Oct 20, 2023 6:10 AM
صحف

"خطط طارئة" حكومية تحت وطأة التصعيد الميداني.. وتحذير ألماني من سحب "اليونيفيل"

اتخذ السباق بين التصعيد الميداني المتواصل على “جبهة الجنوب” والمساعي الداخلية والديبلوماسية المحمومة للحؤول دون التفلت النهائي لهذا التصعيد والانزلاق بالوضع نحو حرب مفتوحة ذروة غير مسبوقة، بحسب "النهار". ولعل ما فاقم الأجواء المنذرة باحتمالات اتساع التصعيد العسكري والميداني الدلالات الساخنة والمثيرة للقلق التي اكتسبها توجيه السفارة الأميركية طلبا طارئا ثانيا الى جميع الرعايا الاميركيين الموجودين في لبنان بضرورة مغادرته بأسرع وقت فيما تكر سبحة التحذيرات التي توجهها دول الى رعاياها لتجنب التوجه الى لبنان. كما ان من موشرات ترجيح كفة التصعيد المتدرج عند الجبهة الجنوبية عامل لافت يتمثل في انضمام مزيد من التنظيمات الفلسطينية واللبنانية الى المشاركة في تبني العمليات الجارية ضد القوات الإسرائيلية وسط كلام عن إقامة غرفة عمليات ميدانية مشتركة بين “حزب الله” وهذه التنظيمات التي صار معروفا منها علنا “حماس” و”حركة الجهاد الإسلامي” و”الجماعة الإسلامية” وربما تنظيمات أخرى تعلن تباعا. وفي ظل التراشق الصاروخي والمدفعي المتكرر يوميا عبر الجبهة الجنوبية تثار تساؤلات عدة حيال ما اذا كانت معادلة “التناسب” في قواعد الاشتباك بين “حزب الله” وإسرائيل الصامدة نسبيا حتى اللحظة بما لم يشعل المواجهة الشاملة ستحافظ على صمودها طويلا ام ان تعدد التنظيمات الفلسطينية واللبنانية الى جانب “حزب الله” في الاشتباكات الجارية واعمال القصف قد تخرج الوضع الميداني في أي لحظة عن إمكانات ضبطه وتاليا اشعال المواجهة الكبيرة.

وقد عكس الاستنفار الحكومي الواسع ديبلوماسيا وانسانيا واغاثيا للتهيؤ لاحتمالات الحرب انطباعات مشدودة للغاية اذ بدا بمثابة “اعلان رسمي” للمرة الأولى باطلاق الاستعدادات لاحتمالات الحرب تعززها دعوات الدول الى رعاياها لمغادرة لبنان على جناح السرعة وعدم التوجه اليه. وفي اطار هذا الاستنفار عقدت بعد ظهر امس جلسة لمجلس الوزراء خصصت لدرس الطوارئ في حال نشوب حرب، برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بعدما كان رأس قبل الظهر اجتماعا موسعا خصص للمنظمات الإنسانية. وقد وافق مجلس الوزراء على خطة وزارة الاشغال العامة والنقل ووزارة الصحة في ما يتعلق بإدارة الكوارث. وقال وزير الاعلام زياد مكاري “ان المواطنين يجب ان يطمئنوا الى ان الحكومة تعمل على وضع خطة وقاية في حال لا سمح الله حصلت حرب”. وفي مستهل الجلسة لفت ميقاتي الى انه طوال الايام الماضية واصل اجراء الاتصالات واللقاءات الديبلوماسية “لشرح الموقف اللبناني ومطالبة الدول الصديقة بالضغط لمنع التعديات الاسرائيلية وامتداد النيران الى الداخل اللبناني” . وقال “تلقيت في الساعات الماضية بعض الاجواء الديبلوماسية التي ابدت تفهما للمخاوف اللبنانية ووعدا باستمرار السعي لوقف الاعتداءات الاسرائيلية. وآخر هذا الاتصالات جرى قبل بدء الجلسة بدقائق من قبل الامين العام للامم المتحدة السيد انطونيو غوتيريس الموجود في القاهرة والذي وضعني في اجواء الاتصالات تمهيدا لعقد مؤتمر في القاهرة يوم السبت المقبل”.

واعتبر ان “الظرف يقتضي ان يكون التعاطي مع المستجدات حكيما وهادئا. وليس الاوان مناسبا لمزايدات شعبية. واما التحركات الشعبية التي تتخطى التعبير عن الرأي لتتحول الى تعديات على الناس والجيش والقوى الامنية وعلى الممتلكات العامة والخاصة والبعثات الديبلوماسية فامر مرفوض على الاطلاق. كما ان حساسية الظرف الراهن تقتضي مقاربة حكيمة لكل الاوضاع، والمطلوب وقف الشحن وضبط المناصرين”.

وأفادت مصادر وزارية انه بإزاء الأوضاع الاستثنائية الراهنة واخطارها، طرح في الجلسة مشروع قانون للتمديد للذين هم في الخدمة العسكرية وبرتبة عماد ولواء لسنة واحدة والبحث لاحقا في مخرج قانوني لتعيين قائد الجيش ورئيس الأركان في الجيش وتقرر بعد النقاش استكمال البحث لاحقا في الاقتراح. واشارت المصادر الى ان الجزء الأخير من الجلسة التي دامت ثلاث ساعات تحول الى مناظرة بين رئيس ديوان المحاسبة محمد بدران ووزير الاتصالات جوني القرم حول تلزيم خدمات البريد مكان شركة “ليبان بوست” .

اما الاجتماع الموسع الذي عقد برئاسة ميقاتي قبل الظهر، فضم عددا من الوزراء ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الانسانية في لبنان عمران ريزا ومسؤولي الهيئات الانسانية والانمائية والاغاثية التابعة للامم المتحدة والعاملة في لبنان. وتم خلال الاجتماع البحث في خطة الطوارئ التي اعدتها الامم المتحدة لمواكبة التطورات الراهنة في لبنان خدماتيا وانسانيا وصحيا واجتماعيا، اضافة الى دعم البلديات والدفاع المدني في هذه الظروف. وتقرر ان يعقد اجتماع تقني اليوم يضم مندوبين عن الوزارات المختصة وهيئات الامم المتحدة لوصل خطة العمل النهائية.

الى ذلك، أكّدت مصادر حكومية لـ «الجمهورية»، أن لا تطمينات تتلقّاها الحكومة لا من جهة «حزب الله» ولا من جهة الأميركيين المستمرين في تقديم رسائل واضحة بضرورة عدم انخراط لبنان في معركة غزة، ويحذّرون من عواقب قاسية عليه، فيما تعمل دول اخرى على بذل جهود ومساعٍ للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها المتكرّرة على جنوب لبنان لعدم جرّ «حزب الله» الى ردّات فعل.

وسيصل اليوم إلى بيروت رابع وزير خارجية، فبعد الايراني والفرنسي والتركي، يلتقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزيرة الخارجية الالمانية في اطار الاتصالات واللقاءات الجارية لمناقشة التصعيد الكبير الذي حصل في المنطقة.

وأشارت معلومات «الجمهورية» من مصادر ديبلوماسية الى انّ اجتماعات علنية ومغلقة تُعقد في مجلس الامن الدولي لمتابعة الوضع في جنوب لبنان وغزة وبمشاركة الدول المعنية، وشارك فيها مندوب لبنان في المنظمة الدولية هادي هاشم، الذي التقى عدداً من رؤساء البعثات، ولا سيما منهم الاميركي والفرنسي والروسي والصيني والالماني والسعودي والقطري والايراني والتركي، ومساعدي الامين العام للامم المتحدة غوتيريش، للبحث في سبل تهدئة التوتر في جنوب لبنان وغزة.

وافادت معلومات المصادر لـ «الجمهورية»، انّ جميع المندوبين يشدّدون في الاجتماعات المغلقة، على ضرورة وأهمية وقف التوتر عند الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية «حتى لا تحصل ردّة فعل واسعة لجيش الاحتلال الاسرائيلي، وذلك من باب الحرص على لبنان من جانب الدول الصديقة له، وحرص الدول الصديقة لإسرائيل عليها». وذكرت المصادر، انّ لهجة غالبية الدول تبدّلت قبل مجزرة مستشفى المعمداني في غزة وبعدها اكثر، «من الدعم المطلق لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، إلى الدعوة لإلتزام القوانين الدولية في الحروب واحترام حقوق الانسان وعدم انتهاك الحقوق الانسانية بالتعرّض للمدنيين».

وبدا انّ الاتجاه الدولي بات يميل اكثر الى نوع من التوازن، بدليل انّ مشاريع واقتراحات القرارات التي قدّمتها روسيا والبرازيل ودول اخرى واعترض عليها بعض الدول، أجمعت على وقف التصعيد ورفض قتل المدنيين.

تقسيم المناطق: من جهتها، أشارت صحيفة "الاخبار" الى ان الحكومة بدأت بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة التحضير لخطة طوارئ، وفي التفاصيل، بحسب صحيفة “الاخبار” تمّ تقسيم لبنان جغرافياً إلى ثلاث مناطق: المناطق التي قد تكون عرضةً للاستهداف وتشمل الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت وبعلبك – الهرمل، ومناطق الدعم الإغاثي في بيروت وصور وصيدا والبقاعين الأوسط والغربي، ومناطق استقبال النازحين، وتضمّ الشوف وعاليه ومناطق الشمال، إضافة إلى بيروت وصيدا.

ووفق المعلومات، طُلِب من كل وزارة تحديد احتياجاتها لتُصبِح أكثر جهوزية، ومن هيئات الأمم المتحدة وضع خطط استجابة، على أن يتطرّق اجتماع الغد إلى تفاصيل ما يمكن أن تقدّمه كل منظمة، وما يحتاج إليه كل قطاع، وكيفية تنسيق تبادل التفاصيل والـ”الداتا”.

سحب "اليونيفيل"؟: في المقابل، حذّرت المانيا من مغبة رحيل قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب، لأن في ذلك «إشارة خاطئة»، على حد تعبير وزير الدفاع الالماني بوريس بيستوريوس، وجاء موقفه قبل ساعات من وصول وزيرة الخارجية الالمانية أنالينا بيربوك الى بيروت حيث يستقبلها بعد ظهر اليوم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وهي ثالث وزير خارجية يزور لبنان بعدما سبقتها وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان.

وتفقد وزير الدفاع الالماني قوة بلاده في «اليونيفيل» التي تضم 140 جندياً. وقالت وزارته على شبكة «إكس» («تويتر» سابقاً) إنه التقى هؤلاء الجنود قبالة الساحل اللبناني. وقال للصحافيين، على متن السفينة الحربية الألمانية أولدنبورغ الموجودة ضمن بعثة الأمم المتحدة والراسية في ميناء بيروت، إن»خفض أو سحب قوة «اليونيفيل» سيكون إشارة خاطئة في هذا الوقت». ويذكر أنّ مقر «اليونيفيل» في منطقة الناقورة في جنوب لبنان تعرض لقصف صاروخي الأحد الماضي.

وبحسب صحيفة «بيلد» الألمانية، أنّ زيارة بيستوريوس بيروت «أُعدّت على عجل» ضمن جولة على دول الشرق الأوسط، في أعقاب التصعيد «الكبير» بين إسرائيل وحركة «حماس».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o