Nov 21, 2023 11:47 AM
خاص

وقود الحرب الطائفية تشعلها صينية "أهالينا في الجنوب"...لا تمتحنوا هويتنا والتزامنا بالدولة

جوانا فرحات

المركزية – هي مجرد عبارة لا تخرق المفاهيم الكنسية وتهدف إلى خدمة الإنسان من دون تفرقة أو تمييز عبر "لمّ الصواني" قالها البطريرك  بشارة الراعي في مناسبة يوم الفقير وقامت الدنيا ولم تقعد.

منظمو الحملة جمهور بيئة معينة على مواقع التواصل الإجتماعي، حتى وصل الأمر إلى إطلاق النعوت التخوينية في حقه ووصفه بال"صهيوني". فقط لأنه وجه نداء إنسانيا لمساعدة "أهالينا في الجنوب". وليس أبناء الطائفة المسيحية حصراً.

حملات مفعمة بالكراهية والشحن الطائفي من هنا وأخرى تطمئن وتندد وتطالب بالتهدئة وامتصاص الفتنة من هناك. لكن ما لا يقبل التحوير والحوار أن ثمة واقع لا يقبل الجدل ومفاده أن القلوب مليانة وغير صافية . فهذه ليست المرة الأولى التي يصار فيها إلى تخوين بكركي فقط لأن سيد بكركي طرح مبدأ حياد لبنان وطالب بعقد مؤتمر من أجل لبنان لطرح المسائل الخلافية، ومنها موضوع السلاح، وانتقد مبدأ وجود جيشين في دولة واحدة ورفض فرض أعراف جديدة خارجة عن الدستور في مسألة الاستحقاق الرئاسي كعقد حوار يسبق جلسة الانتخاب. إلى أن جاء موقفه الأخير من حرب غزة حيث أعلن أخيراً رفضه جر لبنان إلى هذه الحرب التي نالت من أبناء الجنوب وأراضيهم.

مصدر كنسي جنوبي اعتبر أن هذه الحملة تكشف عن أحقاد دفينة ووجود حالة تخلّف في المفهوم السياسي. وأسف عبر "المركزية" من "جهل البعض للمفهوم القانوني لـ"لم الصينية" مذكرا بإحدى وصايا الكنيسة السبعة  "أوفِ البركة أي العِشر". كما استعاد مفهوم "صينية الرسالات" التي تُلمّ في الأحد الأول من تشرين الأول وتُرسل إلى مركز الأبرشية ومنها إلى المكاتب التي تُعنى بدعم الرسالات (أي العمل الرسولي) .

ويحدد المصدر الأهداف الأربعة للم الصينية وهي تأمين مصاريف الإحتفال الليتورجي (البرشان، النبيذ...)، وتأمين معيشة لائقة للكاهن ونشر الرسالة المسيحية (نشاطات رسولية والتعليم المسيحي في المدارس) وتأمين حاجات الفقراء والمحتاجين وهذا هو الهدف الذي دعا من خلاله الراعي للمّ الصينية"ولو لم يفعلها كنت سألومه" يقول.

وفي معرض توضيحه، يلفت المصدر الكنسي إلى استعمال الراعي عبارة "أهلنا في الجنوب، لأنه بطريرك لبنان وسائر المشرق وشعاره منذ انتخابه محبة وشراكة .إذا هو لكل لبنان وكل الشرق ولا يميز بين طائفة وأخرى وإلا كان استبدل عبارة أهلنا الجنوبيين بإخوتنا أو أهلنا المسيحيين. وهذا ما استشفه بعض العقلاء وجاء رد الثنائي الشيعي منددا بالحملة على الراعي.

وفي ما خص الطوائف الأخرى، يرى المصدر أن الحملة تدل على أن القلوب مليانة من الراعي "وتحديدا منذ اليوم الأول على مناداته بالحياد وعندما قلنا أننا لا نريد هذه الحرب نعتونا بالصهاينة".

بالتوازي ، لا يخفي المصدر خشيته من استنهاض النعرات الطائفية من خلال حرب غزة التي يستعملها البعض كوقود لاستعادة فتيل الحرب الطائفية في لبنان "علما أن بكركي والمسيحيين في لبنان كانوا من أول المتضامنين مع الشعب الفلسطيني ونددوا بالمجازر التي يرتكبها الإسرائيليون في حقه من خلال رفع  الصلوات لإنهاء هذه الحرب. لكن المؤسف أن ثمة من يعتبر أن  العدوان الإسرائيلي موجه حصرا ضد أبناء الطائفة الإسلامية، والمسيحيون غير معنيين به وهذا خطأ إرادي لأن المقاومة الإسلامية والفصائل التي تقاتل إسرائيل من جنوب لبنان تصر على أن يكون التضامن بالوقوف وراء المقاومة والتكلم بلغتها أي لغة الحرب. ويؤكد  استطرادا أن هذه الحرب الطائفية المشتعلة على وسائل التواصل لا سيما الأخيرة الموجهة ضد الراعي وبكركي بدأت تتفشى على أرض الواقع الجنوبي بدليل أن أي موقف يصدر عن مرجع روحي أو سياسي مسيحي يتعارض مع هامش لغة الحرب يُتهم بالعمالة. وما محاولات التسلل إلى قرى وبلدات الشريط الحدودي المسيحية وإطلاق الصواريخ إلا الدليل على وجود نية لتهجير الأرض من أهلها تماما كما حصل في بلدات إخواننا من أبناء الطائفة الشيعية. لكننا صامدون وسنبقى في أرضنا"يختم المصدر الكنسي.

رئيس حركة الأرض اللبنانية طلال الدويهي يشير إلى وجود حالة تخلف في المفهوم السياسي لردود الفعل على كلام الراعي لا سيما في وصفهم إياه بالصهيوني ويقول لـ"المركزية" "هذه الحملة الحاقدة بعيدة كل البعد عن المنطق السياسي لكل الأديان وهذا الكلام مرفوض جملة وتفصيلا لأنه يؤكد انعدام الإحترام لتقاليدنا".

رافضا الدخول في أي موقف كنسي "كون المسؤولين الروحيين قالوا ما قالوه بالحق والإيمان " إلا أنه يرفض كل التهم على خلفية عبارة لم الصواني ويوضح" الكنيسة لا تجني أموالا من جهات خارجية كحال من اتهموا الراعي ب"الصهيوني" وأيضا كل من لا يريد الحرب بـ"العمالة". ويضيف" نحن جماعة تلتزم بالدولة ومؤسساتها السياسية والأمنية وبالدستور. هذا مبدأنا كمسيحيين. أيضا نحن جماعة إيمان وأمان فلا تمتحنوا مواطنيتنا والتزامنا بالدولة اللبنانية ولا تجرونا إلى طرق لا نستسيغها ".

ما يحصل على الأرض هو نوع من تسييب للقضية "في حين يجب أن تأخذ شرعيتها من الدولة. وحزب الله مكون لبناني لكن لا يجوز له كما للفصائل الفلسطينية أن توسع رقعة الحرب على أرض لبنان. والدولة بمؤسساتها السياسية كما الشعب لا يريدونها ". ويختم الدويهي بالتأكيد على عدم تفريط الكنيسة بالقرى الحدودية ذات الطابع الماروني. " نحن مكون مسيحي ونؤمن بكل أجهزة الدولة الأمنية والسياسية ونعيش في ظل القوانين والدستوراللبناني وليس في ظل قوانين مستوردة تخدم أجندات الخارج .ومن لا يريد أن يعيش في ظلها فليتحمل مسؤولية أعماله".


 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o