Oct 17, 2023 4:57 PM
خاص

ثورة 17 تشرين...ليس بالشارع وحده تتحقق مبادئها!

جوانا فرحات

المركزية- في مقاربة الفلاسفة لمفهوم عبارة "التاريخ يعيد نفسه" يتبين أنها أقرب إلى الواقعية وهي تتكرر لكن مع فروقات طفيفة، كما أن الظروف التي تتطابق بين زمن وآخر تؤدي إلى الفعل ذاته تقريبا وبالتالي إلى إعادة التاريخ إنما مع بعض التغييرات.

لكن يحصل أحيانا أن يعيد التاريخ نفسه بطريقة تراجيدية أو كمهزلة، لكنّ أيا من هاتين الطريقتين لا تنطبقان على ثورة 17 تشرين الأول 2019.  ففي محاكاة لأهم الأسباب التي جعلتها تشهد إخفاقات وتراجعا في أعداد المشاركين فيها حتى قبل تفشي جائحة كورونا،  لا يمكن اعتبار معيار الحشود من العوامل التي ساهمت في نجاح الثورة . أما  الكلام عن تراجع الناس أو إلقاء تبعية إخفاق الثورة عليهم، فليس إلا من باب تبرير فشل من يدّعي ذلك. ومن يفترض أن معيار نجاح الثورة هو في عدد الأشخاص الذين يحتشدون في الشارع بشكل مستمر فهو حتما يسعى إلى استعادة مكانته الشعبوية لتمكين سياسة المحاصصة والتبعية المعتمدة لدى الطبقة السياسية التقليدية".

النائب التغييري ملحم خلف لا يزال عند موقفه من ثورة 17 تشرين " التي غيرت في مفاهيم الموروثات السياسية التقليدية لدى الجيل الجديد ويؤكد أنه "في جميع الحركات الاجتماعية، يعتبر النزول إلى الشارع من أحد اشكال الاحتجاج المتعددة، وهو يتخذ زخماً معيناً من شبه المستحيل أن يستمر لفترات طويلة من الزمن". وفي توصيفه لثورة 17 تشرين يقول إنها ثورة قيم ومبادئ وقد ساهمت في إعادة تصويب البوصلة لسيادة القانون والعدالة والحق، شاء من شاء وأبى من أبى".

 من الواضح أن ما جرى في 17 تشرين أطلق العنان للغضب، تارة بطرق سلمية وأخرى بطرق عنفية مع الأسف، وفي الحالين مهد الطريق لانطلاق "الثورة" بأعداد واسعة، وتشكيل حالة إجتماعية وبشرية بزخم قوي من أجل تحقيق ما يسمى بإنجاز القوة وإثباته والتأكيد عليه.

وفي السياق يقول خلف لـ" المركزية" " ليست الثورة في عدد الأيام التي يبقى فيها المتظاهرون في الشارع . ومعلوم أن الإطالة المفرطة في أشكال التعبير والاحتجاج تنهك أي حركة اجتماعية وتجعلها تصل بنفسها إلى شيء من الرتابة والتكرار ولا تسمح لها بتحقيق "إنجاز قوة" هادف ومحدّد. أما الذين خرجوا من الشارع فقد حملوا معهم القيم والمبادئ التي ذكرناها ليعيشوها بكل تفاصيلها في بيوتهم وأماكن عملهم على رغم الواقع الذي يتخبط فيه الوطن من عدم انتظام الحياة العامة وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة مسؤولة. ويضيف، ما حصل في 17 تشرين كان نتيجة نضالات تراكمية وبناء تدريجي لقوى حية في المجتمع على مدى ثلاثة عقود، ومن البديهيّ أن يُستكمَل ولكن بأنماط مختلفة. ومع ذلك، لا أحسبها مرحلة تراجعية وأنا على يقين بأن شعلة الثورة يحملها اليوم كل مواطن نزل إلى الشارع لكن بأنماط مختلفة ولا يمكن التراجع عن الزخم الذي تحقّق".

الناس باتوا منهكين ومن غير المنطقي أن نحمّلهم المسؤولية كاملة" نحن مسؤولون ونعمل على ترجمة مطالب الناس الذين نزلوا في 17 تشرين إلى الشارع من داخل المجلس النيابي ونسعى إلى ممارسة مسؤولياتنا من خلال القيم والمبادئ التي حملناها من هذه الثورة. لا أحد يمكنه اليوم أن يتغاضى عن الفساد وضرب كل القيم وخرق القوانين والدستور وبالتالي نحتاج إلى الكثير لقلب كل هذه المعادلة وهذا ما سنستكمله من خلال المسار التراكمي ".

غير منطقي توقع احتجاجات يومية أو أسبوعية ضخمة، لكن في المقابل"لا يمكن أن نحمل الناس أخطاء الآخرين. علينا أن نؤمن بأن معركتنا ضد الفساد والظلم الاجتماعي قائمة، وأن الحركات الاجتماعية لا تنشأ من فراغ، بل تأتي نتيجة تراكمات على امتداد الزمان وحتى المكان. لكن ما لا يجب التغاضي عنه أن تجربة 17 تشرين هي تجربة فريدة من نوعها.فطريقة المطالبة بالتغيير المتبعة لم تمر عبر القنوات البرلمانية الإصلاحية، بل عبر الإضرابات الجماهيرية والتظاهرات في الشارع. وهذا النوع من النشاط بطبيعته، يقوى تارةً ويضعف تارة أخرى. وهذه المشهدية لم تدفن على رغم مساعي القوى السياسية في إعادة شد عصب جماهيرها، ولم تخفت بسبب تفشي استسلام اللبنانيين لليأس إنما لأن هناك 250 ألف لبناني بين عمر ال25 و45 عاما غادروا البلاد منذ العام 2019 حتى اليوم وهذا ما يحثنا على الإستمرار في مبادئ وقيم ثورة 17 تشرين الأول لنبني لهم وطنا منزها عن مفهوم المحاصصة والفساد. وطن أبعد ما يكون على صورة المنظومة الحاكمة اليوم"يختم خلف.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o