Feb 14, 2024 7:25 PM
اقليميات

الولايات المتحدة والعراق.. علاقات معقدة وسيناريوهات الفوضى

لم تكن العلاقات الأمريكية العراقية يوماً في أحسن أحوالها، وعلى الرغم من ضبط تلك العلاقات بجملة من الاتفاقيات الأمنية والسياسية، إلا طبيعة هذه العلاقة تحددها عوامل إقليمية ودولية غاية في التعقيد، كما أن جوهر الاستراتيجية الأمريكية تجاه العراق، دائما ما كانت تجعل منه صندوق بريد تُضمنه رسائل سياسية وعسكرية تُجاه خصومها، الأمر الذي جعل من العراق ساحة اشتباك صامتة أحياناً، ومشتعلة أحياناً أُخرى، وبين هذا وذاك فإن العلاقات الأمريكية العراقية تشهد اليوم جملة من التحديات بعناوين شاملة، الأمر الذي سيكون له تأثيرات مباشرة على العراق وعلى دول الجوار العراقي. 

العلاقات الأمريكية العراقية تشهد اليوم متغيراً أساسياً جراء الحرب في غزة، ونتائجها التي تُصرف بين العراق وسوريا، لتكون بذلك تلك العلاقات أمام مفترق طرق يُنذر بإنتهائها، لا سيما أن واشنطن تستخدم استراتيجية الضغط ضد العراق، مع تضييق سياسي وأمني يُنذر بالأسوأ، وربطاً بتطورات غزة، فإن استهداف القواعد الأمريكية في المنطقة انطلاقاً من الجغرافية العراقية، لا سيما الهجوم الذي شنته الفصائل العراقية ضد القاعدة الأمريكية في الأردن، كان ذلك بمثابة تظهير الخلافات الأمريكية العراقية في بُعدها الأمني، وجراء ذلك نفذت القوات الأميركية ضربات ضد القصائل العراقية، الأمر الذي أعاد إيقاظ الجوقة السياسية المناهضة لواشنطن والمطالبة بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة وانهاء وجودها العسكري فوراً. 

تدرك واشنطن بأت البقاء في العراق قد لا يمثل انتصاراً، لكن المغادرة ستؤدي إلى المزيد من تشويه السمعة وفقدان المصالح والسلطة، وعليه فإن التناقض الصارخ مع التأكيدات الأمريكية بشأن وقف التصعيد في العراق، فإنه في المقابل تستمر واشنطن بالتهديد لجهة معاقبة مرتكبي هجوم الأردن. 

في جوهر الاستراتيجية الأمريكية فإن العراق جغرافية مثالية للعمل العسكري الأميركي، كما حدث في كانون ثاني/يناير 2020 عندما أمرت واشنطن باستهداف الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في بغداد، ومهما كان المسار الاستراتيجي والامني الذي تختاره الإدارة الأميركية، فسوف تحتاج حُكماً إلى الأخذ في الاعتبار التأثيرات المحتملة على العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق. وفي هذا الصدد يبدو القرار بمثابة اختيار بين سيناريوهين صعبين؛ فإما إنهاء العلاقات الأمريكية العراقية، أو الاستمرار في ذات الاستراتيجية الأمريكية وما سيقابل ذلك من استنزاف ممنهج للوجود الأمريكي في العراق حتى إجبار واشنطن على مغادرة الجغرافية العراقية مُحملة بالقتلى الأمريكيين. 

واشنطن أساس الفوضى في العراق
تتعالى الاصوات في الداخل العراقي مطالبة القوات الأمريكية بالرحيل، وبصرف النظر عن طبيعة السياسات الإيرانية في العراق، إلا أن تلك السياسات تعمل أيضاً على إخراج القوات الأمريكية من العراق، والتي تعد أساساً في الفوضى وتسعير الأزمات، لتكون السياسات الإيرانية في هذا الإطار تتناسب مع مطالب العراقيين، وبالتالي فإن هدف إيران الرئيسي، هو إجبار الجيش الأميركي على الخروج من الشرق الأوسط، وفي العراق كانت إستراتيجيتها لتحقيق هذا الهدف ناجحة، ونتيجة لذلك تُركت واشنطن دون أي شركاء عراقيين قادرين وراغبين في الدفاع عن الولايات المتحدة ضد السياسات الإيرانية، كل ذلك يضعنا أمام حقيقة واحدة تتمثل في أن الولايات المتحدة هي جوهر الأزمات في العراق والمنطقة، مما سيجبر الولايات المتحدة على مغادرة العراق، وهذا أحد السيناريوهات. 

في سيناريو أخر، فإن بقاء القوات الأمريكية في العراق، سيعمل على تمزيق العلاقات الأمريكية العراقية اكثر وأكثر، خاصة إذا تصاعدت الضغوط الداخلية الأميركية من أجل الانسحاب، بالتوازي مع الاصوات في الداخل العراقي والتي تطالب برحيل الولايات المتحدة من العراق. 

على مدى سنوات سعت واشنطن إلى تحقيق مصالحها عبر التضيق على العراقيين، وإجبار الساسة في العراق على تبني استراتيجيتها، وجراء ذلك تحول الوجود الأمريكي في العراق إلى معادلة توتر ولا استقرار، حتى بات الوجود الأمريكي غير فعال في نظر الجميع، لكن ثمة تساؤل يؤطر ما سبق. هل سيؤدي خروج الولايات المتحدة لانطلاق قطعان داعش في العراق مجددا بعد الانسحاب؟. هذا الأمر سيُعيد حالة اللا إستقرار إلى العراق والمنطقة، لذلك فإن التخبط الأمريكي بين الانسحاب وعدم الانسحاب وانطلاق داعش من جديد، هو في السياق الحالي للاضطرابات الإقليمية والحملة الانتخابية الأميركية. 

على المدى الطويل ستستمر سياسة واشنطن بالعراق في التدهور دون إستراتيجية واضحة، وقد يتوضح المشهد أكثر بعد انتهاء الحرب في غزة وانتهاء الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. 

المصدر: i24news

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o