Oct 14, 2023 11:10 AM
خاص

تعديل اصول المحاكمات الجزائية.. القانون لا يسري إلا على الضعيف!

 

يولا هاشم

المركزية – سُئِل الجنرال شارل ديغول حين دخل باريس محررًا عن مدى سوء حال البلاد، فقال: "إذا كان القضاء بخير .. فهو الدعامة الأساسية للنهوض بالدولة"، وحين بلغ اقتصاد بريطانيا الحضيض بعد الحرب سُئِل ونستون تشرشل عن وضع القضاء، فقال: "طالما القضاء والعدالة في البلد بخير فكل البلد بخير". أما في لبنان، فما حصل من تمييع قضية انفجار المرفأ وقضايا الفساد المالي يؤكد بما لا يقبل الشك أن القضاء ليس بخير، وكل محاولات تصويبه تبوء بالفشل جراء التدخلات السياسية.

واخيراً، انطلقت ورشة لتعديل بعض بنود أصول المحاكمات الجزائية لجهة الارتياب والخصومة لمنع وقف التحقيقات كما هي الحال في ملف انفجار مرفأ بيروت والملف المالي، إذ لا بد من إعادة إطلاق عجلة التحقيق في ملف المرفأ للوصول الى الحقيقة كما وإكمال التدقيق الجنائي في الملف المالي لكشف الحقيقة. وبالفعل، بدأت ورش عدة بالتوازي، في نقابة المحامين وأخرى في جمعية المصارف وأيضاً في لجنة الادارة والعدل، لإعداد الاقتراح ووضع التعديلات التي تمنع تعطيل التحقيقات. ومن المتوقع ان تنجز مهمتها قريبا لتبدأ بعدها لجنة الادارة والعدل بمناقشة الاقتراحات المطروحة وتبني الافضل من بينها. فهل تنجح وتصل الأمور الى خواتيمها المرجوّة؟

رئيس مجلس شورى الدولة سابقاً القاضي شكري صادر يقول لـ"المركزية": "لا يمكن ان نجزم لأن الأمور كلها مرتبطة بالنيات. ومثال بسيط على ذلك: عندما أفلس بنك "انترا"، تمّ إصدار قانون "كابيتال كونترول" في اليوم التالي. فما الحال عندما أفلست الدولة اللبنانية ومعها المواطن اللبناني؟ كان يجب إصدار قانون "الكابيتال كونترول" في مهلة أقصاها 24 او 48 ساعة فقط. لكن ما زلنا حتى اليوم نبحث بـ"الكابيتال كونترول" ونفكر في إمكانية إصداره وما هي محاذيره.. ما سمح للجميع بتهريب أموالهم إلى الخارج، ونقصد هنا النافذين في الدولة وليس عامة الشعب، وذلك لعدم وجود نيّة لوضع قانون الكابيتال كونترول. هنا الامر نفسه، التعديل الذي يُحكى عنه يحتاج الى ثلاث كلمات فقط ولا يحتاج الى هذا الكمّ من الاجتهادات، ولو "بدها تشتي كانت غيّمت".

ويضيف: "لو لم يكن هناك أشخاص "مستفيدين" من تعطيل العدلية كي يبقوا بمنأى عن الملاحقات، لكان يجب إصدار هذا القانون منذ ثلاثة سنوات، منذ بدأت قضية تفجير المرفأ ليس القاضي طارق البيطار بل قبله القاضي فادي صوان. اليوم بات معلوماً ان هذه الاعمال التي يقومون بها من إقامة دعاوى، تدخل في إطار "تعسف باستعمال حق المقاضاة"، ما يحصل هو "تعسف" (un abus)، والتعسف يفترض سوء النية، لكن لم نجد أي شخص حتى الآن يضع مشروع القانون الذي يحتاج الى ثلاث كلمات، ومن ثم يُرسِله إلى اللجان حيث يحتاج الى اسبوع كحد أقصى لدراسته، ليُقرّ بعدها في الهيئة العامة. ورغم عقد المجلس النيابي منذ ذلك الوقت حتى اليوم عدة اجتماعات، لم يفكّر أحد بوضع هذا القانون على جدول الاعمال. اذاً "النية" لدى المتنفذين في البلد ولدى الطبقة الحاكمة المارقة، ان تجعل هؤلاء المتنفذين خارج إطار المقاضاة. المقاضاة تقام على عامة الشعب، بينما في دولة قانون يجب ان تطال الجميع. لكن اين نحن من دولة القانون بوجود أشخاص يعطّلون. السلطة التشريعية هي من تعطل إقرار هكذا قانون. إذاً هذه الصورة الفعلية، اما غير ذلك فكلام بكلام، والخروج إلى الاعلام والتبجح  "انا مبسوط، انا عملت قانون" فلا يفيد. لأن هذا القانون يحتاج لإقراره فقط الى تعديل مادة او مادتين في قضية مسؤولية الدولة الناجمة عن أعمال القضاة وفي قضية رد القضاة، تعديل بسيط جدا كي تستقيم الامور".

ويختم صادر: "حتى الآن هذا الأمر لا يحصل، لأن لا نيّة عند هذه الطبقة ان تقرر بأن تُخضِع نفسها للقانون، لأن مَن يُلاحق هي هذه الطبقة من حاكم مصرف لبنان الى وزراء في قضية انفجار المرفأ الى نواب الى رؤساء حكومات.. وهؤلاء يقولون بأن القانون وُضَع ليُطبَّق على الضعيف وليس عليهم".  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o