Oct 24, 2023 6:45 AM
صحف

بو حبيب في سوريا.. الزيارة ايجابية لكن الظرف ملتبس!

ربطت سوريا عودة نازحيها بتوفير المساعدات الدولية، فيما قالت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن دمشق تحاول استثمار ملف اللاجئين عبر «تذرعها بعدم توفر بيئة ملائمة لعودتهم إلى المناطق المدمرة، وصعوبة تأمين الخدمات اللازمة لهم».

الموقف السوري جاء بعد اجتماع في دمشق، الاثنين، بين وزير الخارجية السورية فيصل المقداد ونظيره اللبناني عبد الله بوحبيب المكلف من الحكومة اللبنانية بحث ملف النازحين السوريين. ورافق بوحبيب في زيارته، وهي الأولى إلى دمشق، وفد رسمي ضم المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري وأمين سر المجلس العسكري في وزارة الدفاع اللبنانية.

وفي دمشق، قالت لـ«الشرق الأوسط» مصادر متابعة إن «الجانب اللبناني يريد من دمشق تسهيل خطة إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم في سوريا، إلا إن دمشق تتذرع بعدم توفر بيئة ملائمة لعودة اللاجئين إلى المناطق المدمرة، وصعوبة تأمين الخدمات اللازمة لهم، في ظل التضييق الاقتصادي وتدهور الأوضاع المعيشية، في محاولة منها لاستثمار ملف اللاجئين للضغط على الدول العربية التي انفتحت عليها كي تبذل مساعي لدى الإدارة الأميركية من أجل تخفيف العقوبات الاقتصادية الدولية على دمشق، والسماح للشركات الأجنبية والعربية بالمساهمة في عملية إعادة الإعمار».

 وأوضحت المصادر أن «زيارة الوزير اللبناني تأخرت؛ إذ كان متوقعاً أن تتم في تموز الماضي بالترافق مع الانفتاح العربي على دمشق»، لافتة إلى أن «التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة واحتمال توسع الحرب في غزة إقليمياً سيرحل ملف اللاجئين إلى قائمة الانتظار، وهو ما ستستغله دمشق لتوسيع هوامش المناورات السياسية على الصعيد العربي».

من جهة أخرى، تقول مصادر المجتمعين لـ"نداء الوطن" إنّ البحث تطرق إلى جملة ملفات إضافة إلى ملف النازحين. بحث المجتمعون في قضايا الحدود المشتركة وضرورة ضبطها، وفي ملف المحكومين السوريين والسبل القانونية الكفيلة بمحاكمتهم في بلدهم. وتمّ الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة للبحث في ملفي ضبط الحدود والمحكومين، لكن من خارج هذه المواضيع مجتمعة كان تركيز على مسألتي ضبط الحدود والوضع العسكري والأمني على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة والمواجهات بين «حزب الله» والاسرائيليين.

وقالت معلومات إنّ بو حبيب استعرض الأجواء الديبلوماسية حول الملفين والتركيز الأميركي على مسألة الهدوء في الجنوب وعدم انخراط «حزب الله» في الحرب جنوباً، وفهم من فحوى المباحثات التي حصلت أنّ وزير الخارجية وضع في عهدة نظيره السوري حصيلة الموقف اللبناني من قضية النازحين ونقل الموقف الأميركي المتعلق بضرورة ضبط المعابر الحدودية والتهدئة جنوباً، وقد فهم على أنها رسائل نقلها بو حبيب إلى الجانب السوري.

أما في موضوع عودة النازحين فلا يمكن تجاوز الواقع للقول إنّ بو حبيب حمل مفتاح عودتهم من سوريا. خلال لقائه نظيره السوري كان بو حبيب بالغ الموضوعية والتقى ونظيره على حقيقة أنّ عودة النازحين يرفضها المجتمع الدولي الذي يمنع أي مواطن سوري مزود ببطاقة نازح العودة إلى بلاده وحجب المساعدات عنه في حال عودته.

تنقل مصادر المجتمعين وجهة نظر سوريا التي تعتبر أنّ عودة النازحين موهونة بالجواب عن أسئلة أساسية، وهي: هل الدولة اللبنانية مستعدة لإعادتهم إلى بلدهم؟ وهل لها أن تجبرهم على العودة وتتحدى بذلك رغبة المجتمع الدولي وطلبه؟ وهل هي فعلاً أنجزت المطلوب منها لناحية الأعداد والأسماء والملفات المطلوبة؟

خلال الاجتماع قالها المقداد لضيفه اللبناني صراحة: لا مانع عند سوريا من عودة أبنائها اذا ما أرادوا العودة للعيش في ظروف البلد الراهنة، وبامكانهم إمّا العودة إلى ديارهم أو الإقامة في أماكن أخرى. ما يعني أنّ الجانب السوري أعاد كرة النازحين إلى الملعب اللبناني كي يتخذ خطوات عملية وليس الاكتفاء بالموقف السياسي فقط، وهي حقيقة كان يعلمها بو حبيب الذي يعتبر أنّ المجتمع الدولي هو العقبة الأساسية أمام عودة النازحين السوريين إلى بلادهم.

بعيداً عما تضمّنه البيان المشترك الذي صدر عقب اجتماع وزيري الخارجية بعباراته المنمقة، فإنّ واقع الحال يشي بأنّ الزيارة ربما نجحت بالشكل في إزالة الجليد في العلاقة، لكنها بالمضمون لم تخرج بنتائج عملية في ملف النازحين في هذا التوقيت العصيب، حيث انشغالات سوريا في مكان آخر واهتماماتها مختلفة تماماً، ولا تبحث عن هم إضافي لجملة همومها، وبالمضمون إيضاً فإنّ لبنان الرازح تحت عبء ملايين السوريين على أراضيه، نصفهم ممن لا يحملون أوراقاً ثبوتية، لا قدرة له على المضي قدماً في خطوات إعادتهم. فهل يتحدى الارادة الدولية الرافضة هذه العودة أو يقفل الحدود ويتخذ اجراءات صارمة لمنع مجيئهم إلى لبنان؟

في تعليقه على الزيارة، قال مصدر مطلع على موقف الجانب السوري إنّ الزيارة ايجابية، لكنها أتت في ظرف ملتبس، حيث لا يشكل ملف النازحين أولوية، وإذا كانت الايجابية طغت على أجواء المجتمعين فالعبرة في التنفيذ، وفي ما يستطيع لبنان اتخاذه من خطوات. أما سوريا فأبوابها مفتوحة لمن أراد العيش في ظل ظروفها الصعبة.

بو حبيب قال في اتصال مع «نداء الوطن» إن البحث تطرق الى كل الموضوعات من الجنوب الى غزة والنازحين والحدود. اضاف: وضعنا الاسس لعودة النازحين لناحية اجراءات الامن العام وعسكرياً لناحية ضبط الحدود وديبلوماسياً لناحية اقناع الغرب بضرورة مساعدة النازحين في بلدهم وليس على ارض لبنان وتشجيعهم للعودة الى ديارهم والمساعدة على اعادة اعماره، واصفاً الاجواء بالايجابية.

الى ذلك، أشارت معلومات «الجمهورية» من مصادر رسمية تابَعَت زيارة دمشق، الى ان لقاء الوزيرين بو حبيب والمقداد أسفرَ عن وضع أسس للتعاون لعودة النازحين: عسكرياً من خلال وقف تهريب الاشخاص بين البلدين، وأمنياً من خلال إجراءت الامن العام بتسوية اوضاع المخالفين او ترحيلهم اذا اقتضى الامر، ودبلوماسياً وسياسياً من خلال اتصالات مع لجنة المساعي العربية التي شكّلتها القمة العربية الاخيرة لمتابعة الوضع في سوريا ولا سيما اعادة النازحين. ومع دول الاتحاد الاوروبي المعنية بموضوع اللجوء، ولو اضطر الامر الى ممارسة ضغط عربي على اوروبا لتسهيل العودة ودفع المساعدات المالية للنازِح في بلده ليستطيع اعادة بناء منزله المدمر والمساعدة في اعادة إعمار سوريا بدل دفعها في لبنان.

واشارت المصادر الى انّ رفض الغرب عودة النازحين يؤدي الى تدني العمالة التي تحتاجها سوريا لإعادة الاعمار طالما انّ غالبية اليد العاملة خارج البلاد. ولذلك لا تستطيع سوريا وحدها ولا لبنان وحده معالجة ازمة النازحين التي تحتاج اموالا ضخمة، من دعم مالي عربي وغربي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o