Dec 13, 2023 4:51 PM
خاص

سجالات قانونية ودستور لبناني معلّق... الطعن أمام الدستوري جاهز إذا مش الخميس الجمعة!

جوانا فرحات

المركزية – قد لا يكون غدا الخميس يوم آخر. وكل الآمال المعقودة على عدم تسلل شبح الفراغ إلى قيادة الجيش في هذه المرحلة الدقيقة أمنيا وعسكريا في تاريخ الوطن قد تسقط بفعل كيديات بعض السياسيين وحساباتهم الشخصية.

نجم الجلسة التشريعية التي دعا إليها الرئيس نبيه بري لدرس المشاريع وإقتراحات القوانين المنجزة من اللجان، سيكون كما بات معلوما الإقتراحات المعجلة المكررة المتعلقة بالتمديد لقائد الجيش ولبعض قادة الأجهزة الأمنية الأخرى. بالتوازي دعا رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الى جلسة وزارية تعقد بعد ظهر الجمعة في السراي، وربما يكون التمديد لقائد الجيش نجمها أيضا بعد تسريح البند من الجلسة التشريعية وفق سيناريوهات تُطبخ داخل غرف الضاحية وعين التينة وميرنا الشالوحي. وبالتالي "إذا مش الخميس الجمعة" ساقط سياسيا وتشريعيا. فماذا عن الشق القانوني وهل يكون مجلس الوزراء الجهة الصالحة لتأجيل تسريح قائد الجيش حتى في حال عدم حضور وزير الدفاع المعارض والمعترض على التمديد ليس من باب الدستور إنما لحسابات تتعلق بمرجعيته السياسية، وهل قابلية الطعن أمام المجلس الدستوري أكثر قبولاً إذا كان المرسوم صادرا عن مجلس الوزراء أم المجلس النيابي؟

عضو المجلس الدستوري سابقا البروفسور أنطوان مسرّه يعتبر أن القيمة الحقوقية لبحوث قانونية في لبنان، والتي تليها غالبا سجالات تبريرية أو مناقضة، تبقى من دون جدوى مع استمرار تعطيل المؤسسات وتغطية هذا التعطيل.

وفي مسألة التمديد لقائد الجيش يقول لـ"المركزية" أن النموذج الصارخ في البحث المستمر حول قيادة الجيش والتمديد أو عدم التمديد في مجلس الوزراء أو من خلال المجلس النيابي يكمن في الحالة الكارثية في لبنان – اللادولة، والحرب المستمرة في غزة والمنطقة. فالدستور اللبناني معلّق حالياً بفعل عدم انتخاب المجلس النيابي "لرئيس الدولة"في المهل المحددة الإلزامية والاطلاقية الواردة تفصيليًا في الدستور اللبناني (المادة 49). وعليه، يفقد المجلس النيابي بسبب هذا التقاعس صفته التشريعية وتصبح شرعيته في أي شأن آخر، غير انتخاب رئيس الدولة أولاً، منقوصة ولا يستعيد شرعيته الكاملة إلا بعد انتخابه "رئيس الدولة"!

بالنسبة إلى حكومة تصريف الأعمال" معلوم أن مهامها تقتصر على تصريف الأعمال في الشؤون اليومية العادية والإجرائية ولمدة أيام أو أسابيع. وفي حال امتداد زمني لحكومة تصريف الأعمال يصبح التحليل والتدبير من منطلق تصريف الأعمال غير منطبق على نظرية تصريف الأعمال"!

"حكومة تصريف الأعمال: نظرية قيد الزوال". عنوان تصدر إحدى الدراسات القانونية في فرنسا. وتعقيبا على الحالة اللبنانية بالمراجعة في العمق لهذا المفهوم في القانون الدستوري يقول مسرّه " في العموم يبرز التشديد ليس على القانونية، بل على الشرعية القائمة على المسار الديمقراطي والتقيّد بالأصول الدستورية. أما في الحالة اللبنانية البالغة الفائدة في سبيل التوسع حول شرعية الحكم الملتزم بالدستور فالنص كما هو وارد يقول بأنه  "في حالة المخاطر، يتوجب على الحكومة المستقيلة اتخاذ كل التدابير التي تفرضها إدارة الشؤون العامة، لأن أمان الوطن هو القانون الأسمى". ويلفت إلى أنه في حالات الطوارئ تستطيع الحكومة المستقيلة اتخاذ التدابير ذات الطابع التشريعي... وبالتالي يوجد تلازم بين استمرارية المرفق العام ونظرية السلطة التشريعية المكمّلة للحكومة المستقيلة".

إنطلاقا من المبدأ الذي يعتبر أن "الشرعية تطغى على القانونية، يشير مسرّه إلى ان مسار الشرعية في لبنان معطّل، بالتوازي فإن السجالات القانونية تحصل كما لو أن الدستور مطبّق!

والسؤال الذي يطرح: هل يحق لمجلس شورى الدولة مراقبة أعمال حكومة تصريف أعمال؟ "قد يُطرح الموضوع في حال نقد قرار صادر عن حكومة تصريف الأعمال أمام مجلس الشورى اللبناني. ويضيف استنادا إلى مراجع ودراسات قانونية " المراقبة القضائية على أعمال حكومة مستقيلة ضروري في غياب رقابة برلمانية. لكن، تجنبا لطغيان قضائي على المجال السياسي، تبقى المرجعية المتمثلة بمجلس النواب الأكثر شرعية". لكن حتى الأخير فاقد لشرعيته الكاملة والمطلقة ولا يمكن أن يستعيدها إلا بعد انتخابه "رئيس الدولة"! والتقاعس في هذا الاجراء هو زعزعة لكامل البنيان الدستوري وللشرعية وليس القانونية وحسب".

 

المتوقع بحسب مسرة من الجلسة التشريعية غدا عدم تمرير الإقتراح المعجل المكرر المتعلق بالتمديد لقائد الجيش جوزف عون "فالرئيس بري يريد أن يتجنبها بكل السبل المتاحة. وفي جلسة مجلس الوزراء قد يتم التصديق على المرسوم بالإجماع لكن الأكيد أن نص الطعن بات جاهزا لإحالته على المجلس الدستوري "وطالما نحن في حالة الدستور المعلّق لا جدوى لأية دراسة قانونية".  

والمنتظر من هيئات قضائية عليا، وأبرزها المجلس الدستوري ومجلس شورى الدولة، عدم الانجراف، في حال حصول أي طعن، في تأويلات قانونية خارج مبدئية سمو الدستور والشرعية التي من دونها يتحوّل القانون الى أداة تبرير في حين أن القانون، أو بالأحرى الحق، هو علم معياري" يختم مسرّه.

جلسة البرلمان قائمة في موعدها غداً الخميس، وبند التمديد لقائد الجيش يسبقه 17 بنداً، وهذا يعني أن الجلسة قد تستمر أياماً، ما سيعطي الحكومة الفرصة الكاملة للقيام بواجبها. السيناريو محبوك بدقة وإذ يردد بري في العلن عن أنه "يسير في موضوع تمديد ولاية عون من دون تردد" إلا أنه يكرر ما يقوله دائما من أن  الحكومة هي صاحبة الحق في هذا الموضوع وعليها تقع مسؤولية حلّ هذه المسألة سواء عبر تعيين قائد للجيش أو تأجيل تسريح القائد الحالي. لكن إذا تقاعست فالبرلمان سيقوم بواجبه لمنع الفراغ في هذا المنصب الحساس. ولن أؤخر دقيقة واحدة، وعلى الحكومة المسارعة للقيام بواجباتها". وغدا لناظري الفراغ قريب!.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o