Nov 13, 2023 7:40 AM
مقالات

ثلاث خلاصات أساسية لقمّة الرياض وإيران مع حلّ الدولتين

في الرياض نجحت المملكة العربية السعودية في إصدار مقرّرات جمعت عليها تواقيع 57 دولة عربية وإسلامية، بكلّ ما يحمله بعضها لبعض من تناقضات في علاقاتها البينية، ومع إسرائيل.

في المقرّرات بنود لا شكّ أنّها ستبني مشروعاً سياسياً مستقبلياً للمنطقة في المرحلة المقبلة. لكن حتى ذلك الحين تبقى الكلمة الفصل للميدان في غزّة.

هناك حيث يطوّق الجيش الإسرائيلي مجمّع الشفاء الذي يعتبره مقرّاً وغطاء لمقاتلي حماس وغطاء لأنفاقها، في حين قرأ مراقبون من كلام الأمين العام للحزب أنّ "الكلمة الفصل" لم تصدر بعد في حرب غزّة.

وعليه، بين مشهدَي الرياض وغزة خطّان موازيان:

- مبادرة عربية إسلامية سيحملها رئيس إندونيسيا في الأيام المقبلة إلى واشنطن.

- ومعركة لتصفية الجناح العسكري لحركة حماس في غزّة نتائجها ستظهر في الأسبوع المقبل وعليها ستُبنى خطة الخروج من الحرب.

إيران على طاولة حلّ الدولتين

ثلاث خلاصات أساسية خرجت بها مقرّرات القمّة العربية – الإسلامية:

1- نجحت المملكة العربية السعودية في الحصول على موافقة الدول الإسلامية، وتحديداً إيران، على "المبادرة العربية للسلام التي أُقرّت في قمّة بيروت عام 2002"، مع تحفّظ العراق لأنّ قانونه لا يسمح له بالموافقة على "حلّ الدولتين". وبالتالي موافقة إيران تعتبر منطلقاً لمسار جديد في المنطقة يمكن أن يضغط على الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل لإعلان دولة فلسطينية.

2- الاعتراف الجامع، العربي – الإسلامي بسلطة "منظمة التحرير الفلسطينية"، لكن مع دعوة الفصائل الفلسطينية الأخرى إلى التوحّد تحت سقف قيادة فلسطينية موحّدة، بما فيها "حماس" طبعاً.

هذا البند يجد صدى في الداخل الفلسطيني:

- أوّلاً: لجهة إعادة تشكيل السلطة بما فيها حماس للتمهيد للمرحلة السياسية المقبلة.

- ثانياً: بحسب معلومات "أساس"، هناك نقاش حول أيّ "حماس" ستشارك في إعادة تشكيل السلطة وسط الانقسامات فيها، خصوصاً بعد الإصرار الأميركي والإسرائيلي على تصفية الجناح العسكري فيها في غزّة. وهذه إشكالية سيحسمها الميدان في الأيام المقبلة.

3- دعم مصر في موقفها الرافض لتهجير أهل غزّة إلى سيناء. وفي نتائج هذه القمّة حصلت مصر على موقف عربي - إسلامي مشترك يساند موقف رئيسها عبد الفتاح السيسي. وهو موقف سيشكّل خاتمة المحاولات الإسرائيلية لتهجير أهل القطاع إلى مصر، على اعتبار أنّ طرح إسرائيل اليوم ليس بجديد. فالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك سبق أن تحدّث في تسجيل صوتي له نشر عام 2018 عن محادثة له مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وهو يطرح عليه نقل أهل القطاع إلى مصر فكان ردّ مبارك يومها أن لا أحد يستطيع الموافقة على ذلك.

قالت مصادر دبلوماسية عربية لـ"أساس" إنّ جهداً حقيقياً بُذل في التحضير لهذه القمّة لكي يصل المعسكران، العربي والإسلامي، إلى منتصف الطريق. فتمّ اختيار المفردات بحذر شديد يراعي سياسات الفريقين. وإن غابت آلية الضغط لتطبيق هذه المقرّرات فإنّ سقفها اعتبر عالياً نظراً لحجم المصالح المتشابكة مع الغرب.

حاولت القمّة رسم خطة سياسية لقضية فلسطين، إلا أنّ قرار وقف إطلاق النار لا يزال في واشنطن.

بموازاة ذلك يبقى السؤال الأساسي الذي لا جواب عليه بعد هو: متى تدقّ ساعة وقف إطلاق النار؟ وهل تصمد قيادات حماس العسكرية في وجه الحرب؟

تصفية حماس والحلّ السياسيّ

واحد من شروط الدخول في مفاوضات سلام بالنسبة إلى واشنطن، هو تصفية الجناح العسكري لحركة حماس وإدخال الجناح السياسي في إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية، على ما يكشف لـ"أساس" مرجع دبلوماسي مواكب لموقف واشنطن.

ما يقوله البيت الأبيض علناً حول الحرب مختلف عن الهدف الحقيقي الذي يشترك فيه مع الإسرائيلي في قرارهما معاً بتصفية حماس العسكرية في غزّة.

يراهن هذا "الثنائي" على موقف الدول العربية المتخاصم مع حماس العسكرية والمتصالح نسبياً مع الجناح السياسي للحركة الموجودة في قطر وتركيا. لكن ما هو موقف إيران من هذا الطرح، خصوصاً أنّها تعتبر عرّابة هذا الجناح العسكري للحركة؟

لا تبدو الخيارات كثيرة لدى إيران. لذلك كانت مشاركتها في القمّة المشتركة مهمّة في الشكل والمضمون. إلا أنّ رهانها اليوم هو على قدرة صمود قيادات حماس في الأنفاق ونجاحهم في صدّ الهجوم الإسرائيلي على مدينة غزّة.

في هذه الأثناء، لا صور ولا صحافيين ولا مراسلين ولا إنترنت ولا اتصالات تربط العالم كلّه بما يجري في قلب غزّة. طوّقها الإسرائيلي بمن فيها، وهي تمتلىء بجثامين الشهداء والجرحى والمرضى والمدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ.

قُطعت غزّة عن العالم الخارجي وهي تقاوم وحدها. هذه هي الأيام الفاصلة عن إعلان سقوط حماس العسكرية أو نجاحها في صدّ العدوان. سيرسم نجاحها أو فشلها معالم المرحلة المقبلة بما فيها من خطط الخروج من الحرب.

في هذا الوقت يدور نقاش في داخل الإدارة الأميركية حول ضرورة إخراج نتانياهو من السلطة لبناء أرضية مشتركة مع سلطة جديدة لإنهاء هذا الصراع، وعلى أساس ذلك لن تكون المنطقة قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) كما ستصبح من بعده.

لم تنتهِ أعمال القمّة بإصدار مقرّرات مشتركة وحسب، بل وبخطابين للإيراني والتركي ظهرا فيهما كأنّهما يتلوان دعاء ما قبل السفر إلى تسوية بدأت معالمها تتّضح على طاولة القمّة، من دون أن تتحفّظ واحدة من الدول، ولا سيما سوريا. وبعد تشكيل لجنة للبدء بتحرّك دولي سيتوجّه أحد أعضائها لنقل البند رقم 11 في مقرّرات القمّة، الذي يتضمّن اتفاق الدول العربية والإسلامية على التفاوض لقيام دولة فلسطينية حدودها أراضي 1967. وسيعمل أعضاء هذه اللجنة على الحثّ على عقد مؤتمر دولي تحت هذا العنوان، واضعين إسرائيل أمام دعوتهم لإحالتها إلى محكمة الجنايات الدولية بعدما أصبحت في موقع الدولة العنصرية القاتلة للأطفال أمام الرأي العالمي.

في مواعيد البيت الأبيض زيارة سيقوم بها الرئيس الإندونيسي وعلى جدول الأعمال أكثر من ملفّ. والأهمّ أنّه يفترض أن تكون أعمال القمّة والقضية الفلسطينية ملفّاً أساسياً، على اعتبار أنّ إندونيسيا عضو في اللجنة التي تمّ تأليفها للقيام بهذا الحراك الدولي، لوضع واشنطن التي شهدت ولاياتها أكبر تظاهرات دعم للقضية الفلسطينية، أمام ورشة عمل حقيقية لدفع إسرائيل إلى الاعتراف بفلسطين دولة واقعية والتخلّي عن حلم اليمين الإسرائيلي بدولة يهودية من البحر إلى النهر.

جوزفين ديب - أساس ميديا

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o