Jan 31, 2024 7:19 AM
صحف

الجبهة الجنوبية في "مهبّ الريح" على وهج "مفاجآت" المنطقة

يدخل لبنان شهراً يبدو مفصلياً على صعيد تحديد «اتجاهات الريح» في ما خص الـ «ميني عاصفة» التي تهبّ على جبهته الجنوبية وعبْرها منذ 8 أكتوبر الماضي وهل ستتحوّل «عاصفةً كاملة» أم سيتم احتواؤها في سياق مساعي وقف «تسونامي الدم والدمار» في غزة، كما على صعيد أفق الأزمة الرئاسية التي لم يَعُد من الواقعية الاعتقاد أنه سيكون ممكناً تفكيك عناصرها وإخراجها من الحلقة المقفلة التي تدور فيها منذ 15 شهراً من دون الأخذ في الاعتبار أنها باتت بفعل التحولات الهائلة المستمرّة في المنطقة محكومةً بإيجاد مخارج لها بخلفية حرب غزة وما ستفرزه من وقائع وموازين قوى وتسوياتٍ وربما... مقايضات.

وفيما يحلّ اليوم الموعدُ لمهلةٍ افتراضية كانت ضُربت عبر تسريبات وتقارير حتى نهاية يناير كي يتم «من جانب واحد» أي من طرف «حزب الله» تنفيذ طلب إسرائيل قفل الجبهة اللبنانية وإبعاد الحزب أقلّه ما بين 7 إلى 8 كيلومترات عن الحدود بما يوفّر «ملاذاً أمنياً ونفسياً» لمستوطني الشمال للعودة إلى منازلهم، رفعتْ تل أبيب مستوى تهديدات «بالمرقّط» للبنان، تحذّر أوساطٌ مطلعة من «الإفراط في الاطمئنان» إلى أنها من عُدّة «الحربِ النفسية» والتهويل.
ولم يكن عادياً تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأن «الجيش سيتحرك قريباً جداً في الشمال عند الحدود مع لبنان»، كاشفاً أنه أبلغ إلى الجنود المتمركزين قرب الحدود مع غزة أنهم سيغادرون المنطقة للانتقال إلى الشمال. مضيفاً: «سيبدأون العمل قريباً جداً جداً جداً، إذ سيتم تعزيز القوات في الشمال»، مشيراً إلى أن «جنود الاحتياط سيتركون مواقعهم استعداداً لهذه العمليات المستقبلية».

وفي تقدير هذه الأوساط أنه لم يَعُد ممكناً قياسُ الاحتمالات في ما خص النيات والمخطّطات الإسرائيلية بمعزلٍ عن التطورات المتلاحقة في منطقةٍ يبدو أن كل أطرافها، الدوليين والإقليميين، باتوا يلعبون «على حافة الهاوية»، في موازاة عوامل داخلية لقوى الثقل في «لعبة الحرب أو اللا حرب» صارت تثقل على خياراتها، كما في حال الولايات المتحدة التي تطلّ على انتخاباتٍ رئاسية وكأنها تُخاض من غلاف غزة ومنطقتها العازلة المحتملة، وتجاوُز الخطوط الحمر على الحدود الأردنية – السورية حيث قُتل 3 جنود أميركيين، إلى سياج تكساس الفاصل عن المكسيك وملف الهجرة الذي أحيا شبح «نزوحِ» بلاد «العم سام» إلى انقسامٍ باتت تُسبغ عليه عناوين مثل «الانفصال» وأخواته وصولاً إلى الخشية من «حرب أهلية».

وفي هذا الإطار تزايد الرصد أمس لمسألتين: أولاهما مساعي بلوغ اتفاق شائك حول إنهاء ملف الأسرى الاسرائيليين وملحقاته و«السلّة» التي سيشتمل عليها، ويصعب استشراف هل سيصل الطرفان المعنيان بها إلى مشترَكات وأي وهجّ سيصيب جبهة لبنان من جرائها.

والثاني «شحْذ» الولايات المتحدة رداً «بات مسألة وقت» على استهدافِ القاعدة الأميركية على الحدود الأردنية – السورية وهل سيتّخذ شكل استهدافٍ أكثر خشونة لأذرع طهران في كل من العراق وسورية، وسط تسريباتٍ عن أن أي تطوير للردّ في اتجاه أهداف داخل إيران نفسها تحسَّبت له الأخيرة بإبلاغ المعنيين أنه سيجعلها تُسْقِط خطوطاً حمر أمام ضرباتٍ متعدّدة الساحة لقوات أميركية، مستفيدة في ذلك من كشْفٍ مبّكر كرّرتْه واشنطن أكثر من مرة عن عدم رغبةٍ عميقة في توسيع نطاق الصراع في المنطقة والانجرار إلى صِدام كبير.

وعلى وقع «حبْس الأنفاس» حيال الوضع في جنوب لبنان الذي لم تسترِح المواجهات عليه أمس رغم الطقس العاصف، ووسط قراءاتٍ وضعت التصعيدَ المتوازي على جبهات «محور الممانعة» كافة وإظهار المزيد من «الأنياب» سواء الصاروخية (على جبهة لبنان) أو بتوسيع قوس الاستهدافات ضد القواعد الأميركية (نحو الحدود الأردنية - السورية) أو إبقاء البحر الأحمر تحت نيران الحوثيين في إطارِ الارتقاء بـ «التخصيب الميداني» إلى مشارف الحرب الواسعة ولكن بهدف الحؤول دونها، كان المشهدُ السياسي في بيروت غارقاً في بقعةٍ انقسامية جديدة ولكن خطيرة أخذت تتمدد منذ أن أعلن رأس الكنيسة المارونية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الأحد وبلسان «أهالي القرى الحدودية في الجنوب» رفْضهم أن يكونوا «رهائن ودروعاً بشريّة وكبش محرقة لسياسات لبنانية فاشلة، ولثقافة الموت التي لم تجرّ على بلادنا سوى الانتصارات الوهميّة والهزائم المُخْزِية».

ورغم إيحاءاتٍ أمس بدعواتٍ لوقْف حملةِ التخوين غير المسبوقة ضدّ البطريرك الراعي والتي قوبلت بمواقف مندّدة من أطراف سياسية عدة، بدءاً من القوى المسيحية وصولاً لشخصيات من طوائف أخرى، فإن هذا الأمر استبطن بحسب البعض ليس حرصاً على عدم التسبّب بفتنة لا يحتاج إليها البلد الذي ربما يكون على أبواب عدوان إسرائيلي، بمقدار ما أنه تعبير عن أن أي كلام في الداخل «لن يقدّم أو يؤخّر أو يغيّر حرفاً» في ما يكتبه محور الممانعة في لبنان وله، هو الذي بات القوة التي يفاوضها كل الخارج باعتبار أن في يدها «أزرار التفجير» وتالياً «مفاتيح الأمن للآخَرين وضماناته».

مجموعة الخمس

وفي موازاة «اشغال الداخل» بعمليات تخوينٍ من النوع الثقيل، برز أمس أول تحرّك جَماعي لسفراء «مجموعة الخمس حول لبنان» (الولايات المتحدة، السعودية، فرنسا، مصر وقطر) في اتجاه المسؤولين والقادة اللبنانيين في سياق مساعي الخماسية المستمرّة منذ أشهر لإيجاد خريطة طريق لإخراج الاستحقاق الرئاسي من دائرة المراوحة التي باتت أكثر خطورة في ضوء «طوفان الأقصى» وما قد يكون مقبلاً على البلاد سواء انحرف مسار المواجهات جنوباً في اتجاهاتٍ أكثر «عصفاً» أو انجَلَتْ حرب غزة على ترتيباتٍ سياسية – أمنية بات جنوب لبنان في صلبها منذ أن «رُبط بالنار» بما يَشهده القطاع.

وإذ يسود اقتناعٌ بأن حِراك «الخماسية» يصعب أن يحقق أي اختراق على صعيد التمهيد لوصول مرشح ثالث (غير مرشح حزب الله سليمان فرنجية والمرشح الذي تقاطعت عليه قوى وازنة جهاد أزعور) ما دام «حزب الله» مصرّاً على دعم فرنجية ولم تتوافر عناصر تَقاطُعٍ إقليمي – دولي مكتمل النصاب (يشتمل على إيران)، استهلّ سفراء المجموعة أمس لقاءاتهم اللبنانية بزيارة رئيس البرلمان نبيه بري، وسط معلومات عن أن السفراء كان لهم موقف موحّد بإزاء الوضع اللبناني والانتخابات الرئاسية وآفاقها، على عكس الأجواء التي أشيعت سابقاً عن تباينات بينهم سواء حيال آليات الحلّ أو إطاره.

وفيما أوضح بري «أن الموقف (من السفراء) كان موحّداً والاجتماع مفيد وواعد»، قال السفير المصري علاء موسى «سنجتمع ونتفق على كلّ شيء وموقف اللجنة الخماسيّة موحّد»، وهو ما أكده أيضاً السفير الفرنسي هيرفي ماغرو والسفيرة الأميركية ليزا جونسون التي وصفت الاجتماع مع بري بأنه كان «ممتازاً».

المصدر - الراي الكويتية

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o