Sep 06, 2023 3:16 PM
خاص

اردوغان... على خط الوساطة بين واشنطن وموسكو؟

يولا هاشم

المركزية - يتولّى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مهمّة ترطيب اجواء العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا من خلال ترتيب اجتماع اميركي - روسي يعقد هذا الشهر على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة سواء بين الرئيسين جو بايدن وفلاديمير بوتين او بين وزيري خارجية البلدين انطوني بلينكن وسيرغي لافروف. وبحث مسألة الحرب في اوكرانيا والعمل على انهائها ووقف النار انطلاقا من المبادرتين الصينية والتركية. قد تسهم هذه الخطوة في قيام تحالفات جديدة، بعد عودة  الولايات المتحدة الى منطقة الشرق الاوسط لتمسك مجددا بزمام الامور وقد فشلت موسكو في إنهاء الحرب في سوريا. كما تعود واشنطن أيضاً الى لبنان وسوريا والعراق بعد مغادرة روسيا وايران سوريا من خلال تفاهم روسي - اميركي. فهل تنجح هذه الوساطة؟ 

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان "اردوغان كان يعوّل على دور يلعبه كوسيط قوي من خلال تجديد اتفاقية الحبوب كونها الاطار الفعلي لعمليات التسوية في السلام القادم من خلال نجاحها من عدمه. لكن انسحاب موسكو من اتفاقية الحبوب في حين كان يعوّل الرئيس التركي على عودتها، أضعفت عمليا موقف اردوغان في الوساطة، وبالتالي يبدو ان بوتين لم يُسلِّف أردوغان أي شيء ايجابي، وكأنه يحاول ان يعرض عليه إلغاء اتفاقية الحبوب وعقد اتفاقية تشبه تصدير الغاز التي قامت سابقا بين تركيا وروسيا، فتصبح موسكو ممولة للحبوب لأنقرة التي بدورها تصدره إلى العالم، وهكذا تستطيع روسيا الخروج عن العقوبات المفروضة عليها من خلال خروجها من الاتفاقية السابقة، وضمان اتفاقية جديدة لها. وقد بان جلياً خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الطرفان بأنهما لن يوقعا على اي اتفاقية تخص الحبوب، وذلك بسبب الخلافات الكبيرة التي ظهرت منذ انتخاب اردوغان". 

ويشير العزي الى ان "الولايات المتحدة قدّمت بعض الحوافز لأردوغان، تمثّلت بضرب وإضعاف حزب العمال الكردستاني في سوريا وشق "قسد" من خلال انتزاع المكون العربي في سوريا. رأينا قبل فترة صراعا روسيا على اعادة مفهوم ودور اتفاقية إدلب ما بين روسيا وتركيا وكانت موسكو تريد الإطاحة بالاتفاقية السابقة التي تخول بسط الجيش السوري ونظام الرئيس السوري بشار الاسد سلطته على منطقة ادلب، لكن الاتراك رفضوا العمل بالاتفاقية مطالبين بإعادة النظر بها. وحصل نوع من الضغط الروسي على تركيا، لكن موسكو أرسلت رسالة للاميركيين والغرب مفادها، أولاً إرسال مقاتلي أزوف الذين أودعوا لدى تركيا وتسليمهم الى أوكرانيا بزيارة زيلينسكي كهدية من الدولة التركية، وثانيا لا تزال هناك بين تركيا واوكرانيا ربما اتفاقيات فاعلة من خلال تفعيل تصنيع السلاح. وقد شاهدنا البارحة نقطتين، الاولى انقلاب جديد في موازين القوى من خلال استخدام طائرات بيرقدار لضرب مناطق في القرم، والثانية تعيين وزير دفاع من التتر المقربين لأردوغان في اوكرانيا والذي هو رستم عميروف وهذه رسالة للجاليات المسلمة والتركية والتترية بأن العلاقة مع اوكرانيا اصبحت ذات مخالب وليست علاقة فارغة".  

ويرى العزي ان "الاسفين الذي تلقّته أنقرة من روسيا بعدم تجديد اتفاقية الحبوب لن يخدم موسكو نهائيا وسيؤدي في النهاية الى ردود فعل تركية سنلاحظها لاحقا في مجالات عديدة، ستكون تركيا قادرة على هذا الرد، وسيكون الباب مفتوحاً اكثر امام الولايات المتحدة لتقديم حوافز لدفع تركيا للانخراط الجزئي بما تقتضيه اتفاقيات الناتو وخاصة ان تركيا جزء من حلف شمال الاطلسي، وقد لا تكون هناك عقوبات مباشرة عليها، لكن سيكون هناك تضييق فعلي على نقاط كثيرة تبدأ في سوريا وتقديم حوافز للاوكران من خلال نقاط عديدة ستقوم بها الدولة التركية، لأن اردوغان كان يقدم نفسه كوسيط الى جانب الامم المتحدة وروسيا واوكرانيا في عملية تفعيل اتفاقية الحبوب، التي عملت فيها لمرتين وجددتها، وكان يأمل ومتأكدا ان روسيا ستعود وتنضم. لكن هذه النقطة ستسمح لتركيا حتى بإخراج او المساعدة على إخراج القمح الاوكراني عبر مطار أوديسا لأن تركيا ستكون موجودة في البحر وربما سترفع الاعلام التركية وهذا سيزعج الروس، وبالتالي ستكون هناك ردود فعل على عدم الانخراط. وأعرب بوتين عن استعداده للعودة الى اتفاقية القمح إنما بشروط، منها السماح بإعادة تفعيل البنك الزراعي من خلال ربطه بنظام السويفت او بتصدير الأزوت والمواد الزراعية الى اوروبا. وهذا لن تقبله الدول الاوروبية وستعمل اكثر على جر القمح وأخذه باتجاه الدانوب عبر المرافئ البديلة كمرفأ اسماعيل القريب من رومانيا".  

ويضيف العزي: "لذلك، لن يكون هناك تقارب فعلي ما بين روسيا وواشنطن عبر تركيا لأن روسيا لم تقدم اي حافز لتركيا تستطيع من خلاله القول للغرب والناتو وواشنطن بأنها مفاوِض ووسيط محايد وايجابي في هذه العملية وربما هذا يعود الى الخلافات التي بدأت تتراكم في العلاقة التركية - الروسية حول نقاط عدة، اهمها سوريا والبحر الاسود ودعم اوكرانيا وموقف الاتراك من تتر القرم الذين ينتمون الى القومية التركية. وبالتالي بدأت الخلافات تأخذ المكان الطبيعي، لكنها على ما يبدو ستُطبَخ على نار هادئة ولن تكون هناك ردود فعل سريعة، لكن الخلاف بدأ يشتعل بين الطرفين". 

ويختم: "تركيا كانت تطمح الى أن تكون لاعباً جيداً في قمة العشرين التي ستعقد في نيودلهي في الهند حيث أغلب المشاركين من الوسطاء الداعين الى ايجاد مخرج فعلي للحرب الاوكرانية – الروسية، وكانت ربما تعوّل على مبادرتها من خلال توسيع اتفاقية القمح لتشمل اتفاقات اخرى تكون قاعدة لأساس طرح التفاوض الروسي - الاوكراني المباشر، لكن الروس لم يقدموا لتركيا هذه الجائزة او هذه المهمة، ومن هنا ربما سيكون الدور التركي الذي كان يعول على شراكة مع المملكة العربية السعودية التي استضافت قمة المصالحة او مقاربة الاراء في جدة لايجاد حلول للأزمة الاوكرانية - الروسية ولن يكون الدور الفاعل، وقد يكون انعاكسه سلبيا على تطور ومجرى العلاقات القادمة، وقد نلاحظ هذا الشيء في سوريا اكثر. وما يحدث حالياً في دير الزور وتصفية "قسد" قد تكون ورقة او هدية من قبل الولايات المتحدة لاستمالة انقرة نحو طروحات واشنطن والناتو لتفعيل دور تركيا القادم في الناتو واتخاذ قرارات أكثر فاعلية وقابلية للحياة". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o