Feb 13, 2024 6:44 AM
صحف

العين على الجنوب!

في موازاة التطورات المتلاحقة في غزة، وما يواكبها من تهديدات اسرائيلية واستعدادات لعملية عسكرية واسعة في رفح، وما أحدثته من إرباك على المستويين الاقليمي والدولي، فإنّ السائد الوحيد في الداخل اللبناني هو المخاوف من انزلاق الامور في الجبهة الجنوبية الى مواجهات واسعة. عززتها تحذيرات ديبلوماسية غربية، اكّدت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية"، انّها أبلغت أخيراً إلى مستويات لبنانية سياسية ورسمية، بوجوب أخذ التهديدات الاسرائيلية بتوسيع الحرب في اتجاه لبنان بمستوى عالٍ من التنبّه والجدّية، التي توجب سعي الجانب اللبناني الحثيث الى كبح جماح "حزب الله". مقرونة بالإشارة الى أنّ اصدقاء لبنان يبذلون جهوداً مكثفة لمنع التصعيد الاسرائيلي ضدّ لبنان.

تفريغ الجنوب
وفي موازاة التصعيد في وتيرة التهديدات الاسرائيلية، التي ترافقت مع الاعلان عن نقل جيش العدو لفرقة مدرّعة من غزة الى جبهة الشمال مع لبنان، ابلغ مسؤول رفيع إلى "الجمهورية" قوله: "بمعزل عن التطورات في غزة، وفشل الحرب الاسرائيلية في تحقيق اهدافها التي حدّدها نتنياهو بالقضاء على "حماس" واسترجاع الأسرى الاسرائيليين، فإنني ومنذ بداية هذه الحرب، لم اخرج من حسباني أن يُقدم العدو على عمل مجنون ضدّ لبنان".
واكّد المسؤول عينه "أنّ تلويح إسرائيل بعملية عسكريّة على رفح، يحظى بلا أدنى شك، بتغطية ضمنية من الدول التي غطّت حربها على غزة، وتريد لها ان تخرج منتصرة منها، سواءً في غزة عبر تفريغها وتهجير فلسطينيي غزة ورفح الى خارجهما، وتقرأ هذه التغطية في دعوة الرئيس الاميركي جو بايدن لنتنياهو بعدم الدخول الى رفح من دون خطة موثوقة للمدنيين. وكذلك تريد لها ان تخرج منتصرة في المواجهات الدائرة على جبهة الشمال مع لبنان، حيث لوحظ أنّ التصعيد الاسرائيلي قد تزايد في الآونة الأخيرة ضدّ المناطق اللبنانية، في ما بدا انّه محاولة لتفريغ منطقة الحدود الجنوبية من اهلها وتهجيرهم بالنار والتدمير الممنهج للقرى الى خارجها، بما يفرض على لبنان امراً واقعاً جديداً وضاغطاً عليه للقبول بترتيبات تريد ان تفرضها في تلك المنطقة تحت عنوان "توفير الأمن لمستوطناتها".

على شفير الحرب
وفي لقاء لـ"الجمهورية" مع سفير دولة كبرى، تمنّى عدم ذكر اسمه، كان عرض شامل لمشهد المنطقة في ظل الحرب القائمة. فعن غزة قال صراحة انّها طالت كثيراً، ولا بدّ من بلوغ تسوية تنهيها. وعندما سُئل عن الضغط الاميركي قال: "املك ما يؤكّد انّ الاميركيين يضغطون، ويريدون الوصول الى هدن تمهّد لإعادة الاسرى ووقف اطلاق النار، ولكن لا جواب لديّ لماذا لم يتجاوب نتنياهو حتى الآن". وعندما يُسأل عن العملية التي تهدّد بها اسرائيل لاجتياح رفح، اكتفى بالقول: "هذا يعني حرباً طويلة ومزيداً من الضحايا والدمار".
واكّد السفير عينه "أنّ كل منطقة الشرق باتت في خطر كبير؛ جبهة اليمن شديدة الخطورة، ومخاطرها اقليمية ودولية أبعد بكثير من إعاقة الملاحة في البحر الاحمر ومضيق باب المندب. وجبهة غزة مفتوحة ولا افق لها حتى الآن، وجبهة لبنان، آسف أن اقول انّه على شفير حرب. ولكن، لنكن صريحين، كلّ الاطراف في المنطقة في مأزق كبير جداً، ولا يغيّر في ذلك عدم اعترافها بذلك".
وأمّا عن لبنان، فقال السفير ما حرفيته: "كل ما نتمناه هو ألاّ ينزلق لبنان الى حرب، وكما انّ اسرائيل في مأزق، فلبنان في مأزق اكبر، فواقعه الداخلي مربك بأزمات سياسية واقتصادية ومالية، يُضاف اليها التهديد الأمني المتزايد على جبهة الحدود الجنوبية. فكما سبق وقلت الوضع هناك على شفير حرب، لن اتحدث عن انتصار لهذا الطرف او ذاك، بل اتمنى على كل الاطراف ان تقدّر حجم الكارثة التي يمكن ان تخلقها هذه الحرب، فالجميع سيتأذون، وقد نقلنا التحذيرات بصورة مباشرة الى الجانبين اللبناني والاسرائيلي لتجنّب الكارثة، التي قد لا تكون محصورة هنا، لأنّ الحرب في اعتقادنا إن اشتعلت على جبهة لبنان، لا أحد في امكانه أن يتخيّل مداها الجغرافي، حيث انّها قد تشكّل فتيلاً لحرب اقليمية واسعة".

محاولة فاشلة
الى ذلك، كشفت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية"، انّ "محاولة غربية جرت في الآونة الاخيرة لتمرير ما سُمّي بـ"حل سياسي" للوضع في المنطقة الحدودية يؤسَّس له عبر خفض التصعيد في هذه المنطقة، الّا انّها مُنيت بالفشل، حيث رفضها لبنان باعتبارها تلبّي في معظمها المصلحة الاسرائيلية، وتمسّ بالسيادة الوطنية".
هذا المقترح لـ"الحل السياسي"، الذي قالت المصادر عينها أنّه نقله ديبلوماسيّون اوروبيّون، يدور في جوهره حول تطبيق النقطة الأساس التي طالبت فيها اسرائيل بسحب "حزب الله" الى خارج المنطقة الحدودية".
وتلفت مصادر المعلومات الى انّ هذا المقترح لا يخرج في مضمونه عمّا سبق وطرحه الموفدون الدوليّون، وتحديداً الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين ومن تبعه من دول اخرى، وقد تحدث بعضهم عن مغريات على شاكلة انعاش الاقتصاد في لبنان وتمكينه من تخطّي ازماته. على أنّ الفارق هذه المرّة كان جوهرياً، كناية عن مقترح بلا هوية، وبمعنى اوضح كان مقترحاً لقيطاً، وفي احسن احواله لا يعدو اكثر من مجرّد فكرة غير رسمية، غير متبناة من أي طرف، ربّما لمعرفة مسبقة من واضعيها برفض لبنان لها.
واما جوهر هذا المقترح، فيقوم على الفصل بين امرين، الاول هو استعجال الحسم للوضع الأمني المستجد على خط الجبهة القتالية، عبر ترتيبات محصورة بالجانب اللبناني، تريح المستوطنات، تتواكب مع تطبيق صارم للقرار 1701، ومنع اي مظاهر عسكرية او أي مظاهر مسلّحة مهما كان نوعها في منطقة عمله سوى لقوات "اليونيفيل" والجيش اللبناني، حيث يلحظ هذا المقترح، من جهة، نشر قوة كبيرة من الجيش في المنطقة، الّا انّه لا يقول بشكل مباشر او غير مباشر بتوفير ما يحتاجه الجيش من دعم للقيام بهذه المهمّة. واما الامر الثاني، تأخير البتّ بمصير الاراضي اللبنانية المحتلة، اي ترك ما يتصل بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، ونقطة الـ"B1" والنقاط الخلافية التي ما زالت عالقة على الخط الازرق للبتّ في مرحلة لاحقة".

"حزب الله": لا نعطي
وفي موازاة موقف لبنان الرسمي، يؤكّد انّ حدود لبنان البرية معروفة ولا مجال لأي بحث فيها، وانّ التزامه نهائي واكيد بالقرار 1701 بكل مندرجاته، والغاية الأساس هي الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الاراضي اللبنانية المحتلة، يبرز موقف "حزب الله" عبر رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، الذي قال: "البعض يطلب منا نحن المعتدى علينا في لبنان ان ننكفئ من اجل ان نطمئن الاسرائيلي المتوحش، وفي اساس نظرتهم انّ "اسرائيل" هي التي تستحق حفظ الامن، اما شعوب المنطقة فيجب ان تكون في خدمة الامن الاسرائيلي". اضاف: "لن يتحقق للعدو ما يريد في جبهتنا ولا في غزة. وعلينا ألاّ نصغي لأصوات المحبطين الذين يصطادون في الماء العكر ويحاولون انتهاز الفرص من أجل أن يثيروا القلاقل والضعف في مجتمعنا، فالمبادرة ما زالت بأيدينا، وما زلنا متمكنين من الدفاع عن وجودنا ووطننا وسيادتنا وأمننا. ولن نعطي جوائز ترضية لأحد".
يُشار في هذا السياق الى انّ الامين العام لـ"حزب الله" سيطل اليوم في كلمة لمناسبة يوم الجريح وفي ذكرى ولادة الحسين والعباس. وكان قد التقى امس، الأمين العام لحركة "الجهاد ‏الإسلامي" في فلسطين زياد نخالة، وأوضحت العلاقات الإعلاميّة في "حزب الله"، أنّه "تمّ التّداول بالاحتمالات ‏القائمة والتّطوّرات المتوقّعة، سواءً على مستوى الميدان أو الاتصالات السّياسيّة"، مشيرًا إلى أنّ "الجانبين أكّدا ضرورة الثّبات ومواصلة العمل بقوّة، لتحقيق النّصر الموعود".

المصدر: الجمهورية

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o