Dec 15, 2023 3:00 PM
خاص

خلف قرصنة الحوثيين للسفن: ضرر لمصر والاردن وخدمة للغرب

يولا هاشم

المركزية –  باتت هجمات الحوثيين، شبه اليومية، على السفن التجارية في مضيق باب المندب تثير قلقا حقيقياً، لكونها تعرّض حياة البحارة للخطر، الى درجة دفعت بالسفن المتجهة إلى إسرائيل بدءاً من اليوم بسلوك مسار مختلف من آسيا يدور حول إفريقيا ما يجعل الرحلة أطول بثلاثة أسابيع وأكثر تكلفة. وبدأت تصدر دعوات من هنا وهناك لاتخاذ إجراءات سياسية لضمان التهدئة السريعة.

موقع أكسيوس الإخباري أفاد أمس أن وصول السفن إلى ميناء إيلات بجنوب إسرائيل توقف بشكل شبه كامل بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، ونقل عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن بعثت رسائل للحوثيين عبر عدة قنوات تحذرهم من الاستمرار في شن هجمات على السفن في البحر الأحمر وضد إسرائيل.

من جهتهم، أكد الحوثيون مرارًا أنهم يستهدفون السفن المرتبطة بكيانات إسرائيلية. إلا أنهم وسّعوا نطاق عملياتهم مؤخرًا بإعلانهم السبت منع مرور كافة السفن المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، ما لم يتمّ إدخال الأغذية والأدوية إلى قطاع غزة المحاصر. فإلى أين ستؤدي  الممارسات الحوثية؟ وهل من يلجمها؟ أليس من المحتمل أن يؤدي تهديد الملاحة البحرية في الخليج إلى تطور عسكري خطير، في ظل التعزيزات العسكرية والبوارج والغواصات الأميركية والفرنسية والبريطانية، التي غزت المنطقة، وتُعتبر بمثابة رسالة لايران، للجم الحوثيين الذين تدعمهم وتدربهم وتمدهم بالسلاح؟

العميد الركن المتقاعد يعرب صخر يؤكد لـ"المركزية" أن "كل "الحركشات" الحوثية، إذا جاز التعبير، والحركات التي لا طائل منها، أدت الى ان الحشد العسكري الاميركي والغربي كله بات في البحر الاحمر ومضيق باب المندب. ما الذي فعلوه إذاً؟ كأن ما وراء هذه العمليات استجلاب القوى الغربية كلها بأساطيلها وقدها وقديدها كي تكون موجودة في البحر الأحمر"، مشيراً إلى أن "هذه الحركشات الحوثية لا تضرّ إلا بلدين: مصر عبر حركة التجارة الدولية في قناة السويس، والاردن عند خليج العقبة المنفذ البحري الوحيد للبلاد. لم تضر إلا البلدان العربية ولم تخدم إلا القوى الغربية التي وجدت فيها حجة كي تربض في البحر الأحمر، بعد أن كانت رابضة في البحر المتوسط، وبالتالي أصبحت ممسكة بالمنطقة بأكملها بدءا من البحر الابيض المتوسط مروراً بالبحر الأحمر وصولاً إلى المحيط الهندي. علماً أن الولايات المتحدة وهذه الأساطيل كلها ممسكة بكل الممرات والمضائق البحرية، واليوم حصلت على فرصة ثانية كي تمسك بالبحر الأحمر. وما أدراكم ما البحر الأحمر! إنه المتصل بقناة السويس التي تتصل بالبحر الأبيض المتوسط. فما الذي فعله الحوثيون؟ حركات القرصنة وخطف السفن  هنا وهناك استعراضية ودعائية لم تخدم إلا الغرب. لو كان الحوثيون جديين بمناصرة غزة، لضربوا القواعد الأميركية والاسرائيلية في اريتريا وجيبوتي البعيدة عنهم ما بين 30 و50 كلم، اي أنها على مرمى حجر من اليمن.

وسأل صخر: "هل ذلك وسيلة ضغط على مصر للقبول بترحيل فلسطينيي غزة الى أراضيها؟ وفي الوقت نفسه وسيلة ضغط متوازية على الأردن للقبول بسحب فلسطينيي الضفة نحو المملكة الهاشمية؟ هل ما يحصل في غزة تمهيد لترحيل الفلسطينيين الى مصر والاردن؟ هذا الأمر ليس بالخيال العلمي، "الشغلة اكبر من هيك". والحوثيون يقدمون الذرائع للغرب ولاسرائيل لتحقيق غاياتهم. وبالتالي، من استفاد من حركة الحوثيين هما الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل".

وحول المخرج لحرب غزة يقول: "يبدو أن الإتجاه نحو مخارج حل الدولتين بدأ يتضاءل وينكمش، وهو بالأصل خارج اهتمامات حكومة اليمين الإسرائيلي الحاكم وخيار غير حماسي عند اميركا رغم التصريحات الخجولة من ادارتها، وتوازياً غير معتمد عند الممانعين، رغم إعلان حماس بتبنيه منذ شهر على لسان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية. وهذا الإتجاه هو الخيار العربي الوحيد ولا اتجاه غيره عندهم.

كانت فترات الهدنة المتقطعة فرصة لالتقاط الأنفاس، لم تجن حماس منها شيئاً (تحرير بعض الأسرى قابله اعتقالات مضاعفة) غزة أصبحت شطرين ولا تزال محاصرة ويشتد عليها الخناق ويكتظ جنوبها بالسكان... وربحت منه إسرائيل كل شيء فحررت ما تيسر لها من أسراها واستكملت استعداداتها لجولات أخرى ولا يزال الدعم الدولي السياسي والدعائي وحتى العسكري بجانبها رغم بعض المواقف والحراكات والتظاهرات المناهضة هنا وهناك والتي تبين أنها لا تقدم ولا تؤخر".

ويضيف صخر: "إزاء ذلك، أعاد الإسرائيليون سياسيون ودينيون التذكير بأهدافهم ولن يتراجعوا حتى تحقيقها (إنهاء أو كسر قوة حماس، ترحيل الغزاويين، مسح غزة فوق الأرض وتحت الأرض...)؛ ومعها بدأت تتضح مشهدية حشد ودفش الغزاويين جنوباً وما بعده كسراً للحدود مع مصر؛ كذلك ما يحدث في الضفة الغربية بذات المشهدية إنما بأساليب أخرى، جعلتنا أحداث غزة لا نلتفت لما يحدث في الضفة من ترهيب واعتقالات وقضم الأراضي ولم يتبق منها سوى حوالي ربعها.

خوف مصر مما سيأتي من رفح يقابله  الخوف الأردني ذاته مما سيأتيه من الضفة".

ويختم: " بانسداد المخارج السياسية والتعنت الإسرائيلي وضياع حماس ومساهمة الممانعين حلفائها في هذا الضياع (لا يريدون الحرب في مساندة حماس فعلياً ولا يريدون السلام ) ويتماهون في ذلك مع اليمين الإسرائيلي المتطرف... وفوق ذلك ارتباك العرب... كل ذلك يشي بأن مخطط التهجير الفلسطيني هو البارز الآن وبقوة مع استمرار الالة العسكرية ولا صوت يعلو فوق صوت المدفع حيث سنشهد عنفاً مفرطاً كوسيلة تتقدم على كل شيء في سبيل تحقيق إسرائيل لمراميها ليس فقط بإنهاء حماس بل بانهاء القضية الفلسطينية برمتها. نعم هذه هي الخشية الكبرى تتسارع وتحدث امام اعيننا ونتجنب تصديقها".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o