Jan 17, 2024 7:21 AM
صحف

لبنان "يتفرّج" على غليانٍ إقليمي لا كلمة له حول احتمالات زجّه فيه

على طريقة «الزيت الذي يُصبّ فوق النار» تنفلش بقعةُ الحربِ في غزة في اتجاهاتٍ تؤجّج «الحربَ الإقليمية» المشتعلةَ والـ «ميني حرب عالمية» التي تدور «على البارد» بين اللاعبين الدوليين الكبار، الحاضرين بأساطيلهم من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر وبـ «قضهم وقضيضهم» الديبلوماسي، أو الذين ينتظرون على «حافة النهر» علّ خصومهم يغرقون في «الرمال المتحرّكة» لمنطقةٍ وكأنها تتشكّل من جديد.

وعلى ما كانت أشارتْ إليه «الراي» في عددها أول من أمس، ربْطاً بمناخات التصعيد في الدوائر الملتهبة الموصولة بـ«حلقة النار» في غزة عن أن العيونَ ستكون شاخصةً في الساعات المقبلة على العراق والبحر الأحمر، ولكن دائماً تحت سقفِ لاءيْن كبيرتين لحرب شاملة ترفعهما كل من الولايات المتحدة وإيران، فإنّ تطورين بارزين سُجّلا:

-الأول نوعيّ وغير مسبوق منذ السابع من أكتوبر وتمثّل في تحوُّل «بلاد ما بين النهرين» مسرحاً لحَدَثٍ نوعيّ باغتت معه طهران الجميع بانتقالها من دفْع مركب الانخراط في حرب غزة من الخلف عبر أذرعها في «محور الممانعة» إلى «الضرب بيدها مباشرة وبلا قفازاتٍ».

- والثاني استمرار الحوثيين في استهدافِ سفنٍ في البحر الأحمر في تحدٍّ وردّ على الضربات الأميركية - البريطانية التي تُوجَّه إليهم بعد استرهانهم الممرّ المائي الإستراتيجي لمقتضياتِ الصراع الذي انفجر مع «طوفان الأقصى» ما أطلق «دومينو» انسحاباتٍ اضطرارية لشركات عملاقة من العبور في «منطقة الخطر».

وفي حين شكّل «الدخولُ المرقّطُ» لطهران على مسرحِ العمليات المتفجّر بقَصْفٍ حَمَلَ توقيعَ «الحرس الثوري» لأهداف في إقليم كردستان العراق وسورية تطوّراً ما فوق عادي عزّز الخشيةً من انزلاق المنطقة إلى الصِدام الكبير الذي يُعتبر جنوب لبنان أحد «جبهاته المتقدّمة» والمدجَّجة بالفتائل الأخطر، فإن أوساطاً سياسية توقفت عند العنوانيْن اللذين أعطتْها إيران للضربتين، لجهة استهدافِ «مقر تجسس للموساد في إقليم كردستان العراق وتجمعات لجماعات إرهابية مناهضة لإيران»، و«مقر تنظيم داعش التكفيري في إدلب السورية»، وإعلانها أن الاستهدافات في سورية أتت «ردّا على الفظائع الأخيرة للجماعات الإرهابية التي أدّت إلى استشهاد مجموعة من مواطنينا الأعزاء في كرمان وراسك»، وصولاً إلى وضْعها اندفاعتها الهجومية في سياقٍ دفاعي «عن سيادتها وأمنها في مواجهة الإرهاب»، وأنها تستخدم«حقَّها المشروع والقانوني لردع تهديدات الأمن القومي».

وبحسب هذه الأوساط، فإن إيران وبعدما وجدتْ تمادياً في التجرؤ عليها، بدءاً من اغتيال القيادي في الحرس الثوري رضى موسوي في دمشق، ثم التوغّل نحو عمق الضاحية الجنوبية لبيروت لاغتيال القيادي في «حماس» صالح العاروري، قبل مجرزة كرمان في عقر دارها، وليس انتهاءً بترْك واشنطن مقاعد التردّد وضرْبها زوارق للحوثيين بدايةً ثم أهدافاً لهم في اليمن، اختارتْ أن تتقدّم صفوفَ «الرقص على حافة الهاوية» مع الولايات المتحدة مباشرةً، ليس في سياقِ إعلانِ نياتٍ بأنها غادرت مربّع عدم الرغبة في الحرب الشاملة بل في إطار تأكيد الجاهزية لها بحال تمادى خصومها في استغلال ما يعتقدون أنه «نقطة ضعف باتت مكشوفة» ويمكنهم من خلالها إما قضْم قوة الردع المتعددة الأذرع التي تتمتع بها إيران أو جرّها إلى «أم المعارك» التي تتفاداها.

وفي انتظار «الخطوة التالية» لخصوم إيران على «رقعة الشطرنج» المتفجّرة، فإن لبنان يبقى متفرّجاً على غليانٍ إقليمي لا كلمة له في ما خص احتمالاتِ زجّه فيه، وصولاً إلى اختيار حكومته المستقيلة خيار «الالتصاق» بـ «حزب الله» وموقفه الذي أرسى «وحدة مسار ومصير» بين الوضع في جنوب لبنان وبين حرب غزة على قاعدة «التوازي بين التهدئة هنا ووقف النار هناك» ما جعلها شريكاً في إجهاض مهمة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين ومحاولته إيجاد حلّ موقت يبرّد الحدود اللبنانية – الإسرائيلية ويتيح عودة النازحين على مقلبيْها ريثما تدقّ ساعة الحل المستدام على متن تَفاهُم بري يصعب تسويقه «تحت النار».

المصدر - الراي الكويتية

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o