Dec 05, 2023 3:51 PM
خاص

بعد الجريمة البيئية والتراثية... وادي قاديشا على طريق الإنقاذ!

يولا هاشم

المركزية – منذ ايام، ضجّت وسائل الاعلام بخبر جريمة بيئية اقترفت في وادي قاديشا متمثلة في اقتلاع أشجار معمّرة وشق طريق وتشويه الوادي المقدّس المصنّف على لائحة التراث العالمي.علت اصواتهم معترضة ومحذرة وسارعوا الى متابعة الملف مع المعنيين، فإلى اين وصل وكيف تتمّ المعالجة؟ 

بداية، وبحسب ما أفادت "الهيئة الدائمة لتاريـخ جبّة بشرّي" ، قام القيّمون على دير مار أنطونيوس قزحيا، ، بما يناقض هذه القرارات والقوانين المحّلّية والدولّية،  بشقّ طريق بعرض يراوح بين ٨ و١٠ أمتار، وبطول ٢٥٠٠ متر تقريباً. وقد استحصل الدير على رخصة تشحيل أشجار السنديان (٤٣٠ شجرة) في المساحة المعنّية بالطريق، ما يشّكل أصلاً مخالفة لقانون هذه المحمّية من قبل وزير الزراعة، ولكن تّم تجاوز الرخصة واقتلاع وقطع كامل للمئات من الأشجار المعّمرة في المكان. وقد تسبّب شق الطريق المذكور بتخريب جزء من طريق المشاة التاريخي، والمعروف بدرب الجبل اللبناني، كما أّدت الحفريات واقتلاع الأشجار إلى انهيارات في التربة والصخور، وإلى تشويه قاس للمنظر الطبيعي، من دون إقامة أي اعتبار لقيمة المكان البيئّية والتراثّية والثقافّية والدينّية، ولا للقرارات والقوانين المحلية والدولية، ما يرفع الشكوك في نوايا استثمارّية مشبوهة خلف هذه الجريمة. 

وأكدت الهيئة في بيان، أن "وادي قاديشا يتمتع بحماية وزارة الثقافة، عبر قراريها الوزاريين (رقم 1995/13 ورقم 1997/60) وبحماية وزارة البيئة عبر القرار 1995/151 بالإضافة إلى قانون الآثار رقم 1933/166، والقانون 7/8 الصادر في العام ١٩٣٩ والقرار ٤٣٤/ N من قانون 3/28 في العام١٩٤٢. وقد صدر قرار عن منظمة الأونيسكو لتسجيل الوادي على قائمة التراث العالمي (رقم ٨٥٠) العام ١٩٩٨. إذ ينطلق من تحديد الملكية بالبطريركية المارونية والرهبانيات والبلديات المحلّية، ويربط أّي عمل في نطاق الوادي بموافقة مسبقة من الأونيسكو، وموافقة من مديرية الآثار اللبنانّية. 

إن ذلك القرار يضبط المراقبة على الوادي، ويحافظ على دروب المشاة، ويربط حماية هذا الموقع بجهد مشترك بين البطريركية المارونية والجيش اللبناني وبلدية بشّري". 

ولفتت "الهيئة الدائمة لتاريـخ جبّة بشرّي" إلى ان "المجمع الماروني، المنعقد في العام ١٧٣٦ نصّ على ما يلي: (قانون ٥١٩) "لا تُقطع الأشجار المثمرة والنامية إلا إذا وجب قطعها ورخص الرئيس المكاني فيه، وحينئٍذ فلتستنفد في نفع الكنيسة". (قوانين المجمع اللبناني، الخوري الياس الزيناتي، ١٩٢٦، ص ٢٠٦). 

أدان المجمع البطريركيّ المارونيّ (بكركي، ٢٠٠٦، ص ٨٣٧) موجة التصحر الناتجة عن قطع الأشجار من دون زرع أشجار جديدة مكانها، فأفقدت لبنان والموارنة تراثاً طبيعياً نادراً. 

وفي مجال آخر (ص ٨٤٣)، "أوصى المجمع: إن تنمية الثروة الحرجية من شأنها أن تسهم مساهمة فّعالة في الحفاظ على بيئة سليمة، كما تشجع السياحة والإصطياف. هناك مساحات خضر ينبغي الحفاظ عليها ومساحات أخرى أصبحت جرداً ينبغي تحريجها. فتعاون الدولة والكنيسة ضروري هنا أيضاً لإنماء هذه الثروة الطبيعية وزيادة عدد المحمّيات والأحراج المصانة." 

(ص ٨٤٨) "واكد المجمع على ارتباط الماروني بأرضه ارتباطاً مقّدساً وحيوّياً، فهو ارتباط بالقيم والتراث المادّي والمعنوي والروحيّ". وبذلك يكون رئيس دير مار أنطونيوس قزحيا قد خالف التعاليم الدينية قبل مخالفته لأنظمة الأونيسكو. 

واعتبرت الهيئة "ان الحفاظ على وادي قاديشا، استناداً إلى وصف الأونيسكو، كجزء من التراث العالميّ، يعني حمايتَه ابتداء من غابة أرز الرب في بشري حتّى ضواحي كوسبا في قضاء الكورة. وان الشعب اللبناني بأجمعه معنيٌّ بالدفاع عن واقعه التراثي وبيئته الطبيعية، وسنعمل بكافة أساليب الضغط الديموقراطي المنظم في هذا المجال". 

جمعية الأرض – لبنان: وفي سياق متابعة القضية، عقد الناشط البيئي بول أبي راشد والدكتور عصام خليفة والخبير بالتراث العالمي جورج زوين والناشط سمير غصن، بعد ظهر امس اجتماعاً في دير مار أنطونيوس البادواني في غزير مع الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي هادي محفوظ والنائب العام للرهبانية الأب البروفيسور جورج حبيقة والاب المدبر طوني فخري الى جانب رهبان دير مار انطونيوس قزحيا، هدفه حماية وادي قزحيا.  

وخلال الاجتماع، أوضح الاباتي محفوظ ان الرهبانية اللبنانية المارونية ليس لديها نية بفتح طريق في الوادي المقدس كما ان الرهبانية على استعداد لترميم الاضرار التي حصلت والاستعانة بخبراء للقيام بالدراسات اللازمة وتطبيقها لكي يعود الوادي الى جماله وهدوئه وروحيته. 

وشكر أبي راشد الآباء على تواضعهم وتفهمهم لغضب الناشطين البيئيين ومحبي وادي قاديشا بعد تجاوز رخصة التشحيل وشق طريق في الوادي على أمل ان تتم معالجة كل المشاكل بهذه الروحية التي تضع مصلحة لبنان قبل كل شيء. 

وأكد أبي راشد أن "الأب حبيقة أوضح بكل شفافية موقفه وموقف الرهبانية اللبنانية المارونية مما حصل مؤكداً أنه وافق فقط على اعمال تشحيل في نطاق اراضي الدير وليس لدى الرهبانية اي نية بفتح طريق في الوادي وما حصل جاء خطأً واعمال شق طريق لن تستكمل، مشيراً إلى أن الرهبنة اللبنانية المارونية اتخذت قراراً بايقاف كل الطلبات بأعمال تشحيل في اراضيها لعدم تكرار ما حصل في اراضي دير قزحيا ولصعوبة المراقبة".  

ويضيف: "المهم اليوم ان القيمين على الدير أقرّوا بأنهم أخطأوا، رغم اننا كنا نخاف بأن يكون لديهم مشروع فتح طريق او اي مشروع آخر، لكنهم قالوا بصوت عال أن ليس لديهم اي مشروع وبأنهم مستعدون لإصلاح ما تم تشويهه، بعد الاطلاع من الخبراء على كيفية اصلاح الأضرار". 

ويتابع أبي راشد: "لو لم تتم الإضاءة من قبل الناشطين البيئيين ومتابعة "جمعية الأرض" -لبنان، القضية، لـ"اخترب" الوادي قبل أن يدرك أحد ذلك. غدا عيد الشجرة، وللمناسبة اقول، ما حصل في وادي قاديشا كان ليقضي على الاخضر واليابس لولا ايقافه لأن الرخصة كانت معطاة حتى شهر نيسان" ، مؤكداً أن "ما حصل في قاديشا يحصل في كل زاوية من لبنان، لذلك نرجو من المواطنين إعلام "جمعية الأرض لبنان" عند رؤيتهم بداية مجزرة بيئية، كي تقف الى جانبهم"، مستطرداً: "نحن على تنسيق دائم مع قوى الأمن الداخلي والقضاء، وبالتالي نطلب من المواطنين لعب دور الخفير او green police كل مواطن خفير بيئي.

وختم أبي راشد: "الرهبنة حريصة على قدسية وحساسية وادي قاديشا واهميته كإرث عالمي وعلى اهمية المحافظة عليه للاجيال القادمة. وسوف نستكمل التنسيق معاً من اجل التوصل الى حلول مستدامة ترضي الجميع وتحافظ على ارثنا الثقافي والطبيعي". 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o