Jan 14, 2024 11:51 AM
خاص

واشنطن تتحدى المشككين: مطمئنون للوضع المنضبط جنوبا ولا تغييرات في حدود "سايكس بيكو"؟!

طوني جبران

المركزية - كثرت السيناريوهات التي تتحدث عن متغيرات كبيرة محتملة في خرائط المنطقة الى درجة ذهب فيها البعض الى ان هناك مشاريع تاريخية لتغيير الحدود التي يحلم بها مؤسسو الدولة العبرية وأن حكومة الحرب الحالية تستعد لتنفيذ البعض منها في المنطقة بما يؤدي الى خرق المعترف بها والموثقة لدى الأمم المتحدة منذ العام 1923، بموجب ما قالت به اتفاقية "بوليه ـ نيوكمب" الخاصة بترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة والتي كانت الحلقة الاخيرة من مسلسل الإتفاقيات البريطانية – الفرنسية التي بدأت العام 1920 ورسمت حدود دول المنطقة التي وضعها الإنتداب لتقاسم المنطقة بين شرق المتوسط وبلاد ما بين النهرين، بعد وضع اليد عليها في أعقاب انهيار الامبراطورية العثمانية.

 مصادر ديبلوماسية وسياسية مطلعة تقول لـ "المركزية" انها ليست المرة الاولى التي تجدد فيها البحث عن مثل هذه التعديلات المحتملة التي رسمت منذ ذلك التاريخ فيما لم تنل التعديلات التي جرت حتى اليوم أي اعتراف رسمي دوليا كان ام اقليميا، بدليل ان الحديث ما زال قائما عن المناطق المحتلة في جنوب لبنان بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بمعزل ان كانت اراض لبنانية او سورية كما في الجولان المحتل على الرغم من القانون الذي أصدرته اسرائيل  وقال بضمه إلى اراضي الدولة اليهودية.

ولفتت المصادر إلى ان واشنطن واحدة من بين الدول التي لم تعترف بقانونية الإجراءات التي فرضت بالقوة  حتى هذه اللحظة وان قرارات الإدانة التي طالتها من المؤسسات الاممية ما زالت لها مفاعيلها وفق الإتفاقيات والمعاهدات الدولية، سواء تغير الواقع القائم ام بقي على ما هو عليه. وهي ان كانت تعني لبنان وسوريا في حربهما مع العدو الاسرائيلي فانه لا يمكن تجاهل الخلافات اللبنانية – السورية حول عشرات النقاط  الحدودية المتنازع عليها التي ما زالت قائمة، طالما ان محاولات البحث حولها لم تنجح بعد بفعل الهيمنة السورية التي سادت في مرحلة من المراحل وتواطؤ دمشق مع فئات لبنانية فاسقطتها،  سواء قيل من اجل تحديد او ترسيم الحدود فتم وأد البعض منها في مهده ، فيما لم تصل أخرى الى أي نتائج ايجابية ونهائية.

وبمعزل عن هذه الملاحظات الجيوسياسية التي لا يمكن تجاهلها عند اجراء المقاربة للمتغيرات الحدودية وتقلباتها بين مرحلة واخرى، فان النقاش القائم حول الحدود الجنوبية مع العدو الاسرائيلي منذ اكثر من اربعة عقود لم ينته بعد. وان ما بذل من جهود لبنانية ودولية مع كل حرب او اعتداء اسرائيلي  من اجل احياء الاعتراف بالحدود الدولية مع لبنان لم يؤد الى اي نتيجة ايجابية. ولا شك بأن لبنان يملك من أوراق القوة القانونية والدولية ما يكفي للوصول الى استعادة اراضيه وان اختلفت وسائل استعادتها بالديبلوماسية أو بالقوة. فاسرائيل سبق لها ان اعترفت في اتفاقية الهدنة عام 1949 بما يطالب به لبنان وتحديدا بالعودة الى الحدود المرسومة منذ العام 1923 مع فلسطين المحتلة. وهي مدعوة اليوم بتجاوبها مع الوساطة الأميركية التي يقودها الموفد الاميركي عاموس هوكشتاين الذي ما زال يعتد بالإتفاقية الخاصة بالترسيم البحري لإنهاء الخلافات القائمة حول النقاط الـ 13 الحدودية من البحر حيث النقطة "B1" على شاطئ الناقورة وصولا الى مثلث تلال كفرشوبا وشبعا وخراج بلدة الماري على الرغم من بعض  العوائق التي تحول دون الجمع بينها .

وتأسيسا على هذه المعطيات، تعترف المصادر ان لبنان ورغم مجموعة المخاوف مما يدور من مفاوضات في المنطقة في غياب رأس الدولة عن المسرح وضعف السلطة الشرعية القوية فإنها مضطرة للرهان على الضمانات الاميركية التي عبرت عنها الادارة الاميركية والتي نقلها أكثر من مسؤول بأن الحدود  ما زالت هي تلك المعتمدة دوليا وليس هناك أي مشروع لتعديلها حتى في الداخل الفلسطيني. وان ما هو منتظر من تصحيح لبعض نقاط الخلاف على الحدود اللبنانية، يساويه اصرار اميركي على حدود قطاع غزة. فاللاءآت الأميركية التي أطلقها وزير الخارجية من مؤتمر "مجموعة السبع الكبرى" في اليابان في الثلث الأخير من تشرين الأول الماضي ما زالت عنوانا للمبادرة الاميركية وهي التي قالت بـ لا للاحتلال الاسرائيلي للقطاع، ونعم لبقائه أرضا فلسطينية معطوفة على "لا لبقاء حماس في السلطة".

ولفتت المصادر العليمة الى ان الضمانات الاميركية على انواعها تعكس اصرارا  على نفي اي تشكيك بما هو قائم من حدود وهو ما جدد القول به اموس هوكشتاين في زيارته الاخيرة. فهو اكد مرة جديدة ما دأب عليه منذ ان استأنف مهامه من بوابة الحديث عن تنفيذ القرار 1701. مضيفا "بان الأمور لن تقف عند وقف وتجميد العمليات العسكرية التي قال بها القرار". وان  المقبل من الايام سيتركز على الانتقال الى ما لم يتم تنفيذه منذ صدور هذا القرار، ألا وهو وقف النار. وهو أمر سينجز بالتفاهم بين البلدين فور توفر الظروف المؤاتية والتي بات رهنا بوقف النار في غزة من أجل تحديد النقاط الحدودية المتنازع حولها وانهاء النقاش مع اسرائيل بشأنها وهو ما كلف وسيقوم به.

وقياسا على ما تقدم تحسم المراجع الديبلوماسية الجدل القائم بالتأكيد ان الحدود الدولية كما أقرت العام 1923 وفق اتفاق "بوليه - نيوكمب" التي  ترجمت ما قالت به اتفاقية "سايكس بيكو" ما زالت محترمة وان اي مشروع للتلاعب بها أو تعديلها ليس مطروحا ،وهو ما يحمي الحدود اللبنانية كما الفلسطينية مع مصر والاردن، ذلك ان ما هو قائم في الجولان من احتلال ما زال خارج الاعتراف الاممي بما هو مستجد منذ احتلاله عام 1967.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o