Nov 16, 2023 5:04 PM
خاص

تخلي إيران عن حماس بروباغندا فاشلة...هل تكون التسوية على حساب لبنان؟

جوانا فرحات

 المركزية – منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب في غزة كان شبه إجماع على دور إيران في الهجوم الذي شنته فجر السابع من تشرين الأول الماضي على المستوطنات الإسرائيلية وأسفر عن سقوط حوالى 1200 قتيل عدا عن أسر حماس ما يزيد عن 200 إسرائيلي بين مدنيين وجنود، إلى أن خرج أمين عام حزب الله حسن نصرالله بعد مرور شهر على الحرب وأعلن في اول كلمة له أن لا يد لإيران في هجوم حماس.

في الأربع وعشرين ساعة الماضية انشغلت اوساط المحللين في لبنان والصحف الأميركية والأوروبية بالخبر الذي نقلته وكالة "رويترز" ومفاده ان المرشد الإيراني علي خامنئي أوصل رسالة واضحة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية مفادها أن "إيران لن تدخل الحرب وأسكِت الأصوات التي تنتقدنا" وستكتفي بدعم حماس سياسيا .اما بالنسبة إلى حزب الله الذراع الأولى لإيران في لبنان ومحور المقاومة الإسلامية فهو أيضا لن يدخل في حرب موسعة وستقتصر "حربه" على قواعد الإشتباك.

مستغرباً ما يتردد في الإعلام العالمي والمحلي منذ يومين عن تخلي إيران عن حماس، يكرر رئيس لجنة تنفيذ القرارات الدولية في لبنان طوني نيسي موقفه من أن ما يجمع إيران وحماس هو الرابط الإيديولوجي والفكري والدم وهو أقوى من رابط المال، ويبادر" الحرب في غزة لا تزال في بدايتها وما يتردد في ظل قرقعة طبول الحرب عن تخلي إيران عن حماس ليس إلا مجرد بروباغندا. والواقع أن الأساطيل البحرية الأميركية والأوروبية الراسية على شواطئ الشرق الأوسط وعلى متنها حوالى 70 ألف جندي لجمت إيران عن القيام بأي مغامرة عسكرية موسعة في إسرائيل ودفعتها إلى إعادة بعض حساباتها.  وما يعزز عدم صحة هذه البروباغندا الضربات التي يوجهها الحوثيون على البوارج الأميركية كما حصل في الأمس والصواريخ الباليستية على القواعد الأميركية في العراق من قبل الحشد الشعبي عدا عن الضربات العسكرية على الجولان في سوريا . كل هذا يؤكد أن إيران لم تبع حماس وحتى اللحظة لم ولن تتخلى عنها".

إقتحام الجيش الإسرائيلي غزة براً لم يغير في معادلة الربح والخسارة" حتى اليوم لم تتجاوز المسافة التي اقتحمتها إسرائيل برا في غزة  30 في المئة وأعلنت قيادة الجيش أن عدد قتلى الجنود الإسرائيليين بلغ 39 .في حين لم تعلن حماس عن حجم خسائرها البشرية مما يؤكد أنه لم يحصل لتاريخه أي التحام بشري بين الإسرائيليين وحماس ، فالأول يقاتل  فوق الأرض في حين تقاتل حركة حماس من تحتها عبر الأنفاق. حتى اليوم لم تتمكن إسرائيل من معرفة مكان وجود الأسرى لدى حماس. وطالما  هناك عنصر واحد من حماس في غزة فهذا يؤكد أن إسرائيل هُزمت".

بالتوازي مع قصف أذرع إيران القواعد والبوارج الأميركية، نرى حزب الله يعزز من ضرباته جنوبا على المستوطنات الشمالية وهذا ما دفع إسرائيل إلى حشد حوالى 10 في المئة من جنودها على الحدود الشمالية. أما الرد الإسرائيلي فلا يزال ضمن قواعد الإشتباك وإن تخطاه قليلا، لكن إسرائيل تتعمد عدم الأذية .ويكرر نيسي "عدم تسجيل إسرائيل أي انتصار في غزة، وعدم خروج حماس مذلولة منها ما يعني أننا لا نزال في أول الطريق".  

الإستراتيجية التي تعتمدها إيران في حرب غزة تقوم على معادلة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وذلك عبر مشاركتها في القمة الإسلامية في السعودية وإعلان نصرالله الناطق العسكري بإسم محور المقاومة الإسلامية .وقد تجلى ذلك في إطلالته الأولى التي كانت تشاهدها حشود في إيران والعراق وسوريا واليمن وغزة ولبنان. إلى ذلك وضع نصرالله خارطة طريق قوامها التالي: عدم إطلاق الأسرى إلا بالحوار والتفاوض مما يعني عدم إلغاء حماس كما وعد رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، وبالتالي هزيمة كل الغرب. وإن كانت أرجحية الإنتصار تذهب نحو إسرائيل إلا أن حتى اللحظة لا تزال كفة الربح والخسارة متوازية لدى الطرفين. وهذا ما يعيدنا إلى مشهدية العام 2006.

سؤال لا بد أن يطرح:هل ستقبل الولايات المتحدة والغرب بالهزيمة، أي الذهاب نحو التفاوض لإطلاق الأسرى؟ " أولا لا بد من التذكير بأن الولايات المتحدة ستدخل معركة الإنتخابات الرئاسية بداية السنة المقبلة وإذا كانت حركة حماس على وضعيتها في غزة فالأكيد أن الأميركيين سيعيدون حساباتهم على وقع مؤثرات الرأي العام الأميركي الذي قد يطالب بالذهاب نحو التهدئة لتفرغ الإدارة لمعركة الإنتخابات الرئاسية. أما على مستوى الجبهة الجنوبية فيشير نيسي إلى أن سكان المستوطنات الشمالية وضعوا شرطا لعودتهم إنهاء حزب الله..وعليه من المرجح أن يستمر قصف حزب الله على إسرائيل لمساعدة حماس، علما أنه يغامر بقصفه لكنه لن يتوقف عن المساندة. فهل ستتوسع رقعة الحرب لأن الحزب دخلها منذ اليوم الأول؟ قد يحصل ذلك في أي لحظة لكن القرار في يد خامنئي من جهة وإسرائيل من جهة ثانية".

في بيانها حددت جامعة الدول العربية 3 بنود : تكريس منظمة التحرير الناطق الرسمي بإسم فلسطين، والذهاب نحو مؤتمر سلام، وإعادة إعمار غزة. أما خامنئي الذي شارك في القمة فقد تكلم بإسم محور المقاومة الإسلامية بأن إيران مستعدة للتفاوض على وقع الرصاص ولا حل إلا بالتفاوض معنا. ماذا يعني ذلك؟

الفريقان قدما أوراق اعتمادهما للولايات المتحدة فماذا ستختار إسرائيل؟ "الطابة في ملعب أميركا التي قد تقول بأنها غير قادرة على الإستمرار في الحرب وعليه فهي مستعدة للتفاوض وأيضا في ملعب إسرائيل".

يبقى الثمن الذي سيقبضه حزب الله فهل تكون التسوية على حساب لبنان؟ "إذا ذهب حزب الله للتفاوض مع إسرائيل من خلال وسيط ثالث تحت الطاولة، الولايات المتحدة أو ألمانيا أو فرنسا...ستكون التسوية حتما على القطعة الأغلى لدى حزب الله أي لبنان، تماما كما حصل في العامين 2000 و2006،  إلا إذا كان هناك فريق لبناني لديه علاقات دولية وازنة وحتى اللحظة لا وجود له. لكن الحرب لا تزال في بداياتها ومن المبكر الكلام عن بيع وشراء وبالتالي الكلام عن تخلي إيران عن حماس ليس إلا  بروباغندا فاشلة" يختم نيسي.  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o