Dec 05, 2023 5:02 PM
خاص

طلائع الطوفان تعيد خلط الأوراق داخليا وتوقظ تجربة فتح لاند...لا عودة إلى الوراء

جوانا فرحات

المركزية – في السابع من تشرين الأول الماضي أطلقت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عملية طوفان الأقصى في غزة. وفي الرابع من كانون الأول الجاري وبعد تجدد القتال إثر الهدنة التي أعلنت بين إسرائيل والحركة لمدة 7 أيام أعلنت حماس عن تأسيس "طلائع طوفان الأقصى" انطلاقا من لبنان، ودعت أبناء الشعب الفلسطيني هناك للانضمام إليها في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. ودعت الحركة "الشعب الفلسطيني والشباب والرّجال الأبطال إلى الانضمام إلى طلائع المقاومين وأن يشاركوا في صناعة مستقبل شعبهم، في تحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك" وطبعا من أرض لبنان وتحديدا الجنوب.

وفي ظل الصمت الرسمي ارتفعت حدة المواقف التي تطالب الحكومة اللبنانية برفض هذه الخطوة وعدم المساومة على خلفية التجربة التي عاشها اللبنانيون خلال سنوات الحرب بسبب ممارسات الفصائل الفلسطينية عدا عن كونه يشكل خرقا للسيادة اللبنانية وعدم احترام الدولة اللبنانية.

حدة المواقف دفعت ممثل "حماس" في لبنان أحمد عبد الهادي إلى إصدار توضيح قبل مرور 24 ساعة على إصدار البيان التأسيسي وأعلن فيه أن "طلائع طوفان الأقصى" ليس تشكيلا عسكريا من أجل استيعاب مقاتلين وتدريبهم للانخراط في صفوف المقاومة المسلحة، وإنما هي إطار شعبي تعبوي فقط من أجل استيعاب الشباب الفلسطيني لبناء شخصياتهم وطنيا ودينيا وقيميا وبدنيا والعمل على دمجهم في برامج لخدمة المجتمع والمساهمة في أعمال الخير الوطني".

قد يكون البيان التوضيحي بمثابة "العودة عن الخطأ" لكن الفضيلة غير مكتملة في ظل استمرار العمليات التي تشنها حركة حماس من الجنوب اللبناني ويدفع ثمنها أبناء الجنوب من رزقهم وجنى عمرهم وبقائهم في بيوتهم.

الكاتب السياسي أحمد الأيوبي ينطلق من "سلسلة التوضيحات التي اطلقها ممثل حركة حماس في لبنان ولفت فيها إلى أن الإعلان فُهِم خطأ. والمقصود بالتعبئة ليس العسكرية إنما الشعبية والإجتماعية واستقطاب الكفاءات الفلسطينية. بالتوازي لا يخفي الأيوبي الآثار السلبية التي خلفها البيان الأول "مما استدعى مواقف من مختلف الجهات التي ترفض أي جناح عسكري ينطلق من مشروع إقليمي لفتح جبهة على الحدود الجنوبية".

لكن وعلى رغم التوضيحات تبقى ثغرة واحدة يضيف الأيوبي وهي أن حماس تشارك في الحرب لمناصرة الشعب الفلسطيني  من الجنوب مما يبقي على حالة القلق داخل الساحة اللبنانية أضف إلى أنه بعد مرور حوالى الشهرين على الحرب في غزة تبين أن جبهة الجنوب ليست ذات قيمة عسكرية ولن تستطيع ان تردع الإسرائيلي ضد عدوانه على الشعب الفلسطيني". إنطلاقا من هذا الواقع يطالب الأيوبي حماس بالتراجع عن موقفها من الحرب في جبهة الجنوب وإنهاء المعارك لاستعادة الوحدة الوطنية وتفادي الإصطفافات المضادة على حساب القضية الفلسطينية.

قد يكون التفاعل الإيجابي مع قتال حركة حماس إسرائيل على جبهة الجنوب سرّع في عملية الإعلان عن "طلائع طوفان الأقصى" وقد يكون الرجوع عن الخطأ فضيلة بعدما استدركت الحركة عبر ممثلها في لبنان حساسية الموقف اللبناني من التجربة التي عاشوها على مدى سنين الحرب وأدركت أن نتائجها أعطت درسا للجميع ولبنان لا يحتمل هذا المنحى الذي يمهد لتشريع الأبواب على الفتنة. إلا أنها قد لا تقتصر على المواقف السياسية والشعبية. فموقف حزب الله من قتال حماس في الجنوب بات مكشوفا "إذ أبدى عدم ارتياحه لمشاركة الجماعة الإسلامية في القتال إلى جانبه عند الحدود الجنوبية، ولن يكون مرتاحا لتزايد قوة حماس واستقلالية قرارها داخل الجنوب اللبناني مما يعني احتمالية وقوع صراع جديد. باختصار الوضع حساس جدا".

السؤال الذي يطرح من يدعم حركة حماس ومن سيغذي "الطلائع" لوجستيا وماليا؟ يؤكد الأيوبي أنه بعد عملية طوفان الأقصى تضاعف توجه الحركة نحو الإستقلالية في قراراتها خصوصا ذات المنحى التكويني . ولم يعد خافيا تخلي إيران عن حماس وعدم تقويتها على أي مستوى ورسم خط فاصل بينها وبين إيران. وعليه يضيف فإن أي تحرك لحماس ينحو نحو الإستقلال عن إيران .

وعن الإمكانات المادية واللوجستية يشير الأيوبي إلى أن لدى "حماس إمكانات متراكمة سواء في القدرات العسكرية أو التعبئة الشعبية".

إحتمال أن تكون حركة حماس استدركت خطورة الخطوة التي أعلنت عنها إنطلاقا من التجارب السابقة للثورة الفلسطينية يبقى في إطار الأرجحية حتى البيان التوضيحي وكلام عبد الهادي بأن حماس "لن تتخذ قرارا بالرجوع إلى الوراء لأنها تحترم سيادة وقانون لبنان ولا يمكن أن تقوم بشيء يضر بأمنه وسلامته وتاريخنا يشهد على ذلك" يبقى حبرا على ورق لأن الوقائع على أرض الجنوب تثبت عكس ذلك والصواريخ التي تطلق من الجنوب إلى الداخل الإسرائيلي تشهد على ذلك.

ومجرد الإعلان عن تأسيس طلائع طوفان الأقصى لأهداف إجتماعية وشعبية سيقدم ذريعة لإسرائيل لتنفيذ حربها غير المحددة في المكان والزمان على لبنان. لكن في قراءة الأيوبي "إسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة لضرب لبنان وحزب الله أعطاها الذريعة عندما فتح جبهة الجنوب.فحزب الله هو الفاعل والمقرر في هذه الحرب وجبهة الجنوب محكومة بالضوابط الإيرانية-الأميركية. وإذا ما تفلتت هذه الضوابط سنكون أمام إشكالية جديدة".

التاريخ يشهد أن لا حماس مهيأة للعودة إلى الوراء لتأسيس "حماس لاند" جديدة ولا اللبنانيون السياديون مستعدون لقبول أي تبرير أو توضيح يقطع أوصال السيادة اللبنانية. والتوضيح الأكثر عقلانية قد يتماشى مع فرضية "الإندفاع في لحظات معينة إزاء وحشية الغزو الإسرائيلي على غزة. لكن لا يمكن أخذ هذه المواقف كقاعدة .والثابتة الوحيدة أن لا تجارب للعمل المسلح الفلسطيني على أرض لبنان ولا حماس لاند جديدة" يختم الأيوبي.   

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o