Aug 28, 2023 4:49 PM
خاص

جمود ينحو الى تراجع رئاسيا...دور قطر انتهى وزيارة لودريان لا تحمل حلا

يولا هاشم

المركزية – هي أيام تفصل عن الموعد المرتقب للموفد الفرنسي جان ايف لودريان للعودة الى بيروت منتصف ايلول . ورغم الجو التشاؤمي الذي يلفّ الزيارة خاصة الانطباع الذي يسود في الأوساط السياسية أنّ لودريان يغرِّد وحيداً وبعيداً عن التنسيق مع الخماسية الدولية والعربية التي يُفترض أنّها كلّفت فرنسا أو أعطتها فرصة لإيجاد مخرج للأزمة المستعصية في لبنان، لا تزال الأنظار مشدودة الى هذه الزيارة والى النتائج التي يمكن أن تحققها. 

أمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي علي حجازي الذي زار اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري يقول لـ"المركزية": " حتى الساعة يبدو ان لا موعد محددا لزيارة لودريان، وواضح جدا ان هناك نوعا من التباين او التضارب في المعلومات حول طبيعة مهمته، وهل هي تمثل فرنسا ام الدول الخمس. هذا الموضوع يحتاج الى نقاش معه، لأن لودريان حينما حضر الى بيروت، قال في لقاءاته أنه جاء ليُعبّر عن موقف الدول الخمس، لكن لاحقاً، نفت بعض هذه الدول هذا الكلام واعتبرته غير صحيح وأنه  يعبّر عن الموقف الفرنسي، خاصة مع الأخطاء التي ارتكبها من خلال الرسالة التي وجهها الى النواب، حيث كانت غير موفقة، أولاً من حيث الشكل، فهناك سيادة بلد ونواب منتخبون، ولا أعرف لماذا لم يتحسس السياديون من هذا الموضوع المستفز. وثانياً معايير انتقاء النواب الذين خاطبهم، حيث يبدو أن لم تكن هناك قواعد واضحة لهذه العملية، لكن المهم  أنه أكد ان مجموعة الـ13 التي تسمى مجموعة التغييريين، بغض النظر عن مدى موافقتنا على هذا التوصيف، ليسوا كتلة واحدة أو رأياً واحداً. والسؤال المطروح: اذا اجاب النواب على هذه الرسالة، هل هذا يعني أننا وصلنا الى تقاطع، وبالتالي أصبح من السهل إسقاط الاسم على هذه المواصفات؟ ما المغزى؟ كل فريق أعلن مواصفات مرشحه وبالتالي الى أين سيؤدي ما طرح؟ وكأنها عملية شراء وقت".  

ويضيف حجازي: "لذلك لا يبدو من السليم الرهان بشكل كبير على هذه الزيارة. فهي لن تقدم او تؤخر في المشهد. لا سيما ان هناك أجواء دولية ضبابية ومستجدات على ما يبدو على الساحتين الدولية والاقليمية لا تؤشر الى إمكان الوصول الى تفاهمات كبرى. والمعروف ان الملف اللبناني يحتاج الى تفاهم كبير، يبدأ في واشنطن ويعبُر الى الرياض ويصل الى طهران ويمرّ في دمشق ويرسو في بيروت. والاكيد ان الرهان على دور قطري في العملية قد انتهى مع انتهاء دور الدوحة الاقليمي الذي ارتبط سابقاً بثورات ما سمي بالثورات العربية او الثورات المصطنعة او الملوّنة، وبالتالي قطر غير قادرة على فرض أي حلّ، خاصة في ظل الحديث اليوم عن زيارة لموفد قطري الى لبنان. لذلك يبدو ان الأمور مجمّدة، بحسب كل الاتصالات الحاصلة على المستويين الداخلي والخارجي، وليس هناك من خارطة طريق او مسار حلّ. منطق الامور يقول اننا نحتاج، في ظل التباين الخارجي الكبير في وجهات النظر بين الدول الخمس حيث تبرأت بعض الدول مما طرحه لودريان، ان نذهب الى حوار داخلي. اليوم هناك حوار بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله". هل هذا الحوار سيصل الى نتائج؟ شخصيا لست متفائلاً، إذ يبدو ان هناك أسئلة بدأت تطرحها قوى سياسية معينة حليفة للطرفين حول طبيعة المشروع الذي يطرحه "التيار"، وهل ينسجم مع اتفاق الطائف؟ هل يؤسس الى مشروع لامركزية ام أكبر وهذا لا يمكن ان يمر؟ وعلى افتراض انه وصل الى نتائج بين الطرفين، فهو ليس كافيا ويحتاج الى توسيع مروحة التوافق حوله، وتوسيع المروحة غير وارد بشكل كبير، والدليل على ذلك السجال الحاصل بين حركة "امل" و"التيار" . وهناك قوى سياسية كـ"القوات اللبنانية" و"الكتائب" حتى بعض النواب التغييريين جاهروا برفضهم الجلوس على طاولة حوار، وبدأ حاليا البعض يربط أوهامه بما يظن أنه ثورة في سوريا. وينتظر ويعتبر انه قادر على شطب حزب الله من المعادلة الداخلية او خلق ظروف تشبه الـ2005... هناك اوهام كبيرة تدفع هؤلاء الى رفض الحوار. لكن إذا لم يحاوروا حزب الله، هل هم قادرون على فرض رئيس من دون موافقة "الحزب"؟ بالرغم من كل الاختلاف مع وليد جنبلاط لكن اوافقه الرأي بفكرة وحيدة وهي وجوب محاورة حزب الله، كحزب وكفريق سياسي وازن في البلد. المشكلة الاضافية ان لهذا الفريق مرشحا، بينما الفريق الآخر لا تبدو أجواء ما بعد الجلسة النيابية ان ما زال لديه مرشح، وكأن مسألة ترشيح جهاد أزعور انتهت لحظة طرق الرئيس نبيه بري مطرقة انتهاء جلسة التصويت الأخيرة. وحتى ازعور كمرشح اين هو اليوم؟ اذاً هذا الترشيح كما قلنا كان "تقطيع وقت". لذلك لا يبدو ان الامور تتجه نحو حلّ، بل هي في مرحلة جمود مع القليل من التراجع". 

ويتابع: "المطلوب اما تسوية خارجية تفرض حلا في الداخل وفق موازين القوى القائمة في البلد واما حوار داخلي عميق ينتج تفاهمات تُخرِج البلد من هذا المأزق، لا سيما اننا لا نحتمل المزيد من التخبط وتضييع الوقت، خاصة في ظل الحديث عن شتاء قاس والوضع الاقتصادي صعب ومعقد لاسيما الحديث عن دولرة الاقساط المدرسية. هناك مسكنات في مصرف لبنان لكن اصحاب المصارف يشيعون ان هناك انفجارا قادما ويشنون حملة في الكواليس على حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وان هذه الاستراتيجية ستؤدي الى انفجار. إذا نحن بحاجة الى حلّ". 

ويشير حجازي الى ان " خارجيا لا يبدو ان الامور وصلت الى تفاهم ولا يبدو الملف اللبناني اولوية، فما الذي يمنع القوى اللبنانية من ان يكون هذا الملف اولويتها. هناك فريق يقبل الحوار وآخر يرفض. الفريق الاول يعتبر ان الحوار سيؤدي الى نتيجة، لكن هل يمكن للفريق الآخر ان يخبرنا الى اين سيوصله رفض الحوار؟ اذا رفضوا الحوار هل سيذوب حزب الله؟ وما البديل عن الحوار؟ والمؤسف ان الاعلام يضع من يريد الحوار في خانة المعطل. هناك فريق لديه مرشح وآخر يراهن ويطلب جلسة ثانية لربما "بيظمط" جهاد ازعور. لكن في بلد كلبنان لا يمكن لرئيس ان يصل بضربة جزاء خاطئة بل يحتاج الى رئيس مُتفاهَم عليه. وصل نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب الى درجة طرح انتخابات نيابية مبكرة. هناك استعصاء واضح. عام 2016 كانت هناك مجموعة تتحدث مع بعضها البعض، حزب الله والتيار متفاهمان على مرشح والذي بدوره أجرى حوارا مع الرئيس سعد الحريري واقنعه ومع رئيس حزب القوات سمير جعجع وأقنعوه. اليوم ليس لدينا سعد الحريري والقوات لا يريدون الحديث مع احد والتيار لا يتحدث مع ثلاثة ارباع البلد وحزب الله نصف القوى السياسية لا تريد التحدث معه، الى اين وعلى ماذا الرهان. على لودريان؟ لودريان يمون في الملف اللبناني بقدر ما يمون لبنان في الملف الاميركي الداخلي. لا تستطيع فرنسا ان تفرض مرشحا بل لم تتمكن من تسويق مرشح. والسعودية غير مكترثة للملف اللبناني والولايات المتحدة ايضاً، والدور المصري غير حاسم، وقطر غير قادرة على لعب الدور الذي لعبته عام 2008، والسوري لا يريد اساسا الحديث بالملف اللبناني ويعتبر نفسه غير معني. تاريخيا هذه هي الدول التي كانت تفرض حلا في الساحة الداخلية، فعلى من نراهن؟ 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o