لهذه الأسباب تم تغييب لبنان عن "قمة القاهرة للسلام"... فهل من مؤامرة!؟
طوني جبران
المركزية _ لم يتنبه كثر الى غياب لبنان عن "قمة القاهرة للسلام"، فالدعوة المصرية لمشاركة من يمثل 31 دولة من العرب والغربيين والافارقة والأمم المتحدة والجامعة العربية وبعض المنظمات الاقليمية لم تشمل لبنان بالإضافة الى سوريا بالرغم من عودتها مؤخرا الى الحضن العربي بمساهمة مصرية في ما لم يكن واردا دعوة إيران اليها.
ففي الوقت الذي تسربت فيه بعض المعلومات المشوهة وغير الدقيقة الى بعض المواقع الالكترونية والتي أشارت الى الربط بين استثناء لبنان من لائحة الدعوات الى القمة ووضعته على لائحة دول الممانعة الى جانب سوريا وايران، كشفت مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى لـ "المركزية" عن الأسباب التي أدت الى تغييب لبنان معتبرة ان ما جرى شكل "سقطة ديبلوماسية وسياسية" غير واضحة المعالم والأهداف من جوانب مختلفة ولأسباب متعددة وقد شارك فيها أكثر من طرف. ذلك أنها لم تحتسب النتائج المترتبة على "تغييب" بلد عانى ويعاني أكثر من غيره ودفع اثمانا لا تحصى من الصراع العربي - الفلسطيني عدا عن كونه من احدى دول الجوار الإسرائيلي المرشحة بان تزج في الحرب الدائرة في غزة ولم ير الجانب المصري حاجة لمشاركته في قمة رفعت "السلام" في شعارها.
ولما توغلت المصادر في المزيد من تفاصيل ما سبق ورافق القمة، قالت انه ومنذ بداية الاسبوع الثاني على انطلاق عملية "طوفان الاقصى" تنامى عبر القنوات الديبلوماسية الى بعض المراجع اللبنانية عن تحرك مصري يهدف الى الدعوة الى قمة موسعة "عربية – غربية" أو "آسيوية – افريقية - دولية" بحضور من يمثل المؤسسات الاممية والاقليمية والدولية. وان قرارا اتخذ على مستوى "مجلس الأمن القومى المصرى" الذي عقد في آخر اجتماع له غداة الحرب في غزة وغلافها برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى على ان تبحث في "الوضع الناشىء عنها ومن اجل التوصل الى حل للأزمة والصراع الراهن بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
لم تكن المعلومات الاولية قد أشارت الى الموعد النهائي للقمة، وأنه بقي رهنا بمصير القمة الرباعية التي كان قد سبق الاردن مصر في توجيه الدعوة إليها بعد ثلاثة أيام على أحداث غزة على أن تكون في اليوم الأول لزيارة الرئيس الاميركي جو بايدن متى تقررت الى الى المنطقة. وفهم بان هذه القمة التي ستضم بالاضافة الى المضيف الاردني كلا من الرؤساء الأميركي والمصري والفلسطيني ستمهد وتفتح الطريق الى "قمة القاهرة". لكن وقوع مجزرة "مستشفى المعمدانية" التي لم تكن متوقعة دفعت بالاردن الى الغائها قبل أقل من 24 ساعة على موعدها معطوفة على رفض استقبال بايدن رفضا "لما جرى، ويقينا من ملكها بان النقاش مع الرئيس بايدن قد فقد اهميته بالنظر الى موقفه المؤيد لاسرائيل بمعزل عما قامت وتقوم به من مجازر في القطاع وقد قرر دعمها حتى النهاية".
ولما كبر الرهان على "قمة القاهرة" بعد إلغاء "قمة عمان" تلاحقت الأحداث والمواقف التي ارتبطت بالقمة وجدول اعمالها بفعل انعقادها أمس السبت، وانتشرت المعلومات عن الدعوات "العاجلة" التي وجهتها مصر منذ بداية الاسبوع الى الدول الـ 31 التي تقرر دعوتها، فتبين انها استثنت لبنان لأسباب لم تكن مفهومة قبل أن يتبلغها المسؤولون بطريقة "غير رسمية" بالقول أنه وطالما "ان إسرائيل قد استثنيت من المشاركة فيها امتنعت القيادة المصرية عن دعوة لبنان وسوريا والسلطة الفلسطينية إليها" فيما "لم يكن واردا توجيه أي دعوة الى الجمهورية الاسلامية في ايران للمشاركة فيها".
بقيت الرواية قابلة للتشكيك رغم توفرها من مصادر موثوقة، إلى أن زار السفير المصري ياسر علوي عشية موعد انعقادها دارة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مساء أول أمس الجمعة ناقلا اليه الرسالة عينها بطريقة صريحة وواضحة. ولم يتمكن من تبرير المنطق الذي ساوى بين تل أبيب وبيروت قبل ان يتبين أن دمشق ورام الله قد وضعتا مع بيروت في سلة واحدة.
نامت بيروت ليل الجمعة - السبت على هذه الرواية واضعة إياها في أكثر من خانة "مؤامراتية" شارك فيها أكثر من رئيس دولة إلى أن تبلغ المسؤولون بوصول الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى القاهرة قبل دقائق من موعد افتتاح القمة، ليتبين أن ضغوطا بالغة تعرضت لها مصر وقد عدل الأردن عن موقفه المؤيد للاستثناء قبل يوم واحد على خلفية استحالة تغييب الشرعية الفلسطينية عن قمة بهذا الحجم رغم عدم علاقته بما جرى وفقدانه السيطرة سلفا على غزة فوجهت الدعوة الى الرئيس عباس في ربع الساعة الاخير.
والى هذه التفاصيل،، فقد كشفت المصادر الديبلوماسية لـ "المركزية" عن عدم انزعاج المسؤولين اللبنانيين من عدم مشاركتهم في هذه القمة التي تنبأوا بفشلها منذ اللحظة التي تبين فيها مستوى وحجم التمثيل الدولي. فقد تبلغت بيروت بحجم المشاركة الدولية فيها وخصوصا على المستوى الأميركي والفرنسي وبعدهما الروسي. فبعدما رغب الجانب المصري بحضور الرئيسين الاميركي جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون حضر عنهما المكلف بملف الإغاثة السفير ديفيد ساترفيلد ووزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا ودنت مشاركة روسيا من الصف الثالث في حضور مسؤول قسم الشرق الأوسط في الخارجية ميخائيل بوغدانوف.
وان وصل الامر الى ما انتهت إليه القمة بعدم التفاهم على إصدار بيان ختامي تكون القراءة اللبنانية صحيحة ولو لمرة واحدة.