Jan 16, 2024 6:56 AM
صحف

واشنطن وباريس: أولوية التهدئة والرئاسة… ورهان على المسعى القطري

بات السؤال عن ملف رئاسة الجمهورية مُملاً، حيث لا يجد المعني به ما يقوله، ويعبّر عن ذلك بوضوح مسؤول كبير بقوله: «العلم عند الله.. لا مبادرات ولا من يحزنون، لا يوجد شيء يُبنى عليه على الاطلاق لا عِنّا ولا عند غيرنا». فيما تبرز في الداخل محاولات لتحريك هذا الملف، عبر مبادرة رئاسية يسعى النائب غسان سكاف الى تسويقها مع الاطراف السياسية لإنهاء ازمة الشغور في رئاسة الجمهورية، وكذلك عبر حراك لتكتل الاعتدال النيابي ونواب اللقاء النيابي المستقل. وقال عضو تكتل اعتدال النائب سجيع عطية لـ»الجمهورية»: انّ الحراك الرئاسي سيبدأ باجتماع تشاوري لنواب هذا اللقاء لوضع خطة عمل للتحرك لاحقاً نحو مختلف الكتل النيابية لتحريك لملف الرئاسي. واوضح انّ التحرك ما زال في بدايته، وبالتالي لا يمكن الحديث عن مبادرة جاهزة لدينا لنطرحها على الكتل النيابية، لكن بعد اجتماعنا نقرر الخطوات اللاحقة، على امل ان نستطيع تحقيق خرقٍ ما في هذا الملف تمهيداً لانتخاب رئيس للجمهورية يواكب المرحلة الاقليمية المقبلة في حال انتهت حرب غزة.

رهان على القطريين: على انّ التعويل في هذا الملف يبقى على وساطة الدوحة، حيث تؤكّد مصادر موثوقة لـ»الجمهورية» انّ هذا الامر وارد في المدى المنظور، من دون أن تحدد موعدا معينا لاستئنافه، مشيرة في هذا السياق الى أن الرئيس نبيه بري عَبّر بوضوح، خلال لقائه الاخير بالسفير القطري في لبنان سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، عن رغبة شديدة في استئناف المسعى القطري الذي كان يقوده الموفد القطري ابو فهد جاسم بن فهد آل ثاني، وكاد في فترة ان يقترب من تحقيق خروقات في الجدار الرئاسي لولا أنّ تطورات الحرب الاسرائيلية على غزة وامتدادها الى جبهة لبنان قد عطّلت هذا المسعى.

واشنطن وباريس… والرئاسة: واذا كان الملف الرئاسي يشكل بندا اساسيا في حركة الموفدين الدوليّين الى بيروت، حيث يقارب من باب التمني والنصح للبنانيين بالتعجيل بحسمه والتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، فإنّ مصادر موثوقة لاحَظت عبر «الجمهورية» ما سمّتها «زيادة في الاهتمام الدولي بالملف الرئاسي اللبناني»، حيث كشفت «أنّ ثمّة معلومات ديبلوماسية غير مؤكدة حتى الآن عن دخول أميركي أكثر فاعلية على الخطّ الرئاسي، ترجّح ان يكون للوسيط الاميركي آموس هوكشتاين دور مباشر في هذا الملف»، مشيرة الى انّ «الملف الرئاسي كان بندا اساسيا في محادثات الوسيط الاميركي في زيارته الاخيرة، والتي تمحورت بشكل اساس على تهدئة الجبهة الجنوبية، حيث طرحَهُ هوكشتاين كاستحقاق بات مُلحّاً جداً وينبغي حسمه سريعاً».

وكشفت المصادر عينها «انّنا تلقّينا اشارات في الفترة الاخيرة تشير الى أن باريس بصَدد الحضور مجدداً على الخط الرئاسي في وقت قريب، وقد سبق للسفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو أن لَمّح الى ذلك، ولكن لا شيء ملموساً او واضحاً حتى الآن».

واستفسَرَت «الجمهورية» مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية حول الحراك الفرنسي المرتقب، فأكدت انّ الجهد الفرنسي متواصل مع لبنان، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية، لمساعدة الاطراف في لبنان على إنجاز استحقاقاتهم الدستورية، من دون ان تؤكد ما قيل عن زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان.

وحذّرت المصادر الفرنسية من عامل الوقت الذي بدأ يضغط بقوة، وقالت: لسنا نرى ما يبرّر المزيد من تأخير حسم الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس، فالوقت بات يعمل في غير مصلحة لبنان. وتبعاً لذلك امام الاطراف السياسية في لبنان تحديان اساسيان يتوجّب عليهم تجاوزهما على وجه السرعة، الأول هو المسارعة إلى بحث آليات جدية لانتخاب رئيس للجمهورية حيث ينبغي على السياسيين أن يدركوا انّ مصلحتهم اولاً واخيراً تكمن في التوافق على خيار رئاسي كمقدمة لإعادة انتظام الحياة السياسية في لبنان».

امّا التحدي الثاني، تضيف المصادر، فهو «السعي بكلّ جدية لعدم دفع الامور في الجنوب الى تصعيدٍ واسع ومنزلقات خطيرة، وهو ما تؤكّد عليه باريس. وانطلاقاً من حرصها البالغ على عدم الانزلاق الى مخاطر، وقناعتها بأن لا مصلحة لأي طرف بتوسيع دائرة الحرب، وجّهت رسائل مباشرة الى الجانبين اللبناني والإسرائيلي لاحتواء التصعيد وتبريد الأجواء، والسفير ماغرو يعبّر عن هذا التوجّه في لقاءاته المتتالية في بيروت».

ورداً على سؤال، كررت المصادر التأكيد أن لا مصلحة لأيّ طرف في توسيع دائرة الحرب، كاشفة انّ ثمة توجهاً دولياً مؤيداً لصياغة ترتيبات جديدة في منطقة عمل القرار 1701، الا انها تَجنّبت الدخول في تفصيل هذه الترتيبات وماهيتها، مُكتفية بالقول «انّ باريس تتواصل مع كل الاطراف لتهدئة الاجواء، وتعتبر ان ثمة ضرورة ملحّة للتطبيق الكلي للقرار 1701، وتمكين قوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) من القيام بواجباتها.

التطبيق من الطرفين! وفي سياق متصل، وبحسب معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، فإنّ بعض الموفدين الدوليين، وآخرهم آموس هوكشتاين، ركزوا في محادثاتهم على اعادة الهدوء والإستقرار إلى منطقة الجنوب، وهذا يعني حَمل «حزب الله» على وقف هجماته على الجيش الاسرائيلي، والتزام مُندرجات القرار 1701. حتى أن احد الموفدين قال ان اسرائيل لا تستطيع ان تعيد «مهجّري» المستوطنات الشمالية اليها جراء تصاعد العمليات الحربية. واما الجواب على ذلك فجاء على صيغة سؤال اولاً: كم هو عدد المستوطنين المهجرين؟ فردّ الموفد: عددهم 80 الفاً. فقيل له ما مفاده:… أمر جيد أن يذوق الاسرائيليون طعم التهجير، ونحن ايضاً لدينا 79 الفاً وكسور من مهجّري البلدات الجنوبية يريدون العودة الى بلداتهم. ثم لماذا تغفل عامل التصعيد الاسرائيلي؟ مصدر التصعيد والتوتير من اسرائيل وليس من لبنان، وبالتالي فإنّ المطلوب اولاً وقبل كل شيء أن توقِف اسرائيل تصعيدها واعتداءاتها على لبنان، عندها يسود الامن والاستقرار. وانتهى الجواب اللبناني الى خلاصة حرفيتها: «لا استعداد لدى لبنان للبحث في أيّ إجراءات قبل وقف العدوان. واذا كان ثمة من بدأ يتحدث عن ترتيبات جديدة في ما خَص القرار 1701 الذي تعلمون قبل غيركم انّ لبنان ملتزم به واسرائيل خَرَقته آلاف المرات، فعليكم اولاً إلزام اسرائيل بالقرار 1701. ثم إنّ هذه الترتيبات إن كانت ستحصل – وهذا الكلام غير رسمي حالياً – ينبغي أن تتمّ على الجانبين، وعلى الطرفين، وليس على طرف واحد، فما يَسري هنا يسري هناك».

يُشار في هذا السياق الى ان الرئيس بري قد اكد امام زواره انه عندما تتوقف حرب الابادة في غزة، تتوقف الجبهة اللبنانية تلقائياً، وتعود الامور الى ما كانت عليه قبل العدوان. امّا وانّ العدوان مستمر، واسرائيل تواصل اعتداءاتها وتوسع نطاقها في العمق اللبناني، فلا بحث على الاطلاق في وقفٍ لإطلاق النار من الجانب اللبناني. كما لا حديث مسبقاً بأيّ تفصيل مرتبط بترتيبات ما بعد الحرب.

السفيرة الجديدة: ملف الحدود الجنوبية، ركّزت عليه السفيرة الاميركية الجديدة ليزا جونسون، التي باشرت مهامها في بيروت أمس بوصفها قائمة بأعمال السفارة الاميركية حتى اعتمادها رسمياً، بزيارة بروتوكولية لوزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بوحبيب، الذي قال: «تلقّينا بارتياح جهوزية الولايات المتحدة الاميركية للتوسّط في تخفيض التصعيد وإعادة الهدوء والاستقرار الى الجنوب. ونحن نتحاور مع الجانب الاميركي بانفتاح وروح إيجابية للوصول الى حلول مستدامة تحفظ سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وتضمن الحقوق والأمن والاستقرار، وبالأخَصّ لأهالي الجنوب.

وأشارت معلومات «الجمهورية» من مصادر وزارة الخارجية الى «انّ تصريح بوحبيب جاء بعدما أبدَت جونسون رغبة الادارة الاميركية بتأدية دورٍ لتخفيف التصعيد العسكري على جبهة الجنوب، وعرضت افكاراً محددة تخدم هذا الهدف لا يمكن كشفها الان قبل ان تتبلور جدّياً». وقالت المصادر: «انّ لبنان يرحّب بهذا الدور نظراً لإمكانيات اميركا في التأثير على الموقف الاسرائيلي، وحتى لا يقع ما ليس في الحسبان وتتدحرج الامور الى الأسوأ».

المصدر: الجمهورية

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o