Dec 07, 2023 4:23 PM
خاص

غوتيريش استخدم خرطوشة المادة 99 الاخيرة...ماذا بعدها؟

يولا هاشم

المركزية - وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسالة غير مسبوقة إلى مجلس الأمن بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، محذرا من مخاطرها على مستوى العالم، كما حذر من أن النظام العام في القطاع يوشك أن ينهار بالكامل، وأن الحرب في غزة قد تؤدي إلى تفاقم التهديدات القائمة للسلم والأمن الدوليين.

واعتمد الأمين العام على المادة 99 من الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة التي نادرا ما تستخدم والتي تخوله "لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حماية السلم والأمن الدوليين. وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها غوتيريش هذه المادة منذ توليه منصبه عام 2017.

وبذلك حث غوتيريش، في خطوة نادرة، المجلس المؤلف من 15 عضوا، رسميا على "استخدام كل نفوذه" لمنع وقوع "كارثة إنسانية" في القطاع، ومن المتوقع أن يجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، غداً الجمعة، لبحث تداعيات الحرب على غزة المندلعة منذ شهرين. فما أهمية استخدام المادة 99، وهل استشعر غوتيريش بأن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة، خاصة بعد تعليق وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين الذي اعتبر أن ولاية غوتيريش تمثّل تهديداً للسلام العالمي، وأنّ مطالبته بتفعيل المادة 99، والدعوة الى وقف لإطلاق النار في غزة يشكّلان دعماً لـ"حماس"؟

السفير السابق في واشنطن رياض طبارة يؤكد لـ"المركزية" ان المواد من 52 حتى 101 من ميثاق الامم المتحدة، تنظم عمل السكرتاريا داخل الامم المتحدة، ومن بينها بند يسمح للأمين العام بتنبيه مجلس الأمن او الامم المتحدة بشقها السياسي، في حال شعر ان هناك ما يؤثر على الأمن والسلم العالميين، مشيراً إلى ان "غوتيريش حاول كل الوسائل لردع اسرائيل، وتحدث في مجلس الأمن عن المجزرة التي تحصل في غزة ولم يترك مناسبة إلا وتحدث فيها، حتى وصلت الأمور مع الاسرائيليين للمطالبة بتحييده واستقالته. لكنه بقي على موقفه، واستخدم المادة 99 كآخر خرطوشة. الأمين العام ليست لديه صلاحيات، بل ينفّذ فقط، هو امين تنفيذي للقرارات المتعلقة بالشق السياسي من الامم المتحدة، أي الجمعية العامة ومجلس الامن. اعتقد ان هذه الصرخة مفادها أنه لم يتبقَ لديه ما يقوله، قال كل شيء وما زالت الامور مستمرة وما زال الخطر موجودا واصبح بمستوى غير مسبوق، ولذلك استعمل صلاحياته المحدودة كآخر صرخة انسانية في هذا الخصوص".

ويؤكد طبارة ان "الاسرائيليين يعتبرون ان اي نداء لإيقاف العمليات العسكرية هو أمر ضد اسرائيل ومع حماس. والامر نفسه بالنسبة للأميركيين، إذ لم يعد باستطاعتهم جمع أصوات في الكونغرس للمطالبة أقله بهدنات متتالية. وما زالت الادارة الاميركية تعتبر أن النداء بإيقاف العمليات هو مساعدة لحماس".

عن اجتماع مجلس الامن غدا يقول: "النداء مجرد تنبيه، لا يحق لغوتيريش ان ينفذ من دون صدور قرار. مجلس الامن سيبحث الامر ويضعه على الطاولة. أعتقد ان مع هذا التصريح للأمين العام، سيكون هناك شبه إجماع على ايقاف العمليات، إما لأسباب انسانية او لإيقاف العمليات بشكل كامل. إلا أن الاميركيين باعتقادي لن يصوتوا، وقد يلجأون إلى تهديد الآخرين بأنهم سيستخدمون حق الفيتو، طبعاً تحت الضغط الاسرائيلي. وسيتخذ الاوروبيون موقفا محايدا، لن يوافقوا ولن يعترضوا، أي أنهم يمررون طلب وقف إطلاق النار، في حين ان الدول الباقية كلها في مجلس الامن (6 او 7 دول متبقية) ستصوّت مع وقف إطلاق النار".

ويضيف: "اعتقد ان القرار سيتخذ بايقاف الحرب بأغلبية ساحقة، لكن الاميركيين ما زالوا يتريثون، لأن اسرائيل تطالبهم بمهلة أسبوع او اسبوعين بعد للقضاء على قيادات حماس. في المقابل، يطالب الاميركيون تل أبيب بعدم قتل المدنيين، لأن من شأن ذلك أن يعرضهم لضغوط دولية قوية. اليوم، إذا صدر قرار بوقف الحرب كما يقول غوتيريش، فإن اسرائيل ستعتبره موقفاً موجهاً ضدها، وإلا تجب المطالبة باستمرار الحرب. لأن ايقاف الحرب برأي تل أبيب يعني ان حماس ستعتبر انها ربحت الحرب، في حين ان هدف اسرائيل محو قيادات حماس ونفوذها وهو أمر لم يتحقق بعد، ولم يقتلوا زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار وجماعته بعد".

ويتابع: "صحيح ان استخدام غوتيريش للمادة 99 يعطيه قوة دفع اكبر وأقوى من إلقاء كلمة في مجلس الامن، لكنها لن تغير الامور لأن اسرائيل لن توقف الحرب والولايات المتحدة ما زالت تقف الى جانب اسرائيل. هذه الصرخة تعطي دفعا معنويا لباقي الدول التي تريد ان تقف الحرب. أعتقد ان الحرب طويلة لكن المشكلة في المجازر التي تحصل يوميا في غزة".

ويختم طبارة: "أمس قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر إن الولايات المتحدة تراجع تقريرا صادرا عن منظمة العفو الدولية "أمنستي" أفاد بأن "ذخائر أميركية تسببت في مقتل مدنيين خلال غارات جوية في غزة"، وتؤكد الولايات المتحدة أن ما يحصل لا يرقى الى مستوى الإبادة الجماعية وتحاول أن تستبق بذلك الدعاوى التي ستقام ضد اسرائيل بهذا المجال بعد ان تنتهي الحرب. اعتقد ان الانفجار الأكبر الذي سيحصل بالنسبة لهذه الحرب ووحشيتها، سيكون بعد الحرب وليس خلالها. ما زلنا اليوم في مرحلة الـfog of war اي مرحلة ضبابية لا يمكن خلالها رؤية الامور بوضوح، لكن عندما تنتهي الحرب ستتضح الصورة ومنها الإبادة الجماعية التي تحدث عنها الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية".

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o