Nov 05, 2023 2:23 PM
خاص

بانتظار "قمة الرياض": هل يمكن "إخراج" إيران من نتائج "حرب القطاع"؟

طوني جبران

المركزية – في ظل حالة الاستنفار القصوى التي عبرت عنها الديبلوماسية الدولية في الأيام القليلة الماضية  ظهرت الى سطح الأحداث مجموعة من الخيارات المطروحة، هي في معظمها تتحدث عن مجموعة من السيناريوهات التي تحاكي ما وصلت اليه المواجهة المفتوحة بين خياري عملية "طوفان الاقصى" وعملية "السيوف الحديدية" على قاعدة ان بعضا من الاهداف المعلنة لأي منهما بات على قاب قوسين أو أدنى من أن تكون وهمية ومن الصعب جدا تحقيقها ولو بفوارق لا يمكن تجاهلها.

وإن دخلت المراجع الديبلوماسية والسياسية عبر "المركزية"،  في شرحها للتفاصيل المؤدية الى فهم هذه المعادلة السلبية فهي توقفت امام مجموعة من المؤشرات الدالة إليها والتي تثبت - بما لا يرقى اليه شك - عدم قدرة اي من الطرفين على تحقيق كل ما أراده من الأهداف التي رسمها لعمليته. ومنها :

لقد ثبت لقيادة حماس ان العملية "الصاعقة" وغير المسبوقة التي نفذتها صباح السابع من تشرين الأول الماضي، - سواء كانت تقدر سلفا انها ستكون بهذا الحجم وما حققته، او ما دون ذلك -  فانها لن تتمكن من استثمارها وتسييلها سياسيا بما يحقق لها أهدافها كاملة. وخصوصا إن كان هناك اجماع على الاهداف التي كشف عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للعملية بالانابة عن المحور  الذي يدعمها على الرغم من أنه لم يكن يعلم بها وانها كانت بقرار فلسطيني حمساوي مئة بالمئة لتبرئة طهران من اي دور لها في ما حصل.

فحديث السيد نصرالله أول أمس عن أهدافها المرتبطة بالمسجد الاقصى والقدس ومصير المعتقلين في السجون الاسرائيلية وشكل الدولة الفلسطينية وعدم قبوله باي خسارة يمكن ان تلحق بـ "حماس"، ليس من السهل تحقيقها جميعها. وان المفاوضات الجارية قد لا تؤدي الى ما قصده نصر الله فاي متغيرات بشأن المسجد الاقصى لن يكون سهلا تنفيذها،  والحديث عن مصير القدس ليس واضحا تماما، واقصى ما يمكن ان تنتهي اليه العمليات العسكرية اجراء عملية تبادل كبيرة للاسرى لا تنتهي بتصفير السجون الاسرائيلية. اما بشأن مصير الدولة الفلسطينية، فهناك اكثر  من التباس امام الصيغ التي يتحدث عنها محور الممانعة الذي تجاوز مطلب قيام الدولتين وصولا الى الدولة الواحدة وهو امر مستحيل لا يمكن لأي من الاطراف الدولية تبني مثل هذه النتيجة السوريالية.

اما على الجانب الاسرائيلي، فان ما اعلنت عنه اسرائيل  من اهداف لعمليتها يبدو خياليا في جانب منه. فالحديث عن اخلاء القطاع من قاطنيه الفلسطينيين ونقلهم الى سيناء مشروع قديم من عمر السيطرة على "فلسطين التاريخية" واعلان دولة اسرائيل على أنقاضها وقد يطول انتظار موعد تحقيقه لعقود من الزمن.  وان رفض مصر المرشحة لاستضافتهم على قسم من اراضي سيناء يوازي في أهميته رفض الفلسطينيين باخلائه ولو تحول مقبرة لهم جميعا. كما ان الحديث الاسرائيلي عن القضاء نهائيا على "حماس" مطلب وصف بأنه "وهمي" لا يمكن لأي كان تحقيقه. فحماس تحولت بعد الحرب الى شعب بكامله وان الحديث عن ابعاد قياداتها عن القطاع أمر  لا يمكن البحث به في هذه المرحلة، بانتظار المرحلة التي سيطرح فيها مصير القطاع في اليوم الأول الذي يلي وقف النار وتحقيق السلام في القطاع. وهي مرحلة تحكمها آلية سياسية من المبكر البحث في شكلها ومضمونها لربما أبقت حماس فيه بالحجم الذي يتناسب وشكل السلطة التي تدير القطاع وسط اكثر من صيغة سواء تم تسليمه الى السلطة الفلسطينية او الى ادارة دولية أو عربية - اسلامية.

وتأسيسا على هذه المعادلة، تعتقد المراجع الديبلوماسية والسياسية ان مثل هذه المعادلات لا تؤشر الى امكان التوصل لاتفاق شامل لوقف النار، وإن اقصى ما يمكن التوصل إليه سيبقى من ضمن سقف الطروحات الاميركية التي كشف عنها وزير الخارجية الاميركية في حصيلة لقاءاته الاخيرة في تل ابيب وعمان وهو الذي تحدث عن وقف نار لفترة محدودة لا تزيد عن خمسة أيام لتسهيل إدخال المساعدات من المحروقات والمواد الغذائية مقابل الإفراج عن الاسرى من حاملي الجنسيتين الاسرائيلية والاجنبية على ان يبدأ البحث بما سماه اليوم الاول ما بعد الحرب في إشارة الى مستقبل إدارة القطاع بعد إنهاء سيطرة حماس عليه في ظروف عسكرية فرضت على سكانه منذ انطلاق عملية "طوفان الاقصى".

وبناء على ما تقدم، لا ترى المراجع عينها اي أمل بالتوصل الى ما ينهي الحرب في وقت قريب ما لم يبدي طرفا الصراع نوعا من التواضع المطلوب بحده  الادنى، والقبول بما يمكن ان يتحقق من دون استبعاد التوصل الى هدنة بطابعها "الانساني" لا الأمني ولا السياسي  بانتظار ما يمكن ان تتوصل اليه القمة العربية الطارئة المقرر عقدها في الحادي عشر من الشهر الجاري في الرياض في محاولة لبناء مسار عربي مدعوم دوليا تقوده المملكة العربية السعودية ومعها المجموعة العربية في محاولة للحد من الدور الايراني ان لم يتمكنوا من إبعاد طهران نهائيا عن المنطقة.

وختاما، وامام صعوبة تحقيق اي خطوة تبعد او تقلص الحضور الايراني في المنطقة،  فان الحديث عنها انطلق من موقف السيد نصرالله الذي نفى علاقة إيران بما حصل. كما أحجم عن النية باستثمار نتائج ما حققته عملية "طوفان الاقصى" خارج الميدان الفلسطيني وهو ما قد يؤدي الى بداية الحديث عن إمكان الإمساك بالوضع  بأيد عربية خصوصا ان نجحت المساعي لتسليم القطاع للسلطة الفلسطينية وتوفرت لها مقومات إدارته  واعادة بنائه. اليس من حق من يوفر المال لإعادة الاعمار  أن يأمر  ويدير؟  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o