Nov 23, 2023 4:58 PM
خاص

لبنان آخر ميدان لطهران وزيارات عبد اللهيان ستتكرر لضبط الساحات!

جوانا فرحات

المركزية – على وقع الكلام عن الهدنة المعلنة في قطاع غزة واغتيال أربعة من قادة حزب الله من بينهم نجل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، وعلى وقع الإحتفالات الرمزية للإستقلال اللبناني الثمانين والفراغ الرئاسي المستمر منذ 13 شهراً وصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت .

هذه الزيارات التي تكررت خلال الـ45 يوماً من الحرب على غزة، رسمت أكثر من علامة استفهام حول مغزاها.إلا أن الزيارة الأخيرة أمس كشفت في الشكل مدى التجاوزات في الأصول الديبلوماسية لاستقبال وزير خارجية دولة. أما في المضمون فيبدو أن البرنامج وُضِعَ سلفا في عهدة حزب الله. فهل كرست حرب غزة بيروت موطئ قدم لوزير خارجية طهران وربما لمسؤولين وقادة سياسيين وعسكريين لاحقا؟

الكاتب السيادي الياس الزغبي يرى أن "زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان تحمل بعدين من خارج سياق السيادة اللبنانية وأصول التعامل الديبلوماسي بين الدول. البعد الأول يتعلق بالشكل أي لحظة استقباله على أرض مطار رفيق الحريري الدولي. فبدلا من أن يكون في استقباله وزير الخارجية اللبنانية أو من يمثل الوزارة أو سفير إيران في لبنان بحسب التعامل الديبلوماسي بين الدول، إذ بالمستقبلين يتنوعون إلى جانب هاتين الشخصيتين وهم من فريق الممانعة سواء كان من  حركة أمل أو من يدورون في فلك حزب الله وسواهم. وعلى الأقل لا يكون لرئيس مجلس النواب نبيه بري أي صفة كي يستقبل وزير خارجية أي دولة فلا ينتدب من يمثله أو من يمثل حركته السياسية .وهذا الأمر ينطبق على حزب الله وأذرعه فضلا عن بعض الوجوه وهي ليست لبنانية ولا إيرانية".

وعن أبعاد تكرار الزيارات يوضح الزغبي لـ"المركزية" أن "عبد اللهيان يزور لبنان مرة بعد مرة ويوسع لقاءاته سواء في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت كما يلتقي مسؤولين أو قيادات فلسطينية موجودة على الأراضي اللبنانية" ويضيف"  من المؤكد أن إيران لم تعد تملك واقعيا ميداناً كاملاً لقرارها إلا في لبنان. فقطاع غزة أفلت من يدها وبات الآن خاضعاً لحركة حماس بشكل مطلق وطبعاً للقرار الإسرائيلي. أما سوريا فهي ميدان مشترك بين إيران وروسيا مع النظام السوري وليست ميداناً مفتوحاً أمام القرار الإيراني المنفرد. والجبهات الأخرى مع إسرائيل من مصر إلى الأردن غير متاحة للتأثير الإيراني. أما الساحة العراقية فهي عمليا منفصلة جغرافيا عن حدود إسرائيل . لذلك تركز طهران على ميدانها شبه الوحيد قرب إسرائيل وهو لبنان لعجزها عن تحريك الميادين الأخرى تحت نظرية "توحيد الساحات". وهذا ما يؤكد أن لبنان ساحة مباحة  أمام القرار الإيراني حرباً وسلماً أو هدنة".

 مهمة عبد اللهيان باتت أقرب إلى التهدئة "والمساعدة على ضبط الساحة الجنوبية التي تكاد تفلت من قرارها المركزي، ليس لأن حزب الله حرّ التصرف والقرار، بل لأن المواجهات الميدانية تتصاعد وتنذر بحرب أشمل وهذا ما لا تريده إيران لأسباب براغماتية منها أنها تخشى انفرادها في الحرب فلا يأتي الإسناد لها من روسيا أو الصين أو غيرهما.وثانيا لأنها تجري حسابات دقيقة حول الأثمان التي قبضتها سابقا ومنها نفوذاً في عواصم عربية أربع وكذلك الإنفتاح الذي قامت به تجاه الخليج وتحديدا السعودية. ويضيف الزغبي، كلها اعتبارات تجعل إيران منكفئة حتى الآن عن الخوض العلني في الحرب وتترك غزة لقدرها بينما يدفع حزب الله ثمنا باهظا من دماء عناصره وهم لبنانيون، ولم يسقط أي قتيل أو جريح إيراني في كل الميادين لا في غزة ولا في جنوب لبنان".

ثمة كلام عن تكريس نصرالله الناطق الرسمي والوحيد بإسم المقاومة العربية الإسلامية، إلا أن الزغبي يرى أن عبداللهيان صادر خلال زيارته السابقة حق نصرالله بالنطق في مسألة الحرب في غزة فأسكته على مدى شهر كامل. وحين سمحت له طهران بالخروج إلى الإعلام رأينا ولمسنا كم كان مستوى خطابه هادئا وشكل خيبات أمل داخل بيئته أولا ولدى الرأي العام الخارجي ثانيا وأتبع خطابه الأول تحت السقف الإيراني بحيث التزم القرار بالإنكفاء عن الحرب والإكتفاء بما سُمي المشاغلة في الجنوب والتي لم تترك أي أثر إيجابي على غزة لأن إسرائيل حشدت القوة التدميرية الكافية في قطاع غزة. وأتبع ذلك بتهديده البوارج وحاملات الطائرات الرابضة في المتوسط.

أما الخسارة الثالثة لنصرالله فتمثلت في نزع قيادته التي كانت مكرسة لما يعرف بمحور المقاومة في الطوق المضروب حول إسرائيل وامتدادا إلى العراق واليمن كما خسر قراره لدى حركة حماس التي تدير معركتها في غزة بنفسها ولا تتلقى أوامر وإرشادات نصرالله كما في السابق، حتى أن حركتها في الجنوب تكاد تكون مستقلة، وهذا موضع نقاش وخلاف في الغرف المقفلة بين نصرالله وحركة حماس".

كل هذه المشهدية تؤشر إلى أن زيارات عبداللهيان ستتكرر "للتعبير عن الرعاية المباشرة للمبدأ الوحيد الخاضع للقرار الإيراني ودوزنة المواجهة الحاصلة في الجنوب وربطها بالمساومات الضمنية والبعيدة عن الأضواء التي تجريها طهران مع الولايات المتحدة الأميركية عبر وسطاء وأحيانا بصورة مباشرة .وهذه المساومات تمنع توسع الحرب خارج نطاق قطاع غزة والإكتفاء بمناوشات ذات طابع إعلامي إعلاني ولو كان ثمنها سقوط حوالى 90 قتيلا من الحزب ومن بينهم قيادات "يختم الزغبي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o