Oct 20, 2023 3:51 PM
خاص

الحشد العسكري الأميركي في المنطقة... هذه أهدافه!

يولا هاشم

المركزية – لا شك في أن الولايات المتحدة تعمل على تقوية قدرتها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد المواجهات الدامية بين تل أبيب وغزة، خوفاً من انتقال المواجهة بين اسرائيل وحماس الى مناطق أخرى وبالأخص لبنان ومنعا من تدخّل ايران في الصراع الدائر. 

فقد وصلت أمس المدمرة "يو.إس.إس كارني"، المزودة بصواريخ موجهة، وقبلها حاملة الطائرات "آيزنهاور"، وأيضاً حاملة الطائرات "جيرالد فورد" وهي كبرى حاملات الطائرات الأميركية إلى شرق المتوسط. فما الهدف من هذا الحشد العسكري الضخم، وهل عاد الاهتمام الاميركي إلى المنطقة بعد أن خفّ وهجه بسبب انشغالها بالصين وروسيا؟ 

العميد المتقاعد ناجي ملاعب يقول لـ"المركزية" ، "بعد ان استكانت دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة ربيبة اسرائيل على تطور وضع اسرائيل سياسيا من خلال تطبيع بعض الدول العربية معها، من الطبيعي ان تخفف الولايات المتحدة وجودها في المنطقة اعتمادا على هذا النفوذ الاسرائيلي الجديد"، مشيراً إلى ان "الولايات المتحدة لم تترك المنطقة بشكل عسكري حتى تعود، فهي لديها أهم قيادة في منطقة الخليج مستقرة في البحرين وقواعد في قطر وأسطول بحري امام سواحل البحرين وبحر العرب. فقط التعاطي مع المنطقة تبدّل. فمع استكانة قوة اسرائيل التي لم تعد بحاجة الى الحماية الاميركية بعد توصلها إلى عقد اتفاقيات كامب دايفيد واوسلو، مرّت المنطقة بمرحلة من السلام".  

ويعتبر ملاعب ان "الولايات المتحدة عادت الى المنطقة لمحاربة داعش عبر تحالف دولي، غربي – عربي، وعندما انتهى هذا التحالف شهدنا خروج الاميركيين عام 2009 في عهد الرئيس الاميركي باراك اوباما من العراق، بحيث ان معظم الاحتياط الاستراتيجي العسكري الذي كان مستخدما في هجوم العراق على الكويت عام 1990، من اسلحة وذخائر استراتيجية، نُقِلَ من بغداد عبر الاردن الى اسرائيل. ومن اللافت ان الاميركيين سمحوا لاسرائيل باستخدام هذا الاحتياط الاستراتيجي اليوم ". 

ويضيف: "اذاً تنظيم داعش ظهر عام 2014، لكن جرى القضاء عليه، وبعدها أصبح ولا يزال الوجود الاميركي قيد البحث في الادارات الاميركية المتعاقبة والكونغرس، واذا ما كان ضروريا هذا الوجود ام لا. إلا أن واشنطن تستفيد من هذا الوجود لتأمين دعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الأغلبية الكردية في سيطرتها على شمال شرق سوريا وهي اماكن المياه والسلة الزراعية وايضا البترولية في المنطقة. وتنشر الولايات المتحدة هناك قواعد لها في أماكن استخراج النفط واهمها قاعدة التنف". 

ويتابع ملاعب: "اليوم يجب ان نعترف ان حزب الله باقتتاله في سوريا واليمن وتدريب اليمنيين والبحرينيين وكذلك وحدة الساحات مع الحشد الشعبي في العراق وقتاله في سوريا ضد مجموعات المعارضة وداعش، اكسبته الخبرة القتالية، وقول الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اننا نحاول ان نرسم سياسة ردع مع اسرائيل، فهذا يعني فعلا أن هناك توازن ردع ما بين قوى المقاومة كمحور يتبع كاملا ايران وبين اسرائيل، ومن ضمن هذا المحور بالطبع حماس وحزب الله. وبالفعل يجب ألا نُفقِد العملية التي قامت بها حماس مكانتها، لأن أسر 199 جنديا وضابطا بالاضافة الى المدنيين، يعني عملياً ان نجاح هذه العملية في داخل الاراضي المحتلة لم ينته بعد. وتبادل "حماس" في وقت سابق اسيرا واحدا هو جلعات شاليط بـ250 أسيراً فلسطينياً، يعني ان هذا الموضوع ليس سهلا، وان "حماس" ما زالت ممسكة بزمام الأمور، وتُنذِر في حال تدخّل "حزب الله" في هذا الوقت تحديدا، حيث الجيش الاسرائيلي مهيض الجانح، كان يمكن القول بأن توازن الردع حُقق بتدخل جبهة شمالية الى جانب الجنوبية. وهذا ما دفع بالاميركيين الى الحضور العسكري الفوري الى المنطقة. هذا الحضور القوي هدفه اولا عدم انهيار دولة اسرائيل، لأن ما شهدناه هو فعلا معجزة لم تحصل منذ 50 عاما او حتى منذ أيام النكبة. فتحضير جيوش عربية لمقاتلة اسرائيل - حيث ان الدول العربية تمتلك غطاء جوياً وآليات وكل وسائل الصمود، وتمتلك مصر رابع قدرات بحرية في العالم وقدرات عسكرية - ممكن ان تلوي ذراع اسرائيل، لكن ان يلوى ذراع اسرائيل بقوى غير نظامية هذا لم نُقدَّره بعد وهو عمل هام جدا، الزم الاميركيين، ليس فقط استخدام الاحتياط الاستراتيجي العسكري في اسرائيل بل الحضور بأسطول كامل وحاملة طائرات بأربعين قطعة بحرية وحاملة طائرات اخرى". 

وتجدر الاشارة هنا، بحسب ملاعب، الى "ان السنة الانتخابية الاميركية تبدأ بعد نحو شهر والحزبان الديمقراطي والجمهوري ينشدان تأييد ودعم اليهود في الولايات المتحدة لأنهم يشكلون القوة الافعل. لذلك، يحاول الرئيس الاميركي جو بايدن، من خلال دعم اسرائيل بهذه الطريقة ان يجيّر اصوات الجالية اليهودية والأيباك في اميركا لصالحه، ولذلك حضر شخصيا الى تل أبيب وقام بكل الجهد الدبلوماسي والحضور القوي بالاضافة الى الجهد العسكري".  

ويضيف: "هي عودة اميركية الى المنطقة، نعم. اليوم عندما تستطيع جهة غير نظامية فلسطينية تعيش حالة اسر ولا تتلقى مساعدات الا عبر معبر واحد وتستجدي اذونات العمل  في اسرائيل لشبابها، وهذه الغزة استطاعت ان تضع اسرائيل كدولة بحاجة الى حماية. اسرائيل التي كانت تعد نفسها بأنها ستكون اقوى دولة في المنطقة، اصبحت مثل اوكرانيا، بخطر إذا لم تتلقَّ المساعدات الاميركية". 

الى اين تتجه الامور؟ يجيب ملاعب: "نلاحظ ان الحكومة اليمينية الاسرائيلية لا تعترف بواقع ان هناك فلسطين او فلسطينيين او قضية وهي تمارس حتى اليوم سياسة التهجير مواكبة لتلك السياسة مع ضغط اميركي للدول المطبّعة مع اسرائيل واعترفت بها، اي مصر والاردن، وتحاول ان تقوم بتهجير الفلسطينيين تنفيذا لعملية صفقة القرن التي جاء بها جاريد كوشنير عام 2018 ولكن لم يستطع القيام بها سلميا، وبالتالي يحاولون بالحديد والنار تطبيق هذه النظرية، لكن هل ينجحون؟  

ويتابع: بالطبع، الحضور الاميركي هدفه عزل اي تدخل يعيق العملية الانتقامية الاسرائيلية وهذا الأمر موجّه بالذات الى حزب الله والى الجبهة الشمالية في محور المقاومة. كخبراء نعتبر ان اذا ما طلبت "حماس" تدخل هذا المحور، فإنه سيدرس الوضع ومستوى التدخل وكيفيته. إنما "حماس" لم تطلب هذا حتى اليوم، ولم تدخل اسرائيل ارض غزة حتى اليوم ولم نر أنها نجحت في استرداد اسراها او تدمير أنفاق، كل ما نجحت فيه، مع ما نعهده من قوة جوية استخدمتها بشكل انتقامي كارض محروقة، لكن الحضور الاميركي والدبلوماسية الاوروبية وبالذات الفرنسية بتهديد حزب الله بعدم دخول المعركة، اعتقد ان "الحزب" يقدّر هذا الموقف، فهو ليس على الحياد، أشعل الجبهة الشمالية، أعاق اسرائيل من جمع أسلحتها وجنودها وقبتها الحديدية وآلياتها فقط ضد غزة، أي أن "الحزب" استطاع توجيه جزء من هذا الجهد باتجاه الشمال لترتاح غزة عمليا، وبالتالي عندما يكون الامر ما بين حزب الله والبوارج الاميركية وحاملة الطائرات، فهذا ليس توازن ردع وموازين القوى لن تكون لصالح حزب الله ومحور المقاومة. لذلك كل ما نأمله ألا يتم الدخول في معركة مع الاميركيين وليس الاسرائيليين. الاميركيون جهزوا الفي عنصر للدخول الى المنطقة ونرى رئيس الاركان لـ"سنتكوم" ((CENTCOM حضر الى اسرائيل وانتقل منها إلى مصر وكأن الاشراف الاميركي على العمليات مباشر بتنفيذ اسرائيلي. لذلك نرى ان لن يكون  تدخل لحزب الله غير محسوب ويعيد الموضوع الى وضع غير سليم". 


 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o