخير بادر إلى فتح جبهة معها. إسرائيل دولة عدوة وكل ما يتعلق بالوضع الوطني لا يجوز التعرض له حتى لو كان قائلها محقاً في المعنى القانوني".

بالتوازي يميز المصدر بين التحقيق الذي جرى مع رباح والحكم " أنا ضد محاكمته لأن لم تثبت عليه تهمة العمالة من خلال تسجيلات هاتفه ولا توجد أرضية قانونية في ما عبر عنه خلال المقابلة تستوجب محاكمته. لكن ثمة نقطتان كان يستحسن أن لا يتكلم عنهما رباح. الأولى عندما برر لإسرائيل القيام بهجوم على لبنان لأن الحزب هو من بادر إلى قصف المستوطنات والثانية عندما دعا إسرائيل إلى أن تأخذ الليطاني. إلا ان هاتين النقطتين لا تستوجبان محاكمته. أما التحقيق ضمن الأصول القانونية فمبرر".

لا شك أن المقاربة في مسألة التعدي على الحريات العامة وقمع الرأي دقيقة جدا. لكن في لبنان لا يمكن التكلم على أساس هذه المقاربة لأن قانون "الصيف والشتاء" يتحكم بالعدالة. والسؤال الذي يطرح لماذا لم يتحرك مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية نهار الأحد عندما نزل مسلحون من "الجماعة الإسلامية" وجابوا شوارع العاصمة بيروت وهم يهتفون بالمقاومة والجهاد ضد إسرائيل؟  ولماذا لم يستدع مرافقو وزير الإقتصاد الذين دخلوا معه اليوم إلى أحد المحال التجارية وكانوا ملثمين ويحملون السلاح مما تسبب بالذعر لصاحب المتجر وسقط أرضا؟

ما أثار القاضي عقيقي أن عبارة "مقاومة" واردة في البيان الوزاري – وليس بالمفهوم الذي يقصده طبعا- مما استوجب استدعاء رباح إلى التحقيق. "لكن سواء كانت عبارة "المقاومة" واردة في البيان الوزاري أم لا فإن التحقيق مع رباح أو سواه تحت هذه الذريعة غير مبرر لأن المقاومة لا تبرر الأعمال العسكرية ولا يجوز بإسم المقاومة حمل السلاح والتوجه نحو الحدود مثلا وإطلاق النار. المسألة دقيقة جدا وما قاله رباح قاله ويقوله سياسيون لكن لا يتم التحقيق معهم. من هنا يمكن القول أن المقاربة في هذه النقطة كانت خاطئة ولو لم يأت رباح على ذكر النقطتين اللتين ذكرتهما آنفا لا أظن أنه كان سيستدعى للتحقيق معه. وإذا حصل على رغم ذلك يكون هناك تعدٍ على الحريات ولا أوافق القاضي عقيقي على مقاربته في مسألة عبارة المقاومة وكنت أتمنى لو لم يدخل في متاهاتها" يختم المصدر.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o