Oct 08, 2023 1:05 PM
خاص

"تسريبات" و"شائعات" تدير الاستحقاق ورغبات "دفينة" أسقطت سيناريوهات وهمية

طوني جبران

المركزية - بقدر ما تعددت المواعيد الخاصة بالاستحقاق الرئاسي تعززت الخيبات بانجازه، ولا سيما تلك المتصلة بمواعيد الجلسة الحاسمة وجهود الوسيطين الفرنسي والقطري وغيرهما، وصولا الى الحديث عن لقاءات ستعقد في هذه العاصمة او تلك  بقليل من المصداقية والجدية بعد الاحجام عن السعي وراء المعلومة الصادقة، او تلك التي تم التداول بها بكثير من الاستخفاف سعيا الى ما يسمى بالسبق الصحافي دون مراعاة مدعيها الواقع ودون احتساب حجم التعقيدات المحيطة بها من زوايا عدة محلية كانت أم اقليمية ودولية.

وتأسيسا على هذه المعطيات ومعها الحديث عن المرشح الثالث واللائحة الجديدة وما حوتها من "أسماء علم" وأخرى "مستبعدة"، فقد تناسلت الأخبار المضللة التي تعرضت للتشكيك من مراجع مختلفة وخصوصا التي تتعاطى مع الاستحقاق بكثير من الجدية بانتظار ما ستسفر عنه المساعي الحميدة لدول الخماسية وتجاوز العقبات التي تواجهها بعدما تهاوت عدة مبادرات واحدة بعد أخرى.

وعند دخولها في التفاصيل تكشف المصادر المطلعة عبر "المركزية" ان معظم ما تردد في الفترة الاخيرة عن حراك الموفدين الفرنسي والقطري لم يكن دقيقا ولا ثابتا بدليل أن أولى المواعيد التي ضربت لزيارة الموفد القطري العلني وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد الخليفي والتي حددت قبل فترة في الخامس من الشهر الجاري قد تجاوزتها التطورات ولم تتحقق. حتى ان حراك الموفد القطري السري المقيم  في بيروت تحول الى مصدر للشائعات التي قالت بانه غادر بيروت في موازاة تسريبات تحدثت عن لقاءات عقدها في اليومين الماضيين ويستعد لجولة أخرى مكثفة الأسبوع المقبل مع عدد من القيادات في الوقت الذي كان من المفترض لو صحت المعلومات حول برنامجه أن يكون في قطر.

وإلى هذه الروايات التي دحضتها الوقائع تباعا، تردد ايضا ان الموفد الرئاسي الفرنسي الشخصي جان ايف لودريان الذي زار السعودية بعد "لقاء نيويورك الخماسي" سيقوم بزيارات الى قطر وربما قصد القاهرة أيضا. وقد تأكد امس انه في باريس منذ أن عاد اليها من الرياض وهو ينتظر شيئا ما قبل أن يفكر بتحديد موعد زيارته الرابعة الى بيروت. وهو الموعد الذي نال حصته من الجدل بين القول أنه حدد في نهاية ايلول الماضي، قبل تاجيله  الى الاسبوع الاول من تشرين الاول الجاري إلى أن قيل انه مرجح نهاية الشهر الجاري. لكن الوقائع قالت نقلا عن زوار العاصمة الفرنسية في الساعات القليلة الماضية أنه ليس على أجندته أي زيارة خارجية غير تلك التي جمعته بوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في أيلول الماضي بمشاركة كل من المستشار المفوض لدى الحكومة السعودية نزار العلولا والسفير السعودي في بيروت وليد البخاري الذي عاد الى بيروت بخفي حنين وهو يحيط تحركاته بقليل من المعلومات عن نشاطه و لقاءاته مع نظرائه الديبلوماسيين والكتل النيابية من مختلف الأطراف.

وفي موازاة هذا الغموض الذي يلف مجريات الاستحقاق تتزايد نسبة الأخبار التي تحدثت إحداها عن اجتماع رابع سيعقد على مستوى دول الخماسية في الرياض في وقت قريب من دون اي إشارة تؤكد هذا الحدث. وكل ذلك يجري تزامنا مع تسريبات عن عروض قطرية واغراءات اغدقت على هذه الشخصية أو تلك، من دون اي اشارة واضحة الى النتائج المتوخاة منها قبل اكتمال عقد التفاهمات التي يمكن أن تقود إلى الحل. ذلك أن الثمن عند تحقيق أي حل لا يمكن أن تعقد نفقتة  قبل تحقيقه. فمثل هذه الهبات المالية والمساعدات التي تقرر تقديمها الى لبنان لن يستحق اوانها مسبقا لان الاولوية هي للحلول. وان الحديث عن عروض مالية بهذا الحجم، تنفي اهمية وجدية سلسلة المواصفات التي وضعتها اللجنة الخماسية للرئيس العتيد المطلوب. وخصوصا انها ربطتها بانتخاب رئيس من خارج الطبقة الفاسدة ولم تتلوث يداه بالأموال العامة، وتوجهات المنظومة الفاشلة التي قادت البلاد الى ما هي عليه اليوم. كل ذلك من اجل تشكيل منظومة حكم جديدة تقود لبنان الى زمن الاصلاحات المطلوبة اداريا وماليا وسياسيا واقتصاديا قبل ان يحظى لبنان باي مساعدة او هبة مادية تؤدي الى التخفيف من الأزمات المتناسلة لولوج حقبة الحكم الرشيد واعتماد الحوكمة كما يشدد اعضاء اللجنة الذين اقتنعوا واقنعوا المجتمع الدولي وفئات لبنانية واسعة بأن ثروات لبنان نهبت من بعض قيادييه ولو بطريقة مقوننة أحيانا، ولم تكن نتيجة أي حصار غربي او مقاطعة خليجية.

على هذه القاعدة، تعززت القناعة في أوساط سياسية وصالونات ضيقة للغاية، مجموعة من الأفكار والمشاريع المتداولة التي توحي بأن ما هو مطروح حتى اليوم ليس سوى لذر الرماد في العيون. فالازمة الحقيقية بمختلف جوانبها في مكان آخر. وان لدى موفدي الخماسية ومن خلفهم حكوماتهم ودولهم ومعهم قلائل من القيادات السياسية والحزبية طروحات أخرى يتداولون بها في غرف وبقنوات سرية، ما زالت طي الكتمان وقد غلف بعضها بمشاريع الدعوة الى حوار يخفي الكثير مما لا يمكن تحقيقه، ولا يمكن تصديق أهدافه. وإلا ما المانع من أن يلتقي القادة حول ما هو مطروح من عناوين تحقق الاجماع من حولها في السر والعلن لو انها هي المستهدفة من طرح "ملغوم" الى طاولة "وهمية" لن تعقد بعدما اجهضت في مهدها مرتين قبل أن يجف حبر الدعوة إليها بفارق عام بين المحاولة الاولى والثانية.

والى هذه الإشارات الواضحة التي تتحكم بحقيقة الازمة وجوانب مهمة منها، يبقى من المهم  أن يتفهم اللبنانيون ان وراء كل ما يقوم به "الثنائي الشيعي" من رغبات دفينة وسعي للتحكم بالاستحقاق من زوايا مختلفة وإثبات قدرته على المناورة التي أطلقها بتسمية الوزير سليمان فرنجية. وقد ثبتت هذه المشهدية بطريقة ترشيحه وما رافقها وتلاها من تحديات مرفوضة استفزت حلفاءه ومناصريه قبل الخصوم أيا كان الثمن الذي تدفعه البلاد وسط حملة اعلامية وحرب نفسية أدت إلى تيئيس اللبنانيين ودفعهم الى الهجرة.

والاخطر ان كل ما جرى ويجري، ما زال مستمرا في مقابل الحديث الفارغ عن انتصارات وهمية لمحور الممانعة ولم يثبت انها قد تحققت على اي ساحة من ساحات المواجهة بحيث انه لا يمكن الإحتفال بها في أي من تلك الملتهبة التي دمرت فيها انظمة ودول وهجر وقتل الملايين من ابنائها.  فكيف في لبنان الذي بات على ابواب "الارتطام الكبير" يعاني ما يعانيه من أزمات عميقة ومعقدة ومنها موجات الهجرة المنظمة من دولة جارة رغب قادتها ومناصروها بإعلان انتصارها واستعادة حضورها في الحضن العربي في ما هي على عتبة حرب جديدة بوجهيها الاقتصادي والعسكري ما بين السويداء المنتفضة جنوبا والعشائر العربية التي تبحث في شمال شرق البلاد عن قوت لاهلها، وصولا الى "مجزرة" الكلية الحربية في حمص الى الحرب المتجددة في شمال وشرق البلاد بمشاركة الطيران التركي والسوري والروسي عدا عن المسيرات، وكلها تجري على وقع الغارات الاسرائيلية التي تستهدف العمق السوري ومناطق مختلفة من البلاد.

وقياسا على ما تقدم يبدو واضحا أن البلاد تدار بمجموعة من الشائعات والسيناريوهات الوهمية التي تخالف حقيقة ما يجري من مفاوضات سرية وسعي الى تفاهمات صعبة، لن تفضي الى انتخاب الرئيس العتيد في المدى المنظور لالف سبب وسبب توصلا الى تحقيق ما يؤدي الى انتهاء مرحلة خلو سدة الرئاسة وازالة العشب الذي نبت على مداخل قصر بعبدا.

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o